جرائم الاحتلال فى فلسطين بين ضعف "الأمم المتحدة" وطغيان "فيتو" الأمريكى
منذ بداية تصاعد الصراع في غزة، فشل مجلس الأمن الدولي في الاتفاق على مشروعي قرارين مقدمين من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشأن الحرب بين غزة وإسرائيل وتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
فيما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على مشروع قرار عربي يتضمن المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات إلى غزة.
القرار الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة جدد الآمال حول حول انفراجة قريبة لإنهاء الحصار الكامل والمطبق على قطاع غزة، ولكن ما يثير الاستغراب أن الموافقة على القرار جاءت بالتزامن مع إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية الاجتياح البري لغزة، وفي خضم قيامها بقطع شبكات الاتصال والإنترنت بشكل نهائي عن القطاع، ما طرح تساؤلات عن أهمية قرارات كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالنسبة لفلسطين ومدى التزام دولة الاحتلال بهذه القرارات.
الجمعية العامة للأمم المتحدة.. "غير ملزمة"
تعد الجمعية العامة أعلى هيئة في الأمم المتحدة، وهي مكونة من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والذين يبلغ عددهم في الوقت الحالي 193 عضوًا، ولكل دولة عضو صوت متساو بغض النظر عن حجم الدولة.
وفي مقابل ذلك، تشكل مجلس الأمن في البداية من أحد عشر عضوًا، ومن ضمنهم خمسة أعضاء دائمين (الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية) ولها حق النقض أو "فيتو"، الذي يسمح لأي منها بمعارضة أي قرار حتى لو تمت الموافقة عليه بإجماع باقي الأصوات، وبينما لا يتغير الأعضاء الخمسة الدائمون، فقد تم توسيع عضوية مجلس الأمن لتصبح خمسة عشر عضوًا في سنة 1965، أي عشرة أعضاء غير دائمين وخمسة أعضاء دائمين.
وقد أجازت المادة 10 من ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد مهام وسلطات الجمعية العامة، للجمعية العامة تقديم التوصيات إلى أعضاء الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو كليهما، أي أن القرارات الوحيدة التي يمكن أن تكون ملزمة "نظريًا" هي تلك التي يتخذها مجلس الأمن.
قرارات مجلس الأمن ملزمة
تتلخص مهام مجلس الأمن في المحافظة على السلم والأمن الدوليين، والتحقيق في نزاعات الدول التي قد تؤدي إلى نزاع دولي، والتوصية بتسوية المنازعات أو بشروط التسوية، والتخطيط لمواجهة الأخطار التي تهدد السلام، واتخاذ ما يراه المجلس من إجراءات عسكرية ضد المعتدي.
وتعد قرارات مجلس الأمن تعبيرات رسمية عن رأي الأمم المتحدة أو إرادة أجهزتها، وفق الموقع الرسمي لبعثات الأمم المتحدة.
من الناحية النظرية، ليس لصلاحيات مجلس الأمن حدود، وقراراته ملزمة لجميع أعضاء الأمم المتحدة، باختصار، إذا كان مجلس الأمن قد قرر أي شيء، فرض عقوبات على بلد ما أو فرض وقف إطلاق النار في منطقة الصراع، يجب تنفيذ هذا القرار.
غالبًا ما يكون من الصعب التوصل إلى قرار جماعي داخل مجلس الأمن، نظرًا إلى أن الدول الأعضاء الدائمة لديها حق النقض على القرارات وسوف تدلى بصوت سلبي إذا كان القرار المقترح يتعارض مع مصلحتها الوطنية.
هل إسرائيل تلتزم بقرارات مجلس الأمن؟
لم تكن إسرائيل بحاجة لعدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن، فمنذ عام 1979، وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية "فيتو" من أجل معارضة أي قرار يدين إسرائيل، ومع ذلك كان هناك قرارات ليست بالكثيرة صوتت "واشنطن" عليها بالموافقة، وتم إصدارها من قبل مجلس الأمن، ولكن إسرائيل لم تلتزم بأي منها.
عدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن 1967
ترجع حدود فلسطين 1967 إلى قرار مجلس الأمن، والتي تم إقرارها وفقًا لمبدأ حل الدولتين في 22 نوفمبر 1967، بقرار مجلس الأمن رقم 242، ومع ذلك لم تلتزم إسرائيل بهذا القرار، وواصلت توسعها الاستيطاني، واحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية.
تجاهل قرار مجلس الأمن بشأن الإجراءات الأحادية حول القدس المحتلة
في عام 1979، أصدر مجلس الأمن قرار 452، الذي يعتبر أن المستوطنات في الأراضي المحتلة لا تحمل أي صفة قانونية، وأن الوضع القانوني للقدس لا يمكن تغييره من جانب واحد، ولكن في عام 2020 تم إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، كما استمر التوسع الاستيطاني الإسرائيلي ليتجاوز ما قبل حدود 1967.
تجاهل قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان 2016
في أواخر ديسمبر 2016، امتنعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، للمرة الأولى منذ 1979، عن استخدام حق النقض (فيتو) ضد قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، وقد أتاح امتناعها عن التصويت اعتماد القرار من باقي أعضاء مجلس الأمن الـ14.
ودعا القرار إسرائيل إلى الامتناع عن أي نشاط يتعلق بالمستوطنات، فيما قال مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط - حينها- نيكولاي ملادينوف، في تقريره الأول إلى مجلس الأمن، إن "إسرائيل لم تتخذ أي إجراء في هذا الاتجاه" خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وأشار ملادينوف إلى أن العام 2017 تحديدًا شهد "زيادة" في الإعلان عن مستوطنات غير شرعية، واصفًا ذلك بأنه "مقلق للغاية".