رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هانى محمود وزير الاتصالات الأسبق: «الفريق السيسى» وقف كالوحش مدافعًا عن سيناء داخل حكومة قنديل.. فقلنا «الحمد لله ما طلعش إخوان»

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز وهانى محمود

قال الدكتور هانى محمود، مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى سابقًا، وزير الاتصالات الأسبق فى عهد الإخوان، إنه رفض تولى الوزارة بعدما عرضها عليه رئيس الوزراء الإخوانى هشام قنديل، إلا أنه عاد وقبلها بعدها بأيام بعد ضغط من الدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق، حتى لا يترك مصر فريسة للإخوان، ثم عاد وتقدم باستقالته منها لأنهم كانوا «رايحين بالبلد فى داهية»، على حد تعبيره.

ووثّق وزير الاتصالات الأسبق شهادته على فترة حكم الجماعة الإرهابية، وأكد، فى حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن ولاء الإخوان لم يكن لمصر بل للجماعة فقط، وأن خيرت الشاطر كان هو من كان يحكم فعلًا وقت الإخوان، مشيرًا إلى تصدى عدد من المسئولين للقرارات العبثية التى كانت الجماعة تحاول تمريرها، ومن بينها إقامة شرطة موازية ومحاكم ثورية يديرها نائب عام إخوانى، وغيرها من القرارات التى جعلت المصريين جميعًا يخرجون ضدهم فى ٣٠ يونيو.

■ ما ظروف اختيارك وزيرًا للاتصالات فى حكومة جماعة الإخوان؟

- هذه فترة الله لا يرجعها، تم التواصل معى عن طريق مجلس الوزراء لكى أقابل الدكتور هشام قنديل، وذهبت وأنا أضع فى اعتبارى أننى لن أقبل المنصب، وقلت له لا أعتقد أننى سأكون مناسبًا بسبب ثقافة الإخوان، وهو رد وقال لى: «إحنا عاوزين أحسن واحد فى كل مجال»، وكلامه نظريًا كان جيدًا. 

كما قال لى: «حضرتك مرشح لوزارتين، وزارة الاتصالات ووزارة التنمية الإدارية، لو بتختار تختار إيه؟»، فقلت له سأختار التنمية الإدارية، قال لى: «غريبة.. مع إن الاتصالات أكبر وإنت عندك خبرة فيها».

واعتذرت له وقتها، وبعدها كلمنى الدكتور كمال الجنزورى وقال لى: «لماذا رفضت الوزارة؟.. إنت لازم تقف جنب البلد.. كده هاتبقى الحكومة كلها من الإخوان»، وبالفعل كلمه وقال له إننى قبلت الوزارة.

وفى اليوم التالى مباشرة، وكنا فى شهر رمضان، كلمنى هشام قنديل ليسألنى عن رأيى فقلت له: خلاص أنا موافق.

وكان عندى أمل فى حدوث إصلاحات من أجل مصلحة البلد، ولم يكن لدىّ توجه ضد الإخوان فى تلك الفترة، وبدأنا العمل فى ٢٠١٢.

■ ماذا عن لحظة تولى الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزارة الدفاع؟

- المشير طنطاوى، رحمه الله، كان موجودًا، وفوجئنا بخبر فى التليفزيون يقول برحيل المشير طنطاوى، وتعيين الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيرًا للدفاع، ونحن كنا نعرفه لأنه كان مدير المخابرات الحربية، وكان معظمنا قلقًا من توليه، لأن الكلام كان يتردد عن أنه إخوانى.

وفى أول اجتماع حضر الفريق أول السيسى، وكان يتسم بالهدوء فى اجتماعات الحكومة، ويدون كل شىء فى أجندته الخاصة، فقلنا: «مرسى شال المشير طنطاوى وجاب واحد هادئ ومتدين، وقلنا ده إخوانى أو على الأقل متعاطف معاهم».

والفريق أول عبدالفتاح السيسى، أثناء فترة توليه وزارة الدفاع، أصدر قرارًا يحظر على الأجانب تملك أراضٍ فى سيناء من أجل محاربة الإرهاب ومواجهة تهجير الفلسطينيين وتجنيسهم، والوزراء الإخوان اعترضوا على القرار، وفجأة «تحول الرجل الهادئ إلى وحش»، وقال: «أنا المسئول عن سيناء.. مع احترامى للرئيس ومجلس الوزراء.. وهذا قرارى».

وطبعًا فرحنا جدًا لأننا وجدنا شخصًا آخر مختلفًا تمامًا عما نتوقع، وأغلق الموضوع، ولا أحد تحدث عنه بعد ذلك، وبعدها كنا نرسل لبعضنا رسائل تقول: «السيسى ماطلعش إخوان». 

■ ما سبب تقدمك باستقالتك من منصب وزير الاتصالات؟

- استقالتى كانت بسبب أن ولاء الإخوان لم يكن لمصر لكن للجماعة فقط، فالإخوان كانوا يقولون إن المستعمر هو من أنشأ الحدود بين الدول لكى يفرق بيننا، كما كانوا يقولون إنه لا مشكلة من تحريك حدود مصر وتغييرها.

وفى مرة قلت لواحد منهم، وكان وزير القوى العاملة، إن الرسول عندما دافع عن المدينة عمل «خندقًا» وكان يدافع عن الأرض وحدود المدينة.

وأيضًا المناقشات التى كانت تتم فى مجلس الوزراء أثناء حكم جماعة الإخوان الإرهابية كانت غير منطقية، وكنت أجد أشياء غريبة فى أجندة المجلس، وقرأتها ووجدت وزارات تريد سيارات وأمورًا إدارية ليست لها قيمة.

وفى هذا التوقيت كانت مدينة الإنتاج الإعلامى مُحاصرة، والمحكمة الدستورية مُحاصرة، وقسم الدقى يُهاجم، وحزب «الوفد» احترق، فقلت لهشام قنديل: «إنتوا ليه محسسنّى إننا فى سويسرا؟.. البلد مولعة برّه»، والرد كان صدمة، فقد قال لى: «الـ٩٥ مليون مصرى كلهم بيتكلموا فى السياسة.. لكن هيصحوا الصبح عايزين عيش ومواصلات واتصالات وبنزين.. وإحنا وزارة تكنوقراط ملناش دعوة بالسياسة»، فقلت له: «فيه مجلس وزراء فى بلد مالوش دعوة بالسياسة؟!»، وتركته، وقمت ووضعت رأسى تحت المياه لأفيق من الصدمة.

■ من كان يحكم فعلًا فى هذا الوقت؟

- من وجهة نظرى، وخلال الفترة التى قضيتها فى منصب وزير الاتصالات، أدركت أن الذى كان يحكم مصر فعلًا هو خيرت الشاطر، قولًا واحدًا.

وأيضًا كان من ضمن أسباب الاستقالة أن الإخوان كانوا يريدون تمرير قانون يسمح للشركات الخاصة بحمل السلاح، لكن وزير الداخلية رفض وجود «الشرطة الموازية»، كما رفض عدد من القيادات والوزارات، وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح السيسى.

ولهذا قدمت الاستقالة فى شهر ديسمبر ٢٠١٢، وأعلنتها فى يناير ٢٠١٣، وشعرت بأنه لا بد أن أبتعد حتى لا أكون فى منظومة وزارية تؤدى إلى خراب البلد، وقدمت الاستقالة للدكتور هشام قنديل.

وفى ذلك الوقت، حدثت أول مليونية أمام الاتحادية بعد الإعلان الدستورى للإخوان، وكنت لا أزال وزيرًا للاتصالات، ومنطقة الاتحادية منطقة واسعة وبها أماكن كبيرة غير مكتظة بالسكان، لذا كانت محطات الاتصالات المحيطة التى تغذيها لا تتحمل المليونية، فطلبت من شركات الاتصالات أن ترسل سيارات متنقلة لزيادة القدرة الاستيعابية لإجراء كل تلك المكالمات، لأن هذه المنطقة تتحمل فقط ١٢٠ ألف مكالمة فى نفس الوقت، وحينها تم إرسال ٣ محطات لرفع الاستيعاب حتى ١٥٠ ألف مكالمة.

ووقتها، بدأت البرامج الحوارية التليفزيونية تتحدث عن أنه تم قطع الاتصالات فى منطقة الاتحادية، وهم لا يعلمون الحقيقة، فتحدثت عما نقوم به، وقلت إن هناك حوالى ٧٠٠ ألف مكالمة فاشلة، لذلك يشعر بعض الناس بقطع الاتصالات، وبعض المواقع الإخبارية أخذت تلك الكلمة وقالت إن وزير الاتصالات يصرح بأن هناك ٧٠٠ ألف متظاهر حول الاتحادية، رغم أنى لم أصرّح بذلك مطلقًا.

وفى اليوم التالى، تحدث معى أحدهم من رئاسة الجمهورية عن هذا التصريح بطريقة غير لائقة، وطلب منى عدم الحديث أو الإدلاء بأى تصريحات للبرامج الحوارية، فكان ردى بأنه لا بد أن أشرح للمواطنين ما الذى يحدث، وقلت: «إن تصريحاتى تحمى الرئيس».

وبعدها، تحدث معى مجلس الوزراء، فشرحت له الموقف تمامًا، وكتبت الاستقالة ووضعتها فى مظروف خاص، وكتبت عليها «خاص لرئيس مجلس الوزراء ولا يفتح إلا بمعرفته»، وفى اليوم التالى طلبت من ضابط الأمن أن يسلمها يدًا بيد لمجلس الوزراء.

■ كيف تعامل الإخوان معك بعد تقديم الاستقالة من حكومة هشام قنديل؟

- كانت هناك ثورة ضدى من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وقالوا لى: «إنت بتهد البلد؟»، فقلت لهم: «أنا وزير من ضمن ٣٣ وزيرًا، ومن مصلحة البلد ومن مصلحة الرئيس عدم وجودى».

وعندما قلت هذا الكلام لرئيس الوزراء قال لى: «هذه الوزارة سيتم تغييرها بعد ٣ أشهر»، وطلب منى أن أصبر، لكنى قلت له: «أنا لا أريد أن أتواجد فى الوزارة اللى هتودى البلد فى داهية»، وطلعت العبارة منى بعفوية، فقال لى: «لماذا هذا التشاؤم؟»، فأخبرته بأننى سأتواجد فى الوزارة لحين تعيين وزير آخر للاتصالات، وهذا ما حدث بالفعل، واستمررت فى العمل حتى تم تعيين وزير آخر هو المهندس عاطف حلمى، لكنى أيضًا أعلنت عن الاستقالة فورًا على مواقع التواصل الاجتماعى، وهذا ما أجبرهم على الاستجابة.

والإخوان لم يكونوا يتوقعون ما فعلت، وكانت مفاجأة غير سعيدة بالنسبة لهم، وقال لى الرئيس محمد مرسى: «إنت بتهد البلد؟»، وقالت زوجته لزوجتى: «معالى الوزير بينط من المركب ليه؟»، وشعرت زوجتى بالخوف وقالت لى إنه من الممكن أن تتم محاسبتى وإيذائى، لكنى أصررت على قرارى، وقلت لها: «يعملوا اللى يعملوه.. مش هاكمل معاهم». 

وظللت فى الفترة من يناير وحتى ١٤ يونيو ٢٠١٣ صامتًا، ولا أدلى بأى تصريح إعلامى، رغم أن كل المذيعين طلبوا منى الظهور فى البرامج الحوارية، وعرض أحدهم علىّ مبلغًا ماليًا كبيرًا للظهور معه، لكنى أصررت على الرفض وغضبت من الموقف.

■ ما الذى حدث بعد ذلك وجعلك توافق على الحديث للإعلام؟

- عندما حدث مؤتمر «نصرة سوريا» فى يونيو ٢٠١٣ فى استاد القاهرة، كان الحضور بكارنيه حزب «الحرية والعدالة» فقط، وتكرر ما حدث فى احتفالات نصر أكتوبر، وخروج «مرسى» بالسيارة المكشوفة، مع توجيه الدعوة لقتلة الرئيس السادات، وكان هذا الموقف ضربة قاضية للجميع. 

وفى أكتوبر، كانت هناك الوعود التى أطلقها «مرسى» فى هذه الفترة، حول النظافة والمرور وغيرهما، وأنه سيتم تنفيذها فى أول ١٠٠ يوم، ووزع علينا هشام قنديل دور كل وزارة فى تنفيذ هذه الخطة، وقلت له إن ١٠٠ يوم غير كافية لحل هذه المشاكل لأن مصر بها ١٠٠ مليون مواطن.

وبالطبع لم يحدث أى شىء خلال تلك الفترة، لكن «مرسى» خرج فى مؤتمر «نصر أكتوبر» وعرض نسبة تحقيق هذه الوعود، ووضع أرقامًا كاذبة ليست لها علاقة بالواقع.

وفى مؤتمر «نصرة سوريا» تكرر نفس الوضع، وشعرت بضيق فى صدرى ورفضت أن أكمل فى تلك الوزارة، وقلت فى نفسى: «البلد دى رايحة فى ستين داهية». 

ووقتها، تحدث معى الصحفى مجدى الجلاد، وكان رئيس تحرير جريدة «الوطن»، وطلب منى الحديث عن الوزراء الذين خرجوا من حكومة الإخوان، خاصة أنهم فى شهر مايو أخرجوا من الوزارة كل وزير غير إخوانى، لتصبح الوزارة بأكملها إخوانًا، فقبلت الطلب، وكانت تلك هى المرة الأولى التى أدلى فيها بتصريحات إعلامية بعد استقالتى.

وخرجت العناوين الصحفية قوية وهزت البلد فى هذه الفترة، لدرجة أن أحد الوزراء سألنى إن كنت قلت هذا الكلام أم لا، وهل سأنفيه، كما تحدث معى أحد قيادات الإخوان وقال لى إنه حاول حمايتى أكثر من مرة لكن علىّ فى هذه المرة أن أتحمل ما سيحدث لى، وطلب منى السفر إلى خارج البلاد حماية لى ولأسرتى، فرفضت السفر خارج مصر. 

■ ما تفاصيل لقائك بالسفيرة الأمريكية السابقة فى مصر آن باترسون؟ 

- السفير البولندى فى القاهرة عزمنى فى إحدى المرات على حفل عشاء عنده، وعندما ذهبت وجلسنا على طاولة العشاء فوجئت بأن من يجلس إلى جوارى هى سفيرة أمريكا آن باترسون، وسألتنى عن سبب تقديم استقالتى من حكومة الإخوان، وقلت لها إننى لم أستطع التأقلم مع ثقافة الإخوان ولا طريقة إدارتهم البلد، وبالتالى لم أستطع أن أكمل.

ووقتها قالت لى: «إنت عارف لو الإخوان مشيوا مين اللى هاييجى؟».. فقلت لها: «مين؟»، فقالت: «السلفيين»، فقلت لها: ليه يا فندم؟ هل لا يوجد فى مصر سوى الإخوان والسلفيين؟، فقالت لى: «أنتم لا تملكون أحزابًا فى حين أن الإخوان والسلفيين هما المجموعتان المنظمتان، والإخوان أفضل من السلفيين»، فقلت لها: «هذه قناعتك ولك مطلق الحرية بها».

وبعدها سألتنى السفيرة الأمريكية: «ما توقعاتك بشأن ما سيحدث فى ٣٠ يونيو؟»، فقلت لها: «البلد كلها هتنزل»، فشككت فى رأيى.

وردًا على ذلك، حكيت لها قصة حدثت قبلها بعدة أيام، وقلت لها: «هناك سيدة أعرفها، زوجها متوفى ولديها ثلاثة أولاد، وفى ٢٥ يناير كانت تجعل أبناءها يحلفون أثناء نزولهم من المنزل بألا يشاركوا فى المظاهرات خوفًا عليهم، لكن هذه السيدة قالت لى إنها ستشارك فى ٣٠ يونيو هى وأولادها، وإنه لا يوجد لديها مانع من أن تعود باثنين فقط منهم إلى المنزل فى سبيل أن تعود مصر مرة أخرى للمصريين»، وفوجئت السفيرة الأمريكية وأخرجت من حقيبتها أجندة صغيرة وأخذت تكتب بها.

وأذكر أننى فى ٢٥ يناير كنت قادمًا من إنجلترا لتولى رئاسة مجلس إدارة البريد المصرى، لذا لم أشارك فى ثورة يناير، لكنى فى ٣٠ يونيو كنت من أوائل المتظاهرين على كوبرى قصر النيل. 

■ كيف كانت الظروف التى توليت فيها وزارة التنمية الإدارية فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى؟ 

- توليت وزارة التنمية الإدارية فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى بعد ٣٠ يونيو، وقد عملت الوزارة فى ظل ظروف مستحيلة، لأن البلد لم يكن به فلوس، وكنا نجد صعوبة فى توفير مرتبات الحكومة كل شهر.

وفى الحقيقة، وقفت معنا السعودية والإمارات فى ذلك الوقت بشكل كبير جدًا، وقد أفصح الرئيس السيسى عن ذلك أكثر من مرة، كما أن مجلس الوزراء كان يستمر فى العمل حتى الساعة ٨ ليلًا، وكنا نبدأ العمل الساعة ١٠ صباحًا. 

ووجود «الفريق أول السيسى» فى هذه الوزارة كان فى غاية الأهمية، لأنه أحدث حالة توازن غير طبيعية، والحق يُقال بأنه لم يكن يفرض أى رأى، لكنه كان يقول رأيه كأى شخص فينا، وكان القرار فى النهاية يتم اتخاذه بالإجماع.

ولأن مصر كانت محتلة خلال فترة حكم الإخوان، كانت أمامنا تحديات عديدة فى الحكومة، كما أن موضوع «رابعة» و«النهضة» أخذ منّا وقتًا أكثر من اللازم، لأننا «لم نكن نريد دمًا»، وقد قبلنا كل الوساطات التى جاءت حتى يخرج هؤلاء بهدوء، بل إننا كنا نقبل أى وساطة داخلية أو خارجية، لدرجة أن الشعب بدأ يصف الحكومة بالضعيفة والمرتعشة، وكان يهاجمنا، وكنا نتعمد إجراء كل المحاولات، لكن للأسف جميع المحاولات فشلت.

ومن ثم، أهلّ علينا شهر رمضان، فقررنا ألا نقدم على أى شىء فيه لأنه شهر له خصوصيته، لكن بعد العيد لم يكن هناك حل آخر، لأننا كنا نسمع هتافات فى «رابعة» لا تصدر إلا عن أناس يريدون خراب البلد، مثل هتافاتهم القائلة: «بعد بكرة العصر.. أمريكا هتدخل مصر»، ومن ثم حدث الفض، ووفقًا لما أكده اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية فى ذلك الوقت، فإن الإخوان هم من بدأوا الضرب، مع العلم بأن الشرطة قبل الفض أبلغتهم بالميكروفونات بالخروج من الممر الآمن.

■ ما أهم التحديات التى واجهت هذه الحكومة؟

- أكبر تحدٍ واجهته هذه الحكومة كان أن يهدأ البلد، بالإضافة إلى تحدى القضاء على الإرهاب، مع العلم بأن البلد كان من المستحيل أن يهدأ فى ظل «احتلال الإخوان لرابعة»، وعندما ذهبت لأحلف اليمين فى الوزارة لم أستطع الوصول لأنهم كانوا يقطعون الطرق. 

أما التحدى الثالث فهو كيف يمكن للحكومة أن تؤدى مسئولياتها المالية وفى نفس الوقت تستطيع توفير الأموال اللازمة، وكانت المشكلة هى إدارة المنظومة لسداد كل الالتزامات فى مواعيدها، وفى نفس الوقت الحفاظ على أن تكون السلع الأساسية كلها موجودة داخل البلد. 

والتحدى الأخير كان فى كيفية الحفاظ على مستوى المعيشة للمواطنين ورفعها، من خلال زيادة المرتبات والمعاشات فى ظل الظروف التى يمر بها البلد.

وبالتالى فإن حكومة الدكتور حازم الببلاوى لم تكن حكومة إنقاذ وإنما حكومة استشهادية وحكومة أزمة، وقد بذلت جهدًا كبيرًا، وما زلت أقول إنها ظُلمت بعض الشىء، لأن الدور الذى قامت به كان فى غاية الأهمية، فى أصعب فترة مرت بها مصر، لأننا تسلمنا البلد وهو يعانى من عدم الاستقرار، والإرهاب كان يملأ سيناء، والإخوان كانوا موجودين فى كل مكان، وبالتالى فإن الدكتور حازم الببلاوى ووزراء حكومته كانوا جنودًا وليسوا مجرد وزراء.

ما أخطر القرارات التى كان الإخوان يحاولون تمريرها فى مجلس الوزراء من وجهة نظرك؟

- فوجئنا فى جلسة من جلسات مجلس الوزراء بتوزيع مجموعة أوراق حول مشروع قانون حماية الثورة، وكانوا يريدون منا الموافقة عليه، لكننا وجدنا مصيبة فى الورق، لأن الإخوان كانوا يريدون إنشاء «محاكم ثورة»، بمعنى أن المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، يكون مسئولًا عن القضايا المدنية، لكن كل القضايا التى تخص الثورة تكون من مسئولية نائب عام آخر، وتكون هناك محاكم مخصوصة من أجل سرعة الفصل فى تلك القضايا.

وقلنا لهم وقتها: «إنتوا عاوزين تضحّكوا الناس علينا؟.. إنتوا معرفتوش تشيلوا المستشار عبدالمجيد محمود فيبقى الحل تجيبوا نائب عام تانى يمسك قضايا الثورة!».

وقال لهم المستشار أحمد مكى، وزير العدل وقتها: «إنتوا بتهدوا القضاء»، وتغلّب ضمير القاضى على ضمير الإخوانى، وهذه كانت نهاية الموضوع.