رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقال الرئيسين والملك

بالإنجليزية، نشرت «الدستور» فى صفحتها الأولى، أمس، المقال المشترك، الذى كتبه الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والذى نشرته، أيضًا، صحف مصرية، عربية، وأجنبية، من بينها «الأهرام»، و«الرأى» الأردنية، و«لوموند» الفرنسية، و«واشنطن بوست» الأمريكية، وطالب فيه القادة الثلاثة بالوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة.

على ضوء الخسائر البشرية التى لا تطاق، دعا القادة الثلاثة إلى التنفيذ الفورى وغير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم ٢٧٢٨، وأكدوا من جديد دعمهم المفاوضات، التى تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، وحذروا من العواقب الخطيرة للهجوم الإسرائيلى على مدينة رفح الفلسطينية، التى نزح اليها أكثر من ١.٥ مليون فلسطينى، موضحين أن مثل هذا الهجوم لن يؤدى إلا إلى مزيد من الموت والمعاناة، وزيادة مخاطر وعواقب التهجير القسرى الجماعى لسكان غزة، ويهدد بالتصعيد الإقليمى.

مقال الرئيسين والملك يعنى، ببساطة، أن الرؤية الفرنسية باتت متطابقة، أو فى طريقها للتطابق، مع الرؤيتين المصرية والأردنية. ولعلك تتذكر أننا كنا أوضحنا، فى مقال سابق، أن موقف الرئيس الفرنسى تحوّل، تدريجيًا، من الانحياز الواضح لدولة الاحتلال، والدعم المطلق لما وصفه بـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»، إلى التشكيك فى «أهداف الحرب» والمطالبة بوقف إطلاق النار. وضمنيًا، أكد هذا التحول التدريجى إريك شوفالييه، سفير فرنسا لدى القاهرة، الذى أشار إلى أن بلاده تسعى إلى مزيد من التعاون مع مصر والأردن وتهدف إلى بلورة ذلك بمواصلة عقد الاجتماعات المشتركة بين مسئولى الدول الثلاث، خاصة على مستوى وزراء الخارجية، والتى كان آخرها فى ٣٠ مارس الماضى.

المهم، هو أن المقال المشترك جاء بعد أيام قليلة من الزيارة السريعة التى قام بها الرئيس السيسى إلى المملكة الأردنية الشقيقة، والتى التقى خلالها الملك عبدالله الثانى. كما سبقه بأيام قليلة، أيضًا، اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا، فى القاهرة، لمناقشة القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. وتأكيدهم، فى بيان مشترك، أهمية دور مصر فى جهود تخفيف معاناة أهالى القطاع، وفى المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار. ووقتها، أشرنا إلى أن الدول الثلاث تتشارك، مع ألمانيا، فى مجموعة أو صيغة ميونيخ للسلام، التى جرى وضع إطارها العام فى فبراير ٢٠٢٠، الذى يقوم على أن تسوية النزاع الإسرائيلى الفلسطينى على أساس حل الدولتين لا بديل عنه لتحقيق سلام شامل فى المنطقة.

قادة مصر والأردن وفرنسا أوضحوا، أيضًا، أن السلام فى المنطقة لن يتحقق بالعنف والإرهاب والحرب، وأن السبيل الوحيد لتحقيق سلام حقيقى هو إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على أساس حل الدولتين. وبعد إدانتهم كل انتهاكات القانون الإنسانى الدولى وتجاوزاته، وتأكيدهم أن وكالات الأمم المتحدة، خاصة «الأونروا»، تؤدى دورًا حاسمًا ويجب حمايتها، أدان القادة الثلاثة قتل العاملين فى مجال الدعم الإنسانى، بما فى ذلك الهجوم الأخير على قافلة «المطبخ المركزى العالمى»، وأوضحوا أن إسرائيل خالفت القانون الدولى حين لم تلتزم بضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وكرروا ما طالب به مجلس الأمن من رفع العوائق أمام المساعدات، وإلزام إسرائيل بأن تقوم فورًا بتيسير إدخالها عبر جميع نقاط العبور، بما فى ذلك فى شمال قطاع غزة وعبر ممر برى مباشر من الأردن، وكذلك عن طريق البحر.

.. وأخيرًا، أكد الرئيسان والملك، فى مقالهم المشترك، الذى نشرت «الدستور» نسخته العربية، فى صفحتها الخامسة، أنهم مصممون على مواصلة تكثيف جهودهم لتلبية الاحتياجات الإنسانية والطبية والصحية لسكان غزة، بالتنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين. كما أكدوا الضرورة الملحة لاستعادة الأمل فى تحقيق السلام والأمن بالمنطقة، خاصة للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، داعين جميع الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن اتخاذ أى إجراء تصعيدى، ووضع حد لجميع التدابير الأحادية، مشدّدين على ضرورة قيام إسرائيل بمنع عنف المستوطنين واحترام الوضع التاريخى والقانونى القائم فى المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، ودور الوقف الأردنى تحت الوصاية الهاشمية.