رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المفكر سمير مرقص: نفتقر فضيلة «المراجعة الدائمة» وابتكار سياسات جديدة.. ونحتاج إلى الخبير «المثقف» لا «الموظف»

المفكر سمير مرقص
المفكر سمير مرقص

- قال: علينا إيجاد مساحة أوسع للمثقفين من خارج السلطة ومراجعة وتعديل الأفكار التى نستوردها من الخارج

- «كورونا» كشفت انحياز المنظومة الاقتصادية للأثرياء وسطوة الشركات الاحتكارية فى إدارة شئون الكوكب

- الجائحة لحظة مصيرية للبشرية ورسالة للإنسان المعاصر سجلتها فى كتابى «أحلام فترة العزلة»

- المصرى لديه قدرات كامنة وخبرات متراكمة وعمق حضارى يظهر فى الاستجابة للتحديات

قال المفكر السياسى، الدكتور سمير مرقص، إن جائحة كورونا كانت لحظة مصيرية للبشرية وحملت رسالة للإنسان المعاصر ليلتقط أنفاسه، كما كشفت عن انحياز المنظومة الاقتصادية العالمية للأثرياء، وأوضحت مدى سطوة الشركات الاحتكارية فى إدارة شئون الكوكب، بالإضافة إلى أنها شجعت على مراجعة الأنظمة السياسية وإعادة النظر فى المؤسسات والقواعد التى بُنيت فى القرن العشرين، ولم تعد تصلح للعصر الحالى.

وأوضح، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أنه حاول رصد تداعيات الجائحة وتأثيراتها فى كتابه «أحلام فترة العزلة»، الذى صدر مؤخرًا، وأثبت فيه أن المصرى لديه قدرات كامنة وخبرات متراكمة وعمق حضارى يجعله يستجيب للتحديات بطريقته الخاصة، مشيرًا إلى احتياج مصر لإيجاد مساحة أوسع للمثقفين من خارج السلطة مع مراجعة وتعديل الأفكار المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى الاعتماد على الخبير المثقف لا الموظف فى إدارة شئونها.

■ ما الذى أسفرت عنه تجربة جائحة كورونا بالنسبة لك؟ 

- سجلت فترة جائحة كورونا فى كتاب «أحلام فترة العزلة»، الصادر مؤخرًا، حين ابتعدت عن المشهد العام لمدة سنة، والجائحة هى لحظة مصيرية بالنسبة للبشرية كلها وليس مصر فقط، وجاءت أقرب لرسالة للإنسان المعاصر، وكأنها تقول له: «توقف.. تمهل قليلًا.. التقط أنفاسك».

وقد أخذت الموضوع بهذا المعنى، وبالتالى فزاوية الرؤية اتسعت ووضحت أكثر، وخبرة السنين والتراكم المعرفى مع المستجدات التى طرأت فى العالم أصبحت كأنك تراها فى لحظة واحدة، وكانت فرصة للنظر بنظرة جديدة إلى تاريخ مصر، وتاريخ الدولة الحديثة فيها، وما الذى جرى للمجتمع المصرى والتحولات الجيلية، فالأجيال الجديدة فى مصر مختلفة جذريًا، ليس فقط عن أجيالنا، لكن عن الأجيال القريبة منها، وهناك أيضًا تحولات طبقية اجتماعية حدثت فى المجتمع المصرى، والجوانب النفسية للشخصية المصرية تغيّرت بشكل عام أيضًا.

ونحن نعانى من عدم مواكبة كل تلك الأشياء فى مصر، فربما تجد دراسات خارج مصر عما يحدث فيها، وتكون أكثر حداثة ومواكبة لما يحدث.

لذا، فعلى مدار عام تقريبًا خلال جائحة كورونا، كانت لدىّ الفرصة لرؤية العالم وأنا فى البيت، خصوصًا أن التقنيات الحديثة تساعد فى ذلك.

■ هل الجائحة لم تكن كافية ليتعلم العالم كيف يكون ديمقراطيًا؟

- جائحة كورونا شجعت فكرة الخروج الشعبى، وأطلق عليها الحركات المواطنية القاعدية، فليست صدفة أن تكون هناك محاولات لمراجعة الأنظمة السياسية، فى فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، خصوصًا فرنسا التى تشهد حركات مواطنية قاعدية من مختلف الألوان، خرجت محتجة على أنظمة الحكم والمؤسسات التى تُدار بواسطتها الأمور والشئون العامة التى ولدت بعد الحرب العالمية الثانية، والرسالة الواضحة من الشعوب، وهى أن كل وعود تلك الدول تتراجع بشدة.

وواحدة من إيجابيات كورونا، هى أن هناك حركة ما أصبحت موجودة فى العالم، ففى فرنسا يتوافق اليمين مع بعض اتجاهات اليسار مع الطبقات الوسطى، والريفيون يتجمعون لمواجهة الأحزاب التقليدية القديمة، والمزاج العام لدى المواطنين فى العالم هو أن الأشكال التقليدية التى عرفها الكوكب من بعد الحرب العالمية الثانية تحتاج إلى إعادة نظر، فالذين ما زالوا أسرى القرن العشرين عليهم أن يدركوا أن القرن العشرين انتهى ورحل، ونحن فى سياق آخر بقواعد ومعادلات أخرى.

■ كيف أثرت كورونا على تغيير أنماط التفكير فى مصر، وما الذى أزعجك فى ذلك؟

- انزعجت من بعض الرسائل التى صدرت من بعض التوجهات الليبرالية الجديدة فى مصر، التى كانت تقول للمصريين: «انزلوا اشتغلوا»، وهذا فى بداية جائحة كورونا، وذلك يعكس قسوة الليبرالية المتوحشة، وكان هذا الكلام فى الأيام الأولى من الموجة الأولى لكورونا، وهذا أشد قسوة، ما يؤكد فكرة أن العالم كله يعانى بسبب الرأسمال المتدفق العابر للحدود، لأننا جزء من هذا العالم ولسنا منفصلين عنه.

والمصرى لديه قدرات كامنة، وربما للوهلة الأولى يمكن أن تقول إن المصرى مستكين أو سلبى، وهذا كلام غير دقيق، فالأسرة المصرية كانت تناضل فى لحظة غامضة أيام جائحة كورونا ولحظة خطر وتهديد، وظلت تناضل، وكان النضال فى جزء منه إيمانيًا، وجزء آخر مسئولية.

وخامة المصرى بها شىء مميز، فخبرة السنين والعمق الحضارى لشخصيته تخرج فى لحظات معينة، وتظهر فى هذا النوع من الأزمات، وجائحة كورونا أظهرت قدرة المصريين على مواجهة التحديات، وكان المصرى يصارع ويناضل ويبتكر فى التحايل على الأزمة بشكل أو بآخر، وهذه مسألة مهمة جدًا.

والجائحة أثبتت أن الشخصية المصرية تستجيب للتحديات لكن بطريقتها، وهذه خلطة المصرى، فستجده يلتزم لكن لا يلتزم، فالمصرى رأى أشكالًا وألوانًا من الوقائع على مدار سنوات طويلة، وهذا يتم استخلاصه بشكل أو بآخر.

■ أريد التوقف عند لقطات انزعج منها البعض مثل رفض قرية ما دفن ضحية لكورونا.. فهل تفسر ذلك بالخوف أم الخلل فى الشخصية المصرية؟

- هذا يعكس فكرة التناقض، فرغم أن إكرام الميت دفنه، لكن كانت هناك فكرة القلق من أن هذا الشخص معدٍ أو غير ذلك، وأظن أنها لم تكن حالة واسعة، بل كانت قليلة، وتظل هذه الحالات فردية ولا يُقاس عليها، وهى موجودة ولكن لم تكن شائعة حتى يمكن القياس عليها، وكان الأمر يحتاج لتضافر من الأطراف كلها والإعلاء من قيمة الخطاب العلمى فى لحظة معينة.

■ كيف كان أداء الدولة المصرية فى التعامل مع هذا الملف؟

- أعتقد أن الجميع لمس مجهودات الدولة، وفى اعتقادى كان هناك تحد للدولة المصرية، لأن الإعلام وتداول الوفيات والإصابات كانت طبعًا مسألة مزعجة فى فترة من الفترات فى الداخل والخارج، وعندما بدأ التزام الناس بالتوجيه اليومى من جهة ما كان الأمر يعطى ثقة، ولم تكن الدولة تقول إننا فى أفضل حال، وإنما كانت هناك مصداقية فى مصارحة الرأى العام فى هذه الفترة، مثل أى دولة فى العالم، وهذا أعطى نوعًا من المصداقية والثقة.

وعندما توافرت الأمصال تم استخدام تقنيات حديثة فى إعطائها وإرسال رسالة بموعد كل جرعة للناس، ودخل المجتمع فى حالة ايجابية، وكل الأطراف التزمت بمسئولياتها والواجبات التى عليها.

وأعتقد أن التحدى أوجب على الجميع الالتزام، وهذا مفتاح من مفاتيح الشخصية المصرية، وأظن أن المرحلة كانت بشكل عام مقبولة، خاصة فى الفترة الحرجة التى امتدت من منتصف ٢٠٢٠ إلى منتصف ٢٠٢١، واطمأن الجميع، بشكل أو بآخر، إلى لقاحات وزارة الصحة.

■ كانت هناك حالة من التكاتف فى هذه المرحلة.. هل لاحظت ملمحًا سلبيًا فى أثنائها؟

- المؤسسات الدينية وجهات المجتمع المدنى والمؤسسات ذات الطابع المعين للدولة أعتقد أن الموقف كان أكبر منها، ولم تستطع أن تواكب أو تقوم بالدور المفروض أن تقوم به، وفى إسبانيا أو إيطاليا ماذا كان المانع للمؤسسات الدينية فى أن تحوّل دور العبادة، من المساجد والكنائس، إلى مستشفيات ميدانية بإمكانات بسيطة، وهذا ما كان ينقصنا.

أما المجتمع المدنى فيبدو أنه تعود على الخيرية، والخيرية أصلها حالة ولا ترتب الإحساس بالمسئولية، وهذه ذهنية تحتاج إلى تطوير، وهو أن تتحوّل المؤسسات لدور مجتمعى، وأتصور أنه بعد تدشين التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى حدثت نقلة فى الفكر، ولم تعد تتوقف عند فكرة المساعدة فقط، بل أصبح هناك دور مجتمعى ومسئول، وفكرة التحالف جاءت من الأداء أثناء كورونا، فوصلنا لهذا الشكل من العمل التنموى الخيرى، وهذا مطلوب فى المستقبل.

■ كيف ترصد تأثير الثقافة والمثقف على التجربة المصرية؟

- أعتبر هذا نوعًا من المراجعة، وكتبتها فى كتاب «أحلام فترة العزلة» من خلال أكثر من دراسة للتعمق فى الشخصية المصرية؛ لفهم سر الديناميكية والحركية للمجتمعات المتقدمة، ووجدت أن هناك فكرة أساسية فى المجتمعات التى تقدمت بحثيًا وأكاديميًا وعلميًا وإنسانيًا ومعرفيًا، وبالتالى مجتمعيًا، وهى فضيلة المراجعة الدائمة، فعندما تصل لفكرة فهى ليست نهائية لأن العالم يتحوّل ويتغير، وبالتالى فإن الفكرة تتغير بتأثير المتغيرات المجتمعية والكونية والدولية إلى آخره.

وبالتالى، فنحن نفتقد فضيلة المراجعة الدائمة، التى تعيد التفكير والمراجعة والتنظير وابتكار سياسات جديدة، لأن لدينا إجابات يقينية، وفى مرة قلت إن أوراق اللعبة فى يد أمريكا بنسبة ٩٩٪، وهى مقوله قديمة، ولكنها لا تصبح مقدسة طوال الوقت، مع الأخذ فى الاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية فى السبعينيات والثمانينيات ليست هى نفسها فى ٢٠٢٤، وبالتالى فالإجابات اليقينية انتهى زمانها.

وهنا لا بد أن تكون لدينا مراجعة دائمة لكل الأفكار، ووجدت أحد الكتّاب الكبار فى إنجلترا كتب كتابًا، وبعد سنة كتب نفس الكتاب بمقدمة جديدة فيها مراجعة لأفكاره هو نفسه، لكننا نرى فى مجتمعنا أن الكاتب عندما يقوم بتجربة التجديد، فإن المجتمع ينظر إليه بشكل سلبى، فالكاتب الإنجليزى جدد أفكاره الخاصة بالعولمة بمقدمة جديدة ومعطيات جديدة ومقنعة، جعلته يضع تصورًا أكثر حداثة، وهذا لا بد أن يُحترم، على عكس التغير فى الموقف السياسى الذى يمكن أن يكون مرتبطًا بنوع من الاستفادة والانتهازية، وهذا عمومًا مرفوض اجتماعيًا وسياسيًا، لكن أحيانًا ينظر للكاتب فى المجتمع الشرقى بتشكك عندما يراجع أفكاره.

والمثقف المصرى يفتقد فضيلة المراجعة، وتاريخيًا كان محمولًا دائمًا بدرجة أو بأخرى من الدولة أو على السلطة أو من جهة ما أو طبقة ما، فرفاعة الطهطاوى، مثلًا، كان محمولًا على الدولة، رغم أنه المؤسس للفكر الحديث وأهم شخصية ثقافية فى مرحلته، لكنه ولد، لسبب أو لآخر، من رحم الدولة المصرية، لأن المبادرة والتحديث طوال الوقت تكون من الدولة، فمحمد على باشا فى نهضته كان يحتاج لمثقفين وصحفيين، وبعده فى النهضة الخاصة بالزعيم جمال عبدالناصر، كان يحتاج أيضًا لمثقفين، والآن، فالرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قام بمبادرة التحديث كان يحتاج لمثقفين وصحفيين.

والمبادرة كانت دائمًا من الدولة لتخلق مثقفين وصحفيين، حتى بعد ذلك فى الدول الأوروبية تجد المثقف المرتبط بالحزب الحاكم، لكن الذى يعكس فكرة التطور هو أن تكون هناك مساحة أوسع لوجود مثقفين آخرين من خارج السلطة أو الدولة أو الحزب الحاكم.

■ بعض المثقفين يرفع شعار «حتى تكون مثقفًا يجب أن تكون ضد السلطة».. فهل هذا واقعى؟

- المثقف دائمًا ما تكون لديه رؤية مغايرة، وبالتالى يكون هناك اختلاف بين النخبة الثقافية والسلطة فى حال تبنت السلطة أفكارًا مخالفة لما يدور فى أذهانهم، لذا يجب التأكيد على أنه لا بد للجميع من أن يحظى بتكافؤ ما فى التعبير عن الثقافات المختلفة داخل المجتمع.

والصدام الذى يحدث بين المثقفين والسلطة، هو أن مصر لم تبن مساحة قابلة للنقاش بينها وبين هذه الفئة، فلم تتم المعالجة والتخلص من تشوهات النشأة، فيما يتعلق بالجانب الثقافى، وهذه مسألة فى غاية الخطورة على المجتمع حاليًا، ويمكن القول إننا ما زلنا أسرى القرن العشرين، أى أنه يجب أن تكون هناك استعانة بالتجارب دون استنساخها؛ لذا لا يجب استنساخ تجربة طه حسين فى التعليم، ويمكن الاستفادة من هذه العناصر التاريخية وألا يتم تطبيقها دون مراجعة وتعديل.

وعباءة الثقافة فى مصر كانت تتميز بالاتساع الشديد فى العصر الحديث، لذا خرج كثير من العناصر الثقافية المختلفة من هذه العباءة، مثل رفاعة رافع الطهطاوى وسعد زغلول، والإمام محمد عبده، وعلى مبارك، ولطفى السيد، والكتب الثقافية التاريخية مهمة للغاية، ولكن إذا لم تسبقها مقدمة جديدة تواكب العصر الذى تُنشر فيه فستحدث مشكلة عظيمة.

ومصر مثلًا، بعد عام ١٩٢٥، كانت تؤسس لتجربة وطنية فريدة بعيدة عن الخصومة عن الدين، وتيار الإمام محمد عبده كان يمثل هذه التجربة، ولكن بعد ١٩٢٥ كانت هناك رغبة فى استعادة الخلافة مرة أخرى، وليس من الصدفة أن يشجع الإنجليز على فكرة الخلافة، وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين وحدوث الانقلاب على دستور ١٩٢٣، وهذا أدى إلى وجود حالة من الاستقطاب التاريخى الحاد.

وقد حاول الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أن يوازن بين اليسار واليمين، ولكنه لم ينجح فى ذلك، وتمثل هذا فى وزارتى الإعلام والثقافة آنذاك، فكانت الثقافة فى اليسار والإعلام فى اليمين، وهذا التوازن كان ضارًا للغاية، إذ يجب ألا يكون هناك استقطاب حاد ولا سيولة مفرطة، وكان ينبغى التوصل لصيغة تعمل على انصهار الاتجاهين معًا لنصرة الوطن فى النهاية.

■ فى رأيك.. ما الذى نحتاج إليه حاليًا فى هذا الإطار؟

- نحتاج إلى إعطاء مساحات مقننة للمثقفين، وهذا الأمر فى مقدرة السلطة، مع منح المجتمع المدنى مساحة لممارسة دوره الذى يجب أن يقوم به، بحيث نضمن أن تكون هناك رؤية اجتماعية يعمل المجتمع فى ظلها.

والتجربة التكنوقراطية تعمل وفق الخبير الموظف وليس الخبير المثقف، وهذا ليس كافيًا، إذ يجب أن تكون هناك رؤية واسعة لما يحدث فى المجتمع والعالم، فالخبير الموظف سيكون لديه بعض الأخطاء عند وضع السياسة والخطط المجتمعية، وهذا عكس ما يقوم به الخبير المثقف.

والتراجع الثقافى لدينا حاليًا يرجع إلى بعض العوامل، منها أننا نقوم باستنساخ الأفكار واستيرادها من الخارج، لكن لا بد أن تكون هناك مراجعة وتعديل على تلك الأفكار التى يتم استيرادها من الخارج، بحيث تكون هذه التعديلات متسقة مع مبادئ وأفكار المجتمع الذى توجد به.

كما أن الفلاسفة يجب أن يكونوا موجودين فى الشوارع والميادين، وليس فى المكاتب والندوات، وذلك لأن الفلسفة يجب بناؤها من الأحداث التى يعيشها المجتمع والمواطنون على أرض الواقع.

■ ما الذى كشفته جائحة كورونا بالنسبة لك؟

- جائحة كورونا كشفت عن أننا عشنا لمدة ٥٠ سنة تحت منظومة اقتصادية تحكم العالم منحازة للقلة الثروية، أى الأثرياء، وغالبية الكوكب ممن هم خارج شبكة الثراء هم الذين كانوا متضررين حتى فى الدول الكبرى، وظهرت إلى حد كبير سطوة القلة الثروية والشركات الاحتكارية فى العالم فى إدارة شئون الكوكب، حتى فى توجيه الدول.

وهذا ظهر فى تعامل شركات الأدوية والتنافس الخفى من أجل لقاح كورونا، فهنا المال هو القيمة الأساسية، وهذا ما نتج عنه نوع من أنواع المراجعات النقدية للنظام الاقتصادى العالمى، وهذا من إيجابيات كورونا.

وهناك أيضًا تيار نقدى واضح ظهر داخل الرأسمالية العالمية، ويرى أنه لا يمكن الاستمرار بهذا الشكل، مع وجود قلة تدير الماكينة فى العالم، لأن الكوكب بات متضررًا بدرجة أو بأخرى.