كبسولة فلسفية| محمد جادالله يكتب: المنهج الفلسفي
تأتي هذه الكبسولة إجابةً عن مقصدنا الثاني، الذي أثرناه في نهاية كبسولتنا «الفلسفة.. والحياة» أداتك لتنظيم حياتك، أنه لابد من الوقوف على الفهم الصحيح للمنهج الذي تعمل من خلاله الفلسفة، حتى تكتمل لنا الصورة الصحيحة المنظمة حول الفلسفة، لذلك وجوب علينا أن نتساءل كيف يمكن للفلسفة التي ترسم لنفسها الطريق، هل لديها وسيلة تستخدمها لبيان معالم هذه الطريق؟
عزيزي القارئ كلمة «منهج» (بالإنجليزية – Method)، لفظ مشتق من اليونانية «ميتا» ومعناها باتجاه والمقطع الثاني للكلمة «أدوس» أي الطريق فتكون الكلمة من الأصل اليوناني «ميتاأودوس» أي «باتجاه الطريق». والمعنى اللغوي قريب من المعنى الاصطلاحي، ففي اللغة المنهج أو المناهج هو «الطريق الواضح».
أما في المعنى الاصطلاح، نجد ان المنهج هو السلوك النظري أو العملي الذي ينبغي أن نتوخاه من أجل بلوغ غاية محددة. وتصمم الفلسفة المنهج العام للمعرفة وهو الجدل المادي، وتشكل أعم قوانين تطوير العالم المادي الأساس الموضوعي للمنهج الجدلي وهذا المنهج لا يحل محل مناهج العلوم الأخرى، ولكنه يشكل أساسها الفلسفي المشترك، ويستخدم كوسيلة معرفة في جميع المجالات. والقارئ للفكر الفلسفي يلاحظ ووجود مصطلح مناهج البحث وهو فرع من المنطق ينصب على دراسة المنهج بوجه عام، وعلى دراسة المناهج الخاصة للعلوم المختلفة.
ونلاحظ صديقي القارئ إلى أن الفلاسفة اتفقوا على المفهوم، ولكنه اختلفوا في طريقة البحث والدراسة، فنجد سقراط انتهج منهجًا في البحث والفلسفة، وعرف هذا المنهج "بالتهكم والتوليد". ففي المرحلة الأولى كان يتصنع الجهل، ويتظاهر بالتسليم بأقوال محدثيه، ثم يلقي الأسئلة ويعرض الشكوك، بحيث ينتقل من أقوالهم إلى أقوال لازمة منها، ولكنهم لا يسلمونها فيوقعهم في التناقض ويحملهم على الإقرار بالجهل. كما يشير المنهج عند أفلاطون، إلى البحث وإلى الطريقة المتبعة في أثناء المعرفة.
وكان أفلاطون يستعمل هذا اللفظ كمرادف للفظ "المذهب"؛ ثم ربط الرواقيون مفهوم المنهج بمفهوم τέχνη "تكني"، كما ربطه فلاسفة القرون الوسطى بمفهوم Ars "آرس"، جاعلين من المنهج جملة الطرق الصالحة في مجال ما للحصول على عناصر وأشياء جديدة. وشيئًا فيشيئًا أصبح هذا اللفظ يستخدم عندما يقع تأمل البنية الصورية للعلوم، ولا سيما بنية علم الهندسة، حيث يرتبط مفهوم المنهج بمفهوم النظام والاستدلال الضامن لصحة المنهج العلمي.
اقرأ أيضًا..
