رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب غزة.. ازدواجية المعايير تفضح متاجرة القوى الغربية بحقوق الإنسان

غزة
غزة

أسقط العدوان الإسرائيلي الذي تحول إلى جريمة إبادة جماعية مستمرة بحق الفلسطينيين ورقة التوت عن الولايات المتحدة والقوى الدولية التي صورت نفسها على مدار العقود الماضية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية على أنها راعية حقوق الإنسان والحريات في العالم. حسبما يرى حقوقيون تحدثوا لـ"الدستور".

وسقط في الحرب التي دخلت شهرها السابع، ما يقارب 35 ألف شهيد، بينهم نحو 9 آلاف امرأة على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة، فضلا عن بقاء العديد من الضحايا تحت الأنقاض، وأكثر من 13 ألف طفل منذ بداية الحرب.

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي الذي انطلقت فيه عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أعلنت الولايات المتحدة دعمها المطلق لـ تل أبيب وحكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، وهو الدعم الذي لم يتراجع رغم ارتكاب قوات الاحتلال العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تجرمها الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية.

ازدواجية صارخة 

ويرى المحامي والخبير الحقوقي محمود البدوي، أن الولايات المتحدة فقدت الأحقية في إبداء الملاحظات أو حث الدول على تغيير سياساتها أو التدخل في الشئون الداخلية للدول بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان بعد ما شهده العالم كله من انحياز صارخ لجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وأضاف البدوي لـ"الدستور"، أن السلطة الأخلاقية التي كانت الولايات المتحدة والغرب الأوروبي يتعاملان بها مع دول العالم النامية قد سقطت من الحسابات بسبب الاستمرار في دعم حكومة ترتكب جريمة الإبادة الجماعية ويشاهدها العالم عبر شاشات التليفزيون ومن خلال الإنترنت.

وشدد على ضرورة الفصل بين قيم حقوق الإنسان السامية، وبين ممارسات هذه الدول التي تتصف بالازدواجية الشديدة في المعايير، خصوصًا أن هذه القيم النبيلة متجذرة في في الثقافة المصرية والعربية، وقد عرف المصري القديم هذه الحقوق وقدسها، وجاءت الأديان السماوية لتؤكد أهمية وحرمة حقوق الإنسان الأساسية.

وتابع بقوله: لا يمكن القول بأن هذه الدول هي من اخترعت حقوق الإنسان، ولهذا يجب التمييز بين ازدواجية هذه الدول في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية في مختلف دول العالم، وبين احترامنا لحقوق الإنسان الذي ينبع من داخلنا بعيدًا عن أي ضغوط خارجية.

حقوق لصيقة بالإنسان

من ناحيته، قال الأمين العام للجمعية النرويجية للعدالة والسلام في أوسلو طارق عناني، إن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة وهي لصيقة بالإنسان منذ ولادته، بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العرق أو الدين، وغيرها من الاختلافات البشرية الطبيعية.

وأضاف عناني لـ"الدستور"، أن ازدواجية معايير الدول في التعاطي مع حقوق الإنسان، وإقامة الدنيا بسبب انتهاك يقع في مكان ما ثم غض الطرف عن نفس الانتهاك في مكان آخر ليست مشكلة حقوق الإنسان في حد ذاتها، وإنما هي أزمة أخلاقية تتعلق بتلك الدول التي تتاجر بالقيم الحقوقية، وتوظفها لخدمة بعض الأجندات السياسية هنا أو هناك.

وأشار إلى أن واحدة من أكثر أزمات الساسة حول العالم، هي احتراف الكذب وادعاء الدفاع عن الحقوق والحريات وتبني القضايا الإنسانية، لافتا إلى أن العدوان على قطاع غزة، والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال كل يوم، جاءت بمثابة سقوط ورقة التوت عن القوى الدولية التي لطالما تشدقت بقيم حقوق الإنسان، واتخذتها ذريعة للتدخل في شؤون الدول وفرض عقوبات عليها، حتى أنها وصلت إلى احتلال دول ذات سيادة بدعوى الانتصار لحقوق الإنسان وقيم الحرية والديمقراطية.

فيتو أمريكا

وأحبطت الولايات المتحدة عددًا من مشروعات القرارات المتعلقة بإدانة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال، أو منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن عبر استخدام حق النقض "فيتو".

وقمعت قوات الشرطة الأمريكية على مدار الأسابيع الماضية انتفاضة طلاب الجامعات الأمريكية المحتجين على جرائم الحرب في غزة، والتي تدعمها الولايات المتحدة عبر إمداد إسرائيل بالمال والسلاح من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.

وفي الوقت الذي تقود في واشنطن حلفا دوليا لدعم أوكرانيا التي تتعرض للغزو الروسي، تمنح حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة الضوء الأخضر لتدمير قطاع غزة وقتل المدنيين باستخدام القنابل الأمريكية، وهو ما اعترف به الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرًا عبر شاشة قناة CNN الأمريكية.