رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السكان الأصحاء.. والتنمية

بتحديد الروابط بين السكان والصحة والتنمية، واستكشاف فرص التعاون، والاتفاق على تفعيل دول المسئولية الاجتماعية ووضع برامج السكان على رأس أولويات التنمية المستدامة، انتهت، أمس الجمعة، فعاليات «المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية ٢٠٢٣»، الذى استضافته العاصمة الإدارية، تحت رعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأقيمت خلال أيامه الأربعة ٦٥ جلسة حوارية، شارك فيها ٢٧٠ متحدثًا مصريًا وعربيًا، وأجنبيًا، إضافة إلى مشاركة ١٢٥ فى ١٤ ورشة و٣٣ جلسة، أقامها البرنامج العلمى للزمالة المصرية.

أقيم المؤتمر تحت شعار أو عنوان، «سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة»، ويمكن النظر إليه كخطوة ثانية، أو ثالثة، بعد ٢٩ سنة من استضافة القاهرة «المؤتمر الدولى للسكان والتنمية»، الذى استند إلى خطة عمل وتوصيات مؤتمرين دوليين للسكان، أقيم أحدهما فى بوخارست، سنة ١٩٧٤، والثانى فى مكسيكو سيتى سنة ١٩٨٤. كما استند، أيضًا، إلى نتائج مؤتمر القمة العالمى للأطفال، سنة ١٩٩٠، ومؤتمر الأمم المتحدة المعنى بالبيئة والتنمية، سنة ١٩٩٢، والمؤتمر العالمى لحقوق الإنسان، سنة ١٩٩٣. وقيل، وقتها، إن استضافة القاهرة المؤتمر، كانت خطوة ناجحة ويقال الآن إن مجهودات مشتركة ترتبت على تلك الخطوة.

فى ذلك المؤتمر، الذى يصفه الموقع الرسمى للأمم المتحدة بـ«التاريخى»، اجتمع ممثلو ١٧٩ حكومة، فى القاهرة، من ٥ إلى ١٣ سبتمبر ١٩٩٤، واعتمدوا برنامج عمل اعترف بالصحة الإنجابية، وتمكين المرأة، والمساواة بين الجنسين كركائز للتنمية المستدامة، وكان من بين نتائج المؤتمر أو أبرزها، إنشاء «صندوق الأمم المتحدة للسكان». وبعد خمس وعشرين سنة، تحديدًا فى نوفمبر ٢٠١٩، استضافت العاصمة الكينية نيروبى، «المؤتمر الدولى للسكان والتنمية +٢٥»، الذى اتفقت فيه الحكومات ووكالات الأمم المتحدة وممثلو القطاع الخاص والمجتمع المدنى والمجموعات النسائية، على مواصلة تنفيذ برنامج عمل مؤتمر القاهرة.

تأسيسًا على ذلك، استبقت وزارة الصحة والسكان مؤتمر ٢٠٢٣، بالإشارة إلى أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوة جديدة وتبنى رؤية مختلفة وتبادل الخبرات، لإطلاق استراتيجية حديثة تتناول القضية السكانية بأسلوب جديد. وعليه، كان أبرز وأهم ما شهده المؤتمر، فى رأينا، هو إطلاق حوار مجتمعى بشأن «الاستراتيجية الوطنية للصحة ٢٠٢٣- ٢٠٣٠»، وهى غير «الخطة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية ٢٠٢٣- ٢٠٣٠»، التى تهدف إلى تحقيق التوازن بين السكان والتنمية، من خلال تعزيز الصحة الإنجابية، وتمكين المرأة، والاستثمار فى الشباب، وتحسين فرص التعليم، ورفع الوعى بالقضايا السكانية، و... و... وغيرها.

فى الجلسة التى تم خلالها إطلاق هذا الحوار، أكد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، أهمية عقد نقاشات مجتمعية بصفة دورية لوضع الإطار الاستراتيجى الوطنى للصحة بمصر، يشارك فيها كل المعنيين، مشدًدا على أهمية مشاركة وتفاعل شباب الأطباء فى تلك النقاشات. كما أشار إلى أن المواطنين والمرضى، سيكون بوسعهم المشاركة فى تلك الحوارات، من خلال تطبيق سوف يتم إطلاقه خلال الأيام المقبلة.

الهدف الأساسى من تلك النقاشات، أو الجلسات الحوارية، الخروج بخطة عمل تنفيذية ووضع خطة زمنية محددة أقصاها نهاية العام الجارى، ٢٠٢٣، تمهيدًا لإطلاق العمل بالاستراتيجية، بداية العام المقبل، بالتعاون مع كل القطاعات المعنية بالوزارة، وبالشراكة مع مختلف الوزارات والهيئات والجهات ومؤسسات المجتمع المدنى، وفقًا لاستراتيجيات مستدامة، تضمن تقديم خدمات طبية جيدة للمواطنين، وتحقيق «رؤية مصر ٢٠٣٠» بشأن التغطية الصحية الشاملة وتحسين جودة الخدمات المقدمة بالقطاع الصحى ككل.

.. وتبقى الإشارة إلى أن دور المجتمع المدنى، تناولته جلسة حوارية، ركزت على ضرورة التكاتف لمواجهة تحديات الصحة العامة، والأساليب والنماذج المبتكرة، التى تنفذها المنظمات غير الحكومية لتقديم خدمات الرعاية الصحية فى البيئات محدودة الموارد. كما ناقشت مساهمات المجتمع المدنى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، واستعرضت نماذج من الشراكات الناجحة، التى تمكنت من سد الفجوات بين الدول والأقاليم الجغرافية والمجموعات الاجتماعية والاقتصادية والجماعات الإثنية المختلفة، وأتاحت الحصول على الرعاية الصحية للفئات الأكثر احتياجًا، أو فقرًا، سواء من حيث البنية التحتية أو الخدمات الأساسية.