رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طريقة اختيار الوزراء..... التموين نموذجاً


أ.د نادر نور الدين محمد

تأخر إعلان الوزارة الجديدة لمدة 25 يوما بعد الإعلان الرسمى بفوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية مما خلق شعورا بالقلق لدى العامة بين سياسات مرتقبة لرئيس جديد ووزارة سابقة تطبق سياسات تختلف تماما مع توجهات الرئيس.

أخيرا جاء تكليف الدكتور هشام قنديل وزير الرى الذى اختاره عصام شرف فى وزارته الأولى وقيل وقتها إنه بترشيح من شخصية دينيه أطلقت على نفسها اسم «أمين الثورة» ثم استمر الدكتور قنديل فى وزارة الجنزورى لحساسية ملف الرى وصراعاته الحالية مع دول المنابع. من المعلوم أن منصب رئيس الوزراء من المفترض فيه أن يكون شخصية قيادية عالمية عالمة بمختلف مشكلات البلد فى جميع مجالاتها تجعله الشخصية الأقوى بين الوزراء حتى يستطيع فرض رؤيته ومتابعة تنفيذ سياسات حكومته بكل حزم لسابق تاريخه وعلمه وشخصيته القيادية وهذا ما نتمناه فى الدكتور قنديل.

إسناد رئاسة الوزراء لأحد الوزراء الحاليين سياسة اتبعها مبارك منذ حكومة الجنزورى ثم عاطف عبيد وأخيرا أحمد نظيف ثم أحمد شفيق متصورا أن رئيس الوزراء يجب أن يكون صاحب خبرة وزارية سابقة، متخليا عن سابق نظريته فى استقدام رئيس وزراء من خارج الحكومة يمكنه أن يحدث تحولا جذريا فى السياسات لا تكون امتداداً لحكومة يتم تغييرها لتقصيرها أو لقصور معظم وزرائها كما حدث فسابق اختياره لعاطف صدقى وفؤاد محيى الدين وعلى لطفى، ولعلهم هم الأنجح والأفضل أداء من نظرائهم المنتمين لنفس الوزارة التى يتم تغييرها. ومن أهم عيوب الاستعانة برئيس وزراء ينتمى إلى الحكومة السابقة تعاطفه مع عدد من الوزراء القدامى من أصدقائه الذى قضى معهم شهورا طويلة وربما كان بعضهم يسانده فى مواقفه فلا ينسى له هذا الفضل بصرف النظر عن مهنيته وكفاءته وعلمه ونجاح سياساته أو فشلها. العيب الثانى أن رئيس الوزراء القادم من خارج الوزارة عادة ما يستعين بأحسن الخبرات فى مختلف التخصصات دون أن يطلب من الوزراء السابقين ترشيحات لبعض مرؤسيهم فى الوزارة ممن يمكن أن ترقى وتتحمل مسئولية الوزارة وتحمل لقب الوزير ولكنه عادة ما يطلب المساندة من ثلاث جهات سيادية تحتفظ دائما بقائمة تضم أفضل خمس كفاءات يمكن أن تقود كل وزارة من وزارات الدولة وتضعها بحيادية أمام رئيس الوزراء المكلف. ولأن الدكتور قنديل ينتمى للوزارة السابقة فقد لجأ إلى الخيار الأول بالطلب من زملائة السابقين ترشيح أربعة موظفين من كل وزارة يمكن أن تحمل حقيبة الوزارة حتى من بعض الوزراء الذين أعلنوا كراهيتهم للتيار الإسلامى ورفضهم العمل فى حكومة هذا التيار،ولذلك أطلق عليها الخبراءبأنها حكومة الموظفين. وبالتأكيدفإن كل وزير سابق ستشتمل ترشيحاته على مدير مكتبه أولا ثم وكلاء الوزارة المقربين منه والمنفذين لأوامره، كما سيتم ترشيح بعض من صغار الموظفين القادرين على انهيار أداء الوزارة إلى أسفل سافلين لأنه لا أحد يريد أن يكون الوزير الجديد بالأفضل منه ويسعى دائما لأن تندم الدولة على عدم استمراره فى الوزارة ضاربا بالمصلحة العامة عرض الحائط. ومن العيوب المهمة أيضا فى اختيار الوزير الجديد من موظفى الوزارة أنه تشبع بروتين وأداء وأفكار الوزارة بل والوزارات السابقة وكان منفذا وراعيا لسياستها وبالتالى فلن يغير شيئا من سياستها التى نفذها عن قناعه كما أن أغلب الموظفين الحكوميين يجيدون فقط تنفيذ ما يصدر إليهم من أوامر ولا يجيدون طرح الأفكار الجديدة ورسم السياسات المستقبلية وبالتالى تترك بصمتك فى الوزارة وتضيف للكرسى ولا يصبح الأمر مجرد اكتساب لقب.

ولسابق عملى كمستشار لوزير التموين عام 2005 ثم عضو بالجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات الغذائية حتى يناير من هذا العام فقد تعاملت مع جميع العاملين بالسلع التموينية ورغيف الخبز والشركات الثلاث والعشرين التى تضمها الشركة القابضة للصناعات الغذائية وأعضاء مجالس إدارتها وجميعهم للأسف من الأعمار السبعينية والثمانينية فلا أحد فى مصر يخرج إلى المعاش أبدا لأن عضوية مجلس إدارة إحدى هذه الشركات فى انتظاره وما أدراك بأرباح أعضاء مجلس الإدارة السنوية التى تقدر بمئات الألوف من الجنيهات، وبعضهم يرأس مجلس إداراتها منذ عشرين سنة دون أدنى تفكير بتجديد الدماء وضخ سياسات جديدة بدلا من السياسات التى تؤدى إلى خسارات فادحه لثلثى هذه الشركات ومع ذلك يصرفون الأرباح بكل راحة ضمير على حساب فقراء هذا الشعب.

السيد وزير التموين الحالى كان نائبا لرئيس مجلس إدارة الشركة القابصة للصوامع والمطاحن إحدى شركات القابضة للصناعات الغذائية منذ خروج سيادته إلى المعاش عام 2002، وبالتالى له إحدى عشر سنة فى هذا المنصب. أولى تصريحات وزير التموين الجديد أنه عايش صناعة رغيف الخبز المدعم فى الصوامع والمطاحن ويعلم جميع خباياه وبالتالى يعلم كيف يطوره ويحسن من إنتاجه،! وهنا يأتى السؤال ولم إذا لم تطوره أو تحسن من إنتاجه طوال الأحد عشر عاما الماضية وكنتم المتحكم الأول فى مواصفات الرغيف الذى يصنع من القمح الذى يخزن بصوامعكم ويطحن فى مطاحنكم وبالتالى فأنتم المتحكمون فى نوعية الرغيف الذى يعانى منه المصريون طوال السنوات السابقة وبإشرافكم هل لا بد أن تكون وزيرا حتى تعمل وتصلح؟!. نذكركم أيضا بأزمة الدقيق الأوكرانى الذى دخل صوامعكم ومطاحنكم فى عام 2007 وأنتج عجينا بدون عرق ودقيقا أزرق اللون وتدخلتم بالتوصية بإضافة النشاء إلى العجين حتى يتماسك بما غير من مذاقه!. ليت الأمر يتوقف عند ذلك عدد محاضر القمح الفاسد المضبوط فى صوامع الدولة فى مختلف محافظات الجمهورية وعدد محاضر الدقيق المخالف للمواصفات الخارج من المطاحن بالمئات بالإضافة إلى كميات الدقيق التى يتم تسريبها للسوق السوداء. الأمر الأخير أن وزير التموين ليس مسئولا عن توفير الرغيف المدعم فقط للمصريين بل مسئولا أيضا عن الرغيف الحر الذى يستهلكه 22 مليون مصرى، وكذا توفير جميع السلع الغذائية فى الأسواق المصرية وليس السلع التموينية المربوطة على بطاقة التموين فقط لأنه وزير تموين كل المصريين وليس وزيرا لتموين السلع المدعمه فقط. ولسابق علاقاته ومصالحه بأصحاب المطاحن والمخابز والصوامع فمن المتوقع أن تكون أول قرارات الوزير رفع أسعار إنتاج الرغيف المدعم للمخابز على الرغم من أن الأسعار الحالية لم يمر عليها سوى أقل من ستة أعوام فقط وعادة لا يتم النظر فى تغيير الأسعار قبل مرور عشر سنوات على الأسعار السابقة، وبالمثل أيضا سيرفع أسعار الطحن والتخزين فى الصوامع تحسبا لمستقبل ما بعد الوزارة بصرف النظر عن الصالح العام والمحافظة على مخصصات الدعم وعدم إنفاقها على الأغنياء.

■ أستاذ بكلية الزراعة- جامعة القاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.