رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. حماد عبدالله: يجب تقليص عدد الوزراء من ٣٣ إلى ٩.. والمطلوب الآن اعتماد القيمة المضافة وإلغاء الاقتصاد القائم على «السمسرة»

حماد عبدالله
حماد عبدالله

اقترح الدكتور حمّاد عبدالله، عميد كلية الفنون التطبيقية السابق، تقليص عدد الوزراء فى الحكومة المقبلة، من ٣٣ وزيرًا إلى ٩ وزراء فقط، وإنشاء وزارة للأقاليم الاقتصادية وتقسيم مصر وفقًا لهذه الأقاليم. وخلال حواره مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، قال «حماد» إن ملامح سيناريو الفترة الجديدة للرئيس السيسى ترتكز على أن تكون لمصر بنية أساسية رائعة جدًا، وأكثر من ١٧ ألف كيلومتر من الطرق والمحاور وخطوط القطارات، إلى جانب خطين لوجستيين للنقل من البحر الأحمر للبحر المتوسط.

كما دعا إلى أن تتضمن المرحلة المقبلة فكرًا مختلفًا لتحقيق النمو الاقتصادى وإدارة الاقتصاد فى الدولة، عبر الاعتماد على القيمة المضافة وإلغاء الاقتصاد القائم على العمولات والسمسرة. وحصل الدكتور «حماد» على درجة الدكتوراه المصرية عام ١٩٧٨، إضافة إلى دبلوم أكاديمية الفنون الجميلة فى العمارة والتصميم الداخلى من روما عام ١٩٧٦، وهو عضو فى نقابات عديدة، منها: مصممو الفنون التطبيقية، والفنانين التشكيليين، والمعلمين، وعضوية المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، كما له العديد من المؤلفات، مثل «قضايا وطنية.. ماذا لو؟!»، و«ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١»، و«مسيرة حياة أستاذ جامعى».

■ بداية.. حدثنا عن بدايات الدكتور حماد عبدالله.

- عندما أنهيت دراستى عام ١٩٧٠، كنا فى حرب الاستنزاف، وهذه الفترة كانت من أهم الفترات فى تاريخ مصر الحديث، وبمجرد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، مزقت شهادتى الجامعية من أجل الالتحاق بالقوات المسلحة، على الرغم من أننى لم يكن لى جيش فى ذلك الوقت، وفقًا لقانون الالتحاق بالقوات المسلحة.

ولا أخفى عليك، فالكثير من حملة المؤهلات العليا فى هذه الفترة دخل الجيش طواعية؛ بسبب الروح التى كانت مسيطرة على الكثير من الشباب فى هذه الفترة العصيبة، فالكل من أصحاب الشهادات العليا مزق ورق التخرج، من أجل المساهمة فى النصر والالتحاق بالجيش المصرى. وقررت بعد الحرب السفر خارج مصر، وسفرى بعد الحرب كان بسبب شعورى بعدم وجود أمل، بسبب ما مر به البلد، وهذا ما دفعنى للسفر، فالأحلام دُمرت بعد هزيمة ١٩٦٧، وهذا الإحساس سيطر على الكثيرين، وليس أنا فقط.

وفى الحقيقة بعد حرب ١٩٧٣، كانت الحياة صعبة على كل المصريين بسبب الحرب، ولكن كان النصر غاليًا والروح عالية، خاصة بعد الحرب وعودة الكرامة، كان الأمل ضعيفًا لهذا قررت الخروج من مصر، من أجل أن أصل للنجاح الذى أحلم به. كان الخروج من مصر يكلف ٥ جنيهات فقط، ما يعادل ١٥ دولارًا، وهو مبلغ كان بالنسبة لى فى هذا الوقت باهظًا، وكان معى ٨٠ جنيهًا وذهبت لإحدى شركات السياحة، وقلت لهم: أين يمكن أن أسافر بهذا المبلغ؟، فى هذا الوقت كان السفر إلى الولايات المتحدة يكلف ٩٥ جنيهًا، فلم أجد إلا إيطاليا. بدأت حياتى فى إيطاليا براتب ٥ دولارات، وسفرى لإيطاليا جاء مصادفة، بسبب ضعف مقدرتى المادية، ولكننى كنت أمتلك الإرادة من أجل تحقيق النجاح.

ورغم صعوبة العمل الذى بدأت به فى إيطاليا، فإننى كنت فى مجالى مثل «مو صلاح».

نزلت فى مدينة بجانب المطار، وبدأت أول عمل لى فى غسل الصحون من أجل توفير الطعام، وكان العمل لمدة ٧ أيام فى الأسبوع دون إجازات، وتنقلت من عمل لعمل. وكنت أنا المصرى الوحيد فى ميناء «فيوميتشينو»، والجميع كان معجبًا بفكرة أننى من أحفاد الفراعنة، خاصة بعدما أخرجت الروح المصرية عبر العمل والجهد.

■ أصبحت أمين اتحاد الدارسين فى إيطاليا.. كيف تم ذلك؟

- الشخصية المصرية تحاول بكل الطرق إثبات وجودها فى أى مكان، مهما كانت التحديات، فى مرحلة غسل الصحون فى إيطاليا كان بجانبى ٣ أشخاص فى مكان العمل، وبعد فترة استطعت أن أضاعف الكمية التى أغسلها وتفوقت عليهم، وهنا تيقنت أننى مصرى أصيل بسبب فرضى الشخصية المصرية.

أبسط ميزة فى الشخصية المصرية هو قدرتها على إثبات الوجود، فهى إذا وُضعت فى شىء ستثبت وجودها، فخلال الفترة التى عشتها فى إيطاليا، أصبحت أمين اتحاد الدارسين فى البلاد، كما أننى حصلت على منحة من الحكومة الإيطالية، ودخلت مجال التجارة من خلال المشاركة فى مطعم، وكل هذا دون لغة، كنت أتواصل بلغة الإشارة بسبب عدم فهمى اللغة الإيطالية فى هذا الوقت.

■ كيف ترى ثورة يناير وما بعدها.. وهل تغيرت الشخصية المصرية بسبب ذلك؟

- خروج الشباب من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية أثار تعاطف الرئيس مبارك نفسه، والدليل على ذلك أنه تنحى، وهذا دليل على قوة الشخصية المصرية وعشقها طين الأرض.

الكل تعاطف مع الشباب فى ثورة يناير، خاصة القوات المسلحة المصرية، وأنا أرى أن موقف الرئيس محمد حسنى مبارك، خلال ثورة ٢٥ يناير، فى منتهى النبل منه، لأنه ترك المنصب وأراد أن يموت فى هذه الأرض.

والرئيس مبارك تدرج فى المناصب حتى وصل لكرسى الرئاسة، و«أخطأ حين طالت مدته فى الرئاسة طبقًا للبيروقراطية النامية فى مصر»، ومع ذلك ترك المنصب.

بعد ذلك أصحاب «الدقون» خرجوا من السجون وهم مَن حكموا البلد، وهنا جاء دور الشباب فى ثورة ٣٠ يونيو، من أجل استرداد مصر من خاطفيها، وهذا يذكرنا بفيضان النيل، والرئيس السيسى تم استدعاؤه لإنقاذ مصر، والهوية المصرية عادت بعد ٣ يوليو، بعد خروج المصريين من أجل إنقاذ مصر من الذين اختطفوها.

■ كيف أسهمت القوى الناعمة فى تحقيق النصر والحفاظ على الشخصية المصرية؟

- بعد عام ١٩٦٧ خرجت أفضل الأفلام والأغانى الوطنية لحث المصريين على النصر، واعتقد البعض أن الشخصية المصرية تدهورت، ولكن الشخصية تظهر وقت الأزمات والتحديات الكبيرة.

أى شخص، غير قارئ للتاريخ حينها، اعتقد أن الشخصية المصرية انتهت وأصبحت فى الماضى، فالرئيس جمال عبدالناصر نظم ثورة مع عدد من الشباب ضد الظلم، وحدث العدوان الثلاثى على مصر وخرج الشعب المصرى جميعه، وكنا فى المدارس وكنت فى عمر ١٢ عامًا وتدربنا حينها على الأسلحة.

والرئيس جمال عبدالناصر كان أهم شخص عندى بعد أمى وأبى، ومنذ عام ١٩٦٧ حتى عام ١٩٧٣، خرجت أفضل الأفلام والأغانى الوطنية، ومصر كانت تبدع وقت الأزمات، والمصريون لم يستسلموا بعد ١٩٦٧، وأم كلثوم كانت تبدع فى هذه الفترة، وأدعوك أن تبحث عن قوة مصر الناعمة سترى أنها أبدعت فى وقت الأزمة.

وكان لدىّ بحث فى الكلية، فى إحدى المواد السياسية وطلبت أن أقدم أغنية بدلًا من البحث، وغنيت أغنية «عدى النهار» لعبدالحليم حافظ، وعددًا من الأغانى، وده الإحساس الذى كان يسود هذه الفترة، والأبنودى قال كلمتين، وغنى عبدالحليم الكلمات، فأصبحت الأغنية رمزًا للمرحلة والحالة التى كان يعيشها الشعب.

والقوى الناعمة لمصر تبدع وقت الأزمات، كما قلت، وفى عام ١٩٧٣ لم تسجل حادثة طلاق أو خناقة أو سرقة طوال هذه الفترة.

وقبل ثورة شباب مصر فى عام ٢٠١١، كانت هناك تنبؤات بالأحداث، وفى يوليو ٢٠١٣ ظهر معدن الشعب المصرى، وتم اجتياز مرحلة الانتخابات والدستور، وتولى رئيس الدولة بناءً على طلب الشعب بأعلى نسبة تصويت فى التاريخ المصرى وبحرية كاملة، على غرار مرحلة جمال عبدالناصر، الذى طالب المصريون فى عهده بالرئيس المستبد العادل المستنير، وكانت مصر تحتاج لهذه الشخصية، تحتاج لشخص ينتشلها، رغم ضرورة وجود الحرية وضمان حقوق الإنسان.

وأنا أنظر الآن إلى قانون التصالح الذى لم يقره مجلس النواب بسبب غياب الدولة من عام ٢٠١١ إلى ٢٠١٣، وأنظر كيف بنى الناس بعشوائية فى الطرق والمزارع، فلا بد من وجود أسس سليمة لتصحيح هذه الأخطاء، فالبلد كله كان «خربان»، وكان لا بد من وجود شخص قوى لتصحيح ذلك، إضافة إلى محاربة الإرهاب فى سيناء، وهذا لا يعطى لأى إنسان ذى نظرة ضيقة فرصة لأن ينتقد الوضع الحالى للدولة.

وسيناريو اليوم التالى لنجاح الرئيس السيسى فى الفترة الرئاسية الثالثة يتضمن أولويات العمل الوطنى، وأنا كمواطن مصرى قارئ وباحث وأكاديمى ونقابى، لم أكن أحلم بأن تكون مصر بالشكل الذى عليه الآن كبنية أساسية، وعملت مع الدكتور مصطفى مدبولى فى أثناء عمله فى مركز بحوث البناء، وفى أثناء عمله فى الحزب الوطنى، وعملت معه فى قانون البناء الموحد، والتخطيط لمصر ٢٠٣٠، وبعدها تولى هيئة التخطيط العمرانى، وكنا نحلم بمصر فى شكلها الحالى، وهو ما تم تنفيذه.

وكما قال الرئيس السيسى فى آخر لقاء له، إن البنية الأساسية تخطيط قديم لباحثين على رأسهم مصطفى مدبولى وزملاؤه، وهذا صحيح، وهذا ما كنا نحلم به، وتم تحقيقه بتكلفة كبيرة، وهى كلها مشاريع مؤجلة منذ عهد جمال عبدالناصر، مترو الأنفاق والمحاور والطرق مخططة من عام ١٩٨٣، فكل هذه المشاريع أخذها الرئيس السيسى ذو الشعبية الهائلة وتحمل عبء تنفيذها، وأن ينفذ الإصلاح الاقتصادى، وأن يفقد جزءًا من شعبيته، وهو تحمل الضريبة، ورضى أن يسحب من رصيد شعبيته لتنفيذ مشروعات تفيد المواطنين، وبالتالى تكلفة البنية الأساسية التى تم إنجازها كبيرة جدًا، وإذا كانت الدولة تنفذ هذه البنية الأساسية ضمن خطتها الاستراتيجية فهى تحضر للمقبل، فلا بد أن يتم إعطاء مفاتيح المستقبل للأجيال المقبلة.

■ ما ملامح سيناريو اليوم التالى لنجاح الرئيس السيسى فى الفترة الرئاسية المقبلة الذى تحدثت عنه؟

- ملامح السيناريو أن تكون لمصر بنية أساسية رائعة جدًا، ولديها أكثر من ١٧ ألف كيلومتر طرقًا ومحاور وخطوط قطارات، وخطان لوجستيان للنقل من البحر الأحمر للبحر المتوسط، وهذه طرق لم يستوعب أحد قيمتها.

وأتحدث عن خط العلمين- العين السخنة، الذى سيكون نقلة حضارية وثقافية كبيرة، والمرحلة المقبلة تحتاج لفكر للنمو الاقتصادى وإدارة الاقتصاد فى الدولة، واعتماد القيمة المضافة، وإلغاء الاقتصاد القائم على العمولات والسمسرة.

واقتصاد القيمة المضافة بدأ فى الخمسينيات فى الخطة الأولى سنة ١٩٥٨، وظهر ذلك فى ١٩٦٤، وكان لدينا اقتصاد رائع وممتاز، ونسبة النمو كانت فوق الـ٩٪ حتى النكسة وحرب اليمن، لأنه كانت هناك خطة خمسية يتم تنفيذها قائمة على الصناعة والزراعة، ونحتاج لذلك الآن، ونعتمد على أولوياتنا فى الحكومة المقبلة.

من وجهة نظرى، لا بد من تقليص عدد الوزراء فى الحكومة المقبلة، من ٣٣ وزيرًا لـ٩ وزراء، بإنشاء وزارة للأقاليم الاقتصادية وتقسيم مصر طبقًا لها، وأذكر أنه كان لدينا تقسيم لـ٧٢ محافظة فى عهد الخديو إسماعيل، بحيث يخصص لكل ١٠٠ كيلو محافظة، والتقسيم الاقتصادى يمثله وزير واحد أمام البرلمان، وهذه هى المسئولية السياسية، والأقاليم الاقتصادية يتم تقسيمها وفقًا للمرافق، والموارد الموجودة بهذه الأقاليم يتم استغلالها أفضل استغلال، وكل هذا يحتاج لدراسة نوعية وفنية حسب احتياج كل إقليم، وتكون هناك خطة تعليمية دون مركزية، والناتج الإجمالى للإقليم يصب فى الناتج الإجمالى للدولة، مع الاحتفاظ بجزء من الناتج للنمو، ويتم الإعلان عن مدير فنى لديه محفظة وظيفية، مع كفاءات كبيرة، وكل إقليم ستطبق عليه قواعد حكومية مختلفة عن الآخر، حسب الطبيعة الاقتصادية.

على سبيل المثال، إقليم قناة السويس هو مستقبل مصر المقبل، بـ٢٠ كيلو شرق وغرب قناة السويس، حسب التخطيط والتقسيم يتم توزيع هذه المساحة على كل المصريين، وتعطى كل أسرة ٦٠٠ متر، فلا بد من التخطيط لعدم إضاعة أموال الدولة.

وصناعة الغزل والنسيج أولوية فى المرحلة المقبلة للرئيس السيسى، «إحنا بنصدر كيلو القطن الخام بـ٦٠ سنتًا»، ويذهب لإيطاليا أو سويسرا ويرجع ٤ قمصان بـ٢٥٠ دولارًا، يبقى بتصدر بنص دولار، ويرجع المنتج بألف دولار، فرق كبير فى القيمة المضافة، وهذا ما بدأ فيه الرئيس السيسى منذ عامين، عبر مؤتمر ضخم جدًا حضره رجل الأعمال الراحل محمد فريد خميس، وطالبنا بإعادة صناعة الغزل والنسيج للدولة، لأن الدولة لا تملك قيمة نسبية فى أى صناعة سوى الغزل والنسيج، وكنت أعرف كل صغيرة وكبيرة فى هذه الصناعة من أحمد شاكر رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، وهو تلميذى والعضو المنتدب لشركة المحلة الكبرى، وعمل على إعادة الحياة إليها.

ووالدى أخرجنى من المدرسة العادية لألتحق بمدرسة فنية للغزل والنسيج، حتى التحقت بالجامعة لأعمل فى هذه المهنة الرائعة.

وتم إنفاق ٢١ مليار جنيه فى المحلة الكبرى لإعادة هذه الصناعة إلى مجدها، والقيادة السياسية معذورة، لعدم تركيز الإعلام على هذه الجزئية، وسيتم افتتاح كل هذه المشروعات قريبًا.

الهند كانت تصدر سنة ١٩٩٨ منتجات نسجية بـ٢ مليار دولار فى السنة، ورئيس الدولة عيّن فى هذا التاريخ نائبًا لرئيس الجمهورية لصناعة الغزل والنسيج، لأنها صناعة لها ٥ حقائب وزارية، و«دلوقتى بيصدروا بـ١٠٥ مليارات دولار منتجات نسجية، من القطن والكتان وخامات طبيعية وصناعية، ومهدرجات الغاز، من البولى إسيلين، والبولى إستر، وغيرهما من الغازات»، وهذه مكونات الصناعة لإنتاج السجاد والبلاستيكات وأجسام العربيات.

كما قدمنا مقترحًا بالمشكلة والحل لجهة الاختصاص وللرئيس السيسى وللمهندس إبراهيم محلب، وطلبنا زراعة القطن قصير التيلة لأننا نستورده بمليار و٢٠٠ مليون دولار من بنجلاديش أو السودان، فيمكننا زراعته، وتتم زراعته بالمياه المعاد تدويرها من الصرف الصحى، وقلنا «هنزرعه على جانب الطرق الصحراوية فى وادى النطرون- العلمين، بمساحة ٤٥٠ فدانًا برى زراعى».

هل اتصل بك الرئيس السادات فعلًا من أجل الرجوع إلى مصر مرة أخرى؟

- وقفت أمام الرئيس أنور السادات فى أحد المؤتمرات فى روما، وطلب منى أن أعود إلى مصر، وقال لى: «مش هفضل أسقف لوحدى فى البلد.. ولازم تنزل مصر أنت وكل العلماء والمفكرين وترجعوا تساعدونى»، وقلت له إن مراكز القوة منتشرة فى مصر، و«مش هنعرف نشتغل». فى الحقيقة الرئيس السادات بعد نصر أكتوبر بدأ فى تجميع العقول المصرية الموجودة فى الخارج، وقررت الرجوع لمصر، بعد ما كان دخلى فى إيطاليا فى اليوم ١٠ آلاف جنيه عام ١٩٧٦، وتركت ذلك ونزلت إلى مصر و«اتوظفت بـ٨٠ جنيهًا»، وهذا كان قرار الكثيرين أيضًا من أجل مصر.

والدكتور أحمد زويل أخذ «نوبل» فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن رجع إلى مصر من أجل خدمة البلد، ودشن جامعة النيل، و«إحنا دائمًا ولا بد نرجع لطين البلد دى». سأخبرك بوصف جميل لهذه الحالة، مصر باختصار هى «مصب النهر»، والمصريون منذ القدم كانوا يعيشيون حول نهر النيل ويبنون الحضارة، وبالتالى فالحنين للطين والنيل كان دائمًا يسيطر على جينات المصريين.

ولا ننسى أن مصر هى التى بنت الحضارة العربية، لأن جينات المصريين مرتبطة بالأرض منذ قدم التاريخ، فالشخصية المصرية لا تتجزأ، ولا تضعف مهما كانت التحديات والأزمات.