لاتينو مصر يحيون ذكرى القديسة الشهيدة أنستاسيا الرومانيّة

تحتفل الكنيسة اللاتينية، بذكرى القديسة أنستاسيا الرومانيّة، التي استشهدت في روما حول سنة 290. وتدعى "الرومانية" وقد قضت حياتها بعد ترمّلها في خدمة المرضى والبؤساء. 

العظة الاحتفالية

وبهذه المناسبة القت الكنيسة في مصر عظة احتفالية قالت خلالها: حصلنا من الله على الميل الطبيعيّ للقيام بما أوصانا به؛ وبالتالي، فلا يمكننا أن نتمرّد كما لو كان يطلب منّا القيام بعمل خارق، كما لا يمكننا أن نتباهى كما لو كنّا نحصل على أمور أكثر من تلك التي أعطانا إيّاها... بالحصول من الله على وصيّة المحبّة، امتلكنا فورًا، منذ البدء، القدرة الطبيعيّة على الحبّ. لم نعرف ذلك من الخارج؛ فكلّ شخص يمكنه أن يدرك ذلك بنفسه لأنّنا نبحث طبيعيًّا عمّا هو جميل...؛ فمن دون أن يعلّمونا ذلك، نحن نحبّ أقاربنا بالدم أو بالارتباط؛ ونبرهن في النهاية بكلّ سرور على حسن نيّتنا تجاه المحسنين إلينا.

ولكن، هل من جمال أروع من جمال الله؟ هل من رغبة جامحة مثل العطش الذي يبعثه الله في النفس الطاهرة، وهي تصرخ بعاطفة صادقة: "جرحني الحبّ"... لا تقدر عيون الجسد أن ترى هذا الجمال؛ النفس وحدها والذكاء يمكنهما أن يدركاه. ففي كلّ مرّة أنار فيها الجمال القدّيسين، كان يترك فيهم وخز رغبة كبيرة، لدرجة أنّهم كانوا يصرخون: "وَيلٌ لي فإِنِّ منفاي قد طال"، "متى آتي وأَحضُر أَمامَ الله؟"، "فلِي رَغبَةٌ في الرَّحيل لأَكونَ مع المسيح"، وأيضًا: "ظَمِئَت نَفْسي إلى الإِلهِ الحَيّ". هكذا يتطلّع البشر إلى الجمال بصورة طبيعيّة. ولكن ما هو صالح هو أيضًا محبّب؛ فالله صالح؛ إذًا، كلّ شيء يبحث عن الصالح؛ وبالتالي فكلّ شيء يبحث عن الله.

إذا كانت عاطفة الأولاد تجاه أهلهم شعورًا طبيعيًّا يظهر في غريزة الحيوانات وفي استعداد البشر لمحبّة أمّهاتهم منذ عمرهم الأوّل، فلا نكن نحن أقلّ ذكاءً من الأولاد، وأقلّ غباءً من الحيوانات البريّة: دعونا لا نبقى غرباء، لا محبّة فينا، أمام الله الذي خلقنا. فحتّى لو لم نعرف من خلال محبّته مَن هو، علينا أيضًا للسبب الوحيد أنّه هو مَن خلقنا، أن نحبّه فوق كلّ اعتبار، وأن نبقى متمسّكين بذكراه كما يتمسّك الأولاد بذكرى أمّهاتهم.