رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسامة الشاذلى.. رحيل السلطان


فاجأنا أسامة الشاذلي جميعا ومضى، الصحفي والروائي والوثائقي المعتبر، كنا نعلم أنه متعب، لكنه كان مقاوما عظيما، كان لا يبالي سوى بالإنجاز في مجالاته العديدة، أما المشكلات الصحية فكان قادرا عليها، ولو ضغطه الحال إلى حد لا يحتمل؛ فإنه كان يفضفض على صفحته بالسوشيال ميديا، وقد يتأوه تأوها علنيا ليخفف عن نفسه المعاناة، ثم يوالي كتاباته الناقدة في أوجه الأنشطة المختلفة، يواصل آراءه الرفيعة النزيهة فيما يدور من حوله، كأن شيئا لم يكن!
أسامة مواليد 12 ديسمبر 1973، وليد جيل انتصار لا انكسار، وقد تخرج في الكلية الحربية المصرية عام 1994، وعمل ضابطا بسلاح المدرعات، ثم ترك الخدمة في 2005 ليتفرغ لهواياته الأثيرة، إلا أن بعض طباعه ظل ظلالا لجيشه، الفروسية بالذات، وظل هو خلف الجيش في كل المناسبات والأحداث، لم ينثن عنه لحظة، وقد امتلأت جنازته بزملائه ودفعته من العسكريين، وبالأساس أقيم عزاؤه في أحد مساجد القوات المسلحة.
عمل أسامة في الصحافة الورقية، نال منها خبرات وافرة كافية، ثم شرع في تأسيس صحافته الإلكترونية الخاصة وبنائها، وكان يدافع عن المحررين العاملين بهذه الصحافة، لا سيما الشباب، متمنيا أن ينالوا عضوياتهم النقابية، وكافة حقوقهم كصحفيي الورق، وقد تتلمذ على يديه عدد كبير من الصحفيين، يضلعون الآن بمهامهم ناجحين بفضل تعليمه وتدريبه.
أصدر أسامة مجموعتين قصصيتين وعدة روايات، كان وثابا ومتميزا في دائرة الكتابة الإبداعية، ينسى ما أنهاه ليبدأ ما ناداه، آخر رواية أصدرها كانت "السلطان"، شهد توقيعها في معرض القاهرة الدولي الأخير للكتاب، وهي الرواية التي التصق عنوانها به، ربما لأنها نتاجه الختامي، وربما لأن العنوان يعبر عن بعض صفاته، كالقوة والسيطرة، وإنما كان قويا ومسيطرا بقوة الحق وسيطرته!
في نطاق الأفلام التسجيلية كان منتجا ومخرجا هماما مغامرا، عظيم الموهبة كان، وكانت هذه الأفلام بمثابة جزء أساسي من حياته الشخصية، أي كأنه يؤرخ لنفسه من خلالها، كما يرصد خفايا المجتمع ودقائقه، وقد حقق إضافة في هذا النطاق، وأثرى الشاشة بأفلام بديعة مختلفة، ستبقى شاهدة على إخلاصه ونبوغه 
الصادقين.
أسامة هو والد اللاعبة "فرح الشاذلي" نجمة يد الأهلي ومنتخب مصر، عاش يفاخر بقدراتها الجبارة كحارسة للمرمى، كأنها تصد عن شخصه هجمات الخصوم، وإن كثر أصدقاؤه وقل أعداؤه؛ لأنه كان بسيطا وصافيا وجميلا..
الإعلامية الرائعة رشا الشامي كانت الزوجة وشريكة الأعمال، وكانت تعني سيدات الأرض جميعهن عنده، كان يؤمن بطاقتها الهائلة أشد الإيمان، ويثق في اختياراتها وتصرفاتها أعظم الثقة، ويحبها، وهذاك الأهم، حبا يوازي قصص الحب التي خلدها الشعر!
ذهب أسامة وبقيت آثاره المضيئة الوافرة، جده واجتهاده ومثابرته ولطائفه الإنسانية الجمة ومقالاته وكتبه وشرائط أفلامه، والذين لم يخذلوه في الحياة ولا الممات.