رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفريق عبدالمنعم رياض.. مهندس الخطة «200» لمواجهة إسرائيل

الفريق عبدالمنعم
الفريق عبدالمنعم رياض

يحمل الجنرال الذهبى الفريق عبدالمنعم رياض مسيرة حافلة بالعطاء والبطولة، منذ التحاقه بالقوات المسلحة المصرية، حتى ارتقائه شهيدًا فى الصفوف الأمامية لجبهة القتال ضد العدو، فكان نموذجًا للقائد، الذى يقاتل وسط جنوده ويموت شهيدًا فداءً وطنه.

ولد الجنرال الذهبى فى ٢٢ أكتوبر ١٩١٩، فى قرية سبرباى بمدينة طنطا، وكان والده القائم مقام- رتبة عقيد حاليًا- محمد رياض عبدالله، قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية.

بدأ الفريق رياض حياته العسكرية بالالتحاق بالكلية الحربية، التى تخرج فيها عام ١٩٣٨، ثم حصل على شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام ١٩٤٤ وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز فى إنجلترا. 

شغل عدة مناصب، ففى عامى ١٩٤٧ و١٩٤٨، عمل فى إدارة العمليات والخطط فى القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان فى فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبى لقدراته العسكرية التى ظهرت آنذاك.

وتولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات فى عام ١٩٥١، وكان وقتها برتبة مقدم، ثم عيّن قائدًا للواء الأول المضاد للطائرات فى الإسكندرية، عام ١٩٥٣، وفى العام التالى اختير لتولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات فى سلاح المدفعية، وظل فى هذا المنصب إلى أن سافر فى بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتى عام ١٩٥٨ وأتمها فى عام ١٩٥٩ بتقدير امتياز، وحصل على لقب «الجنرال الذهبى». 

وتمت ترقيته فى عام ١٩٦٦ إلى رتبة فريق، وأتم فى السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا، وفى ٣٠ مايو ١٩٦٧، عيّن قائدًا لمركز القيادة المتقدم فى عمان، وأُعلن قائدًا عامًا للجبهة الأردنية، لكن لم يمض أسبوع حتى استدعاه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ليعينه فى ١١ يونيو رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزى إعادة بنائها وتنظيمها، بعد أن تأثرت بالنكسة. 

وحقق الجنرال الذهبى انتصارات عسكرية فى المعارك والحروب التى خاضها، كتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى ٢١ أكتوبر ١٩٦٧، كما أنه صمم الخطة «٢٠٠» الحربية التى طُورت بعد ذلك، لتصبح خطة العمليات فى حرب أكتوبر، وكان على يقين أن العرب لن يحققوا النصر إلا فى إطار استراتيجية شاملة، تأخذ البُعد الاقتصادى فى الحسبان وليس مجرد استراتيجية عسكرية، وكان يؤمن بأنه إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة، وأتحنا لها الوقت الكافى للإعداد والتجهيز، وهيأنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك فى النصر الذى وعدنا الله إياه.

وفى صبيحة يوم ٩ مارس عام ١٩٦٩، قرر عبدالمنعم رياض أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة، ليرى نتائج المعركة ويشارك جنوده فى مواجهة الموقف، فانطلق يطوف المواقع فى الخطوط المتقدمة، ويتحدث إلى الضباط والجنود، يسألهم ويسمع منهم، ويرى ويراقب ويسجل فى ذاكرته الواعية ويرفع من الروح المعنوية للجنود.

وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدمًا التى لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى ٢٥٠ مترًا، ووقع اختياره على الموقع رقم ٦، وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو فى اليوم السابق، وفجأة بدأ الضرب يقترب، وبدأت النيران تغطى المنطقة كلها، وكان لا بد أن يهبط الجميع إلى حفر الجنود فى الموقع.

وشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة فى حياة الفريق عبدالمنعم رياض، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التى كان يقف فيها وسط جنوده، واستمرت المعركة التى كان يقودها الفريق عبدالمنعم بنفسه نحو ساعة ونصف، إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها، ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء، أصيب ونقل إلى مستشفى الإسماعيلية، وتوفى فيه متأثرًا بجراحه، بعد ٣٢ عامًا قضاها فى الجيش المصرى.