رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسامة ريان: الروح الساخرة تسكن قصة زيارة

جانب من الفعاليات
جانب من الفعاليات

 قال الكاتب القاص  أسامة ريان إن قصة "حجرة الأشياء المنسية" للكاتب القاص والروائي سيد  الوكيل تنتمي إلى كتابات الهزيع التالي من العمر في تداعيات ذاكرة الموظف الخارج تواً للمعاش ، فيتبين نسيان بعضا من "أشيائه" في المصلحة الحكومية وقد غادرها، فيكون مضطراً إلى العودة في نفس دورة حياته التي امتدت إلى ثلاثين عاماً كإنسان آلي، جاء ذلك في الأمسية القصصية التي عقدت مساء أمس الخميس ضمن فعاليات منتدى "أوراق" بمؤسسة "الدستور"، بمشاركة المبدعين: سيد الوكيل، صفاء عبدالمنعم، سمير فوزي، هناء متولي، وقدم الندوة الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله، متحدثًا عن النصوص، وإشكاليات القصة القصيرة وتحولاتها، والسردية الجديدة، وتنويعاتها اللا نهائية، كما تطرح الندوة سؤالًا جماليًا حول مستقبل القصة القصيرة.

وأشار ريان إلى أن الوكيل يحاول أثناء مشواره هذا تذكر ماذا نسي هناك؟ هنا يبدأ السارد حيل "العلامة" كما وردت عند "دي سوسير" لأنها توجز القص بينما توسع من خيال القارئ وتكثيف الزمن –خاصة في الفلاش باك الكثيف هنا- فمثلا يتذكر ولاعة أبيه القديمة -هنا إحالة إلى استخدام البنزين في السابق- وتتوالى الأشياء بتداعياتها: صورة زميلته (هدى كمال) بإشارة إلى مغامرات حميمة، يتخللها وجود طفلها، مع اشارة إلى تجاوزها مرحلة الجاذبية، وأيضا إشارة إلى شيك معونة مالية من صديقه (الذي عاد في صندوق بعد وفاته –الغامضة- في الغربة، إشارة أخرى إلى ظروف سياسية)، ثم يقحم الخيال ببقية الحواس مثل رائحة العرق في بعض الأغراض والملابس في تلك الغرفة التي هداه إليها الموظف حيث المفقودات (بحيث تبدو رائحة الكتان كالكفن) ويتخلل ذلك حالة من تماهي جود الطفل –ابن هدى- مماثل له في طفولته.

أما عن قصة "الأحمر خلص" للكاتبة صفاء عبد المنعم ، أكد ريان على ان من العنوان يبدو المنحى أخلاقي لدى ساردة هي أم ، في إشارة إلى حالة -تراها الساردة- من تراجع في الذوق العام، ما اضطرها إلى التدخل في المترو لإجلاس فتاة متعبة محل شاب "متجاهل" الموقف، فتنتابها حالة من الحنين إلى زمن تراه "أفضل أو أجمل". 

ولفت ريان الى ان يتصادف هذا مع حنين –اقتصادي- لنفس الزمن في مواجهة الغلاء تتلاقى هنا تلك الفترة "الجميلة" مع اسم المحطة "ناصر"، كأن الساردة هنا تكرس لفكرنا –الأصولي-الذي يفترض دائما أنه كان عندنا ما يسمى "الزمن الجميل" !

وعن قصة "زيارة" للكاتب القاص سمير فوزي ،يؤكد ريان على أنه نص ملئ بالإيماءات بروح ساخرة مؤلمة، ليس أقلها الاحتفاء بوفاة مُخبر-مع ما تحمله صورته الذهنية في وعي القارئ- والاهتمام بمقبرته في إشارة إلى حالة من الطبقية أيضاً في رحلة النهاية، أوصاف لبهرجة القبورعلى واجهة الشارع، ولعل البراعة هنا تتجلى في قصة الحب بينه وبين زوجته –الأرملة فيما بعد- وكيف انها تفخر به وتتذكر حالة رخاء كان يوفرها لهم –ويبدو هنا أنها لا تدرك أن الأعطيات التي كانت تصل بيتها هي قهرا- وتأتي المفارقة من أنها كمحبة لزوجها الراحل تذهب إلى قبره للمناجاة معه في أمورها الحياتية، فيفاجئها "التربي" أنها تزور المكان الخطا، فمقبرته في الشارع الخلفي !!

أما عن قصة "سبب مفاجئ للنوم الطويل" للكاتبة الروائية والقاصة هناء متولي فإنه يبدو هنا حنين الساردة للثورة القارة في عمق وجدانها، خاصة وأنها بدأت القص بـ"حتى" كما لو كانت في استرسال لا ينقطع لأحداث الثورة –ربما كحل شبابي لمشكلات ترتبط باستقرارها وحبيبها- فتبدو في تهويمة شعورها بالحر الرهيب في نهار أغسطس، مايدفعها إلى سلوك الأماكن المعتادة للثوار إبان أيام الثورة، المطعم لترطب جسمها بالماء في الحمام، ويلفت نظرها وجود شبكة التواصل الاجتماعي.