رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصادنا فى قمة العشرين

مصر كانت حاضرة، إذن، فى القمة الثامنة عشرة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، التى استضافتها العاصمة الهندية نيودلهى، وتناولت فى كلمتها، التى ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما أشرنا، أمس، غالبية موضوعات، قضايا، وشواغل دول القارة الإفريقية، التى صارت ممثلة فى المجموعة بحصول الاتحاد الإفريقى على العضوية الدائمة. كما كان التاريخ المصرى حاضرًا، أيضًا، فى النماذج الأثرية، التى كانت ضمن المعروضات التاريخية والثقافية للدول المشاركة فى القمة.

كان أبرز ما استوقفنا فى الإعلان المشترك لقادة دول المجموعة، هو تعهدهم بتسريع العمل على مكافحة تغير المناخ، ودعم الجهود المبذولة لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة، وتحذيرهم من تأثير الأزمات المتتالية على النمو العالمى، وإشارتهم إلى أن «التشديد الملحوظ لشروط الحصول على التمويل يؤدى إلى تفاقم نقاط الضعف على صعيد الديون والتضخم المتواصل». ولعلك تتذكر أن الرئيس السيسى كان قد شدّد، فى كلمته، على ضرورة معالجة أزمة ديون دول القارة الإفريقية، والدول النامية إجمالًا، وتقديم المساندة الفعالة لها فى مواجهة تداعيات الأزمات العالمية المتلاحقة، وتمكينها من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.

شاركت مصر فى القمة كضيف شرف، استجابة لدعوة الهند، رئيس الدورة الحالية للمجموعة، وعلى هامش مشاركته، عقد الرئيس السيسى لقاءات عديدة مع غالبية رؤساء الدول والشركاء الدوليين، تباحث معهم خلالها بشأن مواصلة تعزيز التعاون فى عدة قضايا تشمل دفع العمل المناخى والنمو الاقتصادى المتوازن و... و... وغيرها من القضايا محل الاهتمام المشترك، كما أعاد طرح رؤية الدولة المصرية لقضايا وشواغل القارة السمراء، مرة أخرى، فى «قمة إفريقية أوروبية مصغرة»، أقيمت على هامش أعمال قمة العشرين، وجمعت قادة وممثلى الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد والبنك الدوليين وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وفرنسا، وجنوب إفريقيا ونيجيريا، إضافة إلى جمهورية جزر القمر، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقى. 

خلال هذه القمة المصغرة، توافق الزعماء الأفارقة والأوروبيون على أهمية العمل على تحقيق الاستفادة المثلى من الشراكة بين الجانبين، تحقيقًا للمصالح والمكاسب المشتركة. ومجددًا، أشار الرئيس السيسى إلى أن احتواء تحديات أزمة الغذاء المتنامية، خاصة فى القارة الإفريقية، يستدعى وضع رؤية مشتركة، لتعزيز حوكمة منظومة الأمن الغذائى العالمى، تتأسس على محورية النظام متعدد الأطراف، واتساق جهود مؤسسات التمويل الدولية والأطراف الفاعلة فى الاستجابة السريعة والفعالة لمعطيات الأزمة، بجذورها وأبعادها المتعددة، مؤكدًا أن إحدى أهم أولويات الرئاسة المصرية لـ«اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الإفريقى للتنمية»، النيباد، هى تفعيل برنامج شامل للتنمية الزراعية، يدعم الأمن الغذائى فى دول القارة.

تطورات مختلف أوجه العلاقات المصرية الأوروبية، تناولها الرئيس السيسى، أيضًا، مع أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى. وفى اللقاءين، أعرب الرئيس عن تطلعه إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبى، استنادًا إلى مبادئ الاستفادة المتبادلة والمصلحة المشتركة، كركيزة للتكامل والاستقرار الإقليمى، وباعتباره شريكًا مهمًا فى عملية التحديث، التى يشهدها مختلف القطاعات التنموية فى مصر، بما فى ذلك مشروعات البنية التحتية الكبرى، ومشروعات الطاقة، والتحول الأخضر.

تطرق اللقاءان إلى ملف التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبى حول العديد من القضايا الإقليمية فى المحافل الدولية؛ خاصةً تطورات الأوضاع فى إفريقيا ومستجدات الأزمة الأوكرانية وتداعياتها السياسية والاقتصادية، و... و... وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أهمية وثيقة «أولويات المشاركة المصرية الأوروبية حتى عام ٢٠٢٧»، كإطار حيوى لمزيد من تعميق الشراكة المصرية الأوروبية فى كل المجالات. والمعنى نفسه، كرره رئيس المجلس الأوروبى الذى ثمّن جهود مصر فى العمل على تسوية الأزمات القائمة بالمنطقة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الإعلان المشترك لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين قوبل بانتقاد أوكرانى. إذ نشر أوليج نيكولينكو، المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية، فى حسابه على «فيسبوك»، صورة للجزء المتعلق ببلاده فى الإعلان، وشطب أجزاء منه، واستبدل بها كلمات تقول إن أوكرانيا «ضحية لعدوان روسى غير مبرر»، مع تعليق يقول إن مشاركتها فى القمة كانت ستتيح للمشاركين فهم الوضع بشكل أفضل!.