رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لص

الانسان الحديث
الانسان الحديث

دخل متلصصًا تحمله رءوس أصـابع قدميه داخل المنزل، جال فيه متفحصًا الأشياء الغارقة فى الظلام والصمت، وكأنه طائر خُلق ليعيش فى ظــلام الكهوف، دفع أحـدَ الأبواب، ثم ولج داخل الغرفة التى ينام فيها زوجان فوق سرير حديدى عالٍ عن الأرض، طفـل رضيع ينام فى مهده هادئًا، حمل الطفل إلى خارج الغرفة مخافةَ أن يصحو، ساد الغرفة صمت حجرى، راح يلملم ما يصادفه مـن أغراض فى كيـس قماشى، بيـن انهماكه فى لملمة ثمين الأشياء، أطلق الطفل صوته باكيـًا، بخفة وكيسه بــيده انبطــح تحت السرير الحديدى، استيقظت الأم على بكاء وليدها، لكزت زوجها مرعوبة «استيقظ يارجل، ابنك يبكى خارج الغرفـة!».. سألها بصوت مرتبك: «ماذا يا امرأة؟».. أجابته خائفة وهى تصـرخ: «ابنى يبكى فى باحة الدار!».

لم يعطهم الطفل مجالًا للتفكير، بكاؤه يصم الآذان، هرعا إلى الخارج لتحمله أمه بين يديها خائفة، تسأل زوجهـا: «مَن حمله؟».. لم يمنحها الوقت لإكمــال سؤالهــا، ارتفعت القعقعة تصـدر عن السقف، البيت يهتز من أساسه كأن زلزالًا ضربـه، تهشمت جذوع الأشجار التى تحمل السقف، تصدعت الجدران ليتساقط التراب بكثافة، تخطفت الخفافيش مذعورة فى كل اتجاه قبل أن يهبــط السقف ساقطًا وسط ذهول الزوجين، جهد أبناء المحلة كثيرًا لإخراج جثة اللص.