رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة إفريقيا للمناخ

بالدعوة إلى إصلاح النظام المالى الدولى، لتخفيف عبء الديون، الذى يثقل كاهل الدول الإفريقية، ويمنعها من تحويل تعهداتها المناخية إلى أفعال، انتهت، أمس الأربعاء، «قمة إفريقيا للمناخ»، التى استضافتها العاصمة الكينية نيروبى. وتصادف أن يعلن أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قبل انتهائها بساعات، عن «بدء الانهيار المناخى»، فى بيان أصدره تعليقًا على تأكيد مرصد كوبرنيكوس، التابع للاتحاد الأوروبى، أن صيف نصف الكرة الأرضية الشمالى، هذا العام، كان الأكثر حرًا على الإطلاق.

الأمين العام للأمم المتحدة، كان مشاركًا فى القمة، التى أقيمت تحت شعار، أو عنوان، «تحفيز النمو الأخضر وحلول تمويل المناخ لإفريقيا والعالم»، وطالب، هو الآخر، بإصلاح النظام المالى العالمى «غير العادل وغير المتوازن، الذى عفا عليه الزمن»، لافتًا إلى أنه «يعكس العالم كما كان، وليس كما ينبغى أن يكون». كما أكد الرئيس الكينى، وليام روتو، أن القارة الإفريقية لن تتمكّن من الاستفادة من إمكاناتها الخضراء، دون وجود نظام مالى دولى عادل، يسهم فى تخفيف عبء الديون، ويدعم استثمارات ميسورة التكلفة.

نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى هذه القمة، وألقى خلالها كلمتين، إحداهما فى جلسة «أجندة المناخ الدولى»، والثانية فى الجلسة الأهم، أو التى نراها كذلك: جلسة «الهيكل العالمى الجديد لتمويل المناخ». بالضبط، كما كان «يوم التمويل»، هو أهم أيام القمة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، فى نوفمبر الماضى. وهو اليوم، الذى جرى خلاله إطلاق «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، Just Financing، الذى يضمن، أو المفترض أن يضمن، وصول الدول النامية إليه، نوعيًا وكميًا، ويدعم مسارات التنمية المرنة، ويراعى مسئولية الدول المتقدمة التاريخية عن تغير المناخ. 

التمويل المناخى العادل، دون أدنى شك، هو الركيزة الأساسية لتحقيق الأهداف المناخية والتعهدات الوطنية، خاصة بالنسبة لقارتنا الإفريقية. ومن هذا المنطلق، استعرض رئيس الوزراء رؤية مصر فى هذا الملف، التى تقوم على ضرورة تحويل أزمة أو تحدى الديون إلى فرصة للتمويل المبتكر، والتوافق على آليات فعّالة لمبادلة الديون، وتوجيه التمويل لتنفيذ المشروعات التنموية والبيئية، مؤكدًا أن رفع مستوى طموح المساهمات، المحددة وطنيًا، دون إحداث رفع مماثل فى جهود حشد التمويل ومراجعة أدوات التمويل الحالية، لن يسهم فى تحقيق الأهداف المطلوبة، سواء فى مجال تحول الطاقة، أو خفض الانبعاثات، أو دعم التكيف.

الاتفاقيات الدولية، على رأسها الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ واتفاق باريس، تضمنت اعترافًا واضحًا بوجود ارتباط كامل بين حجم التمويل المقدم للدول النامية، وتنفيذ جهودها، مساهماتها، أو تعهداتها الطموحة المحددة وطنيًا. وعليه، ولكى تتمكن تلك الدول من تنفيذ هذه التعهدات، طالبت مصر، بلسان رئيس وزرائها، بضرورة التعامل مع الفجوة التمويلية الهائلة بنهج واقعى، والبناء على التقديرات الحالية، التى بلغت ٥.٦ تريليون دولار.

لا نعرف مدى صحة، أو دقة هذا الرقم، لكن ما اتفقت عليه تقارير عديدة هو أن تنفيذ التعهدات المحددة وطنيًا فى قارة إفريقيا، وحدها، يحتاج إلى ٣٥٠ مليار دولار، سنويًا، حتى سنة ٢٠٣٠. والأهم، هو أن حشد هذا التمويل، كما أكد رئيس الوزراء، يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية المتعددة الأطراف، حتى تتمكن من تنفيذ الأهداف التى نصت عليها قمة شرم الشيخ للمناخ.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدول الإفريقية، والدول النامية إجمالًا، الأقل إسهامًا فى مشكلة التغير المناخى، والأكثر تأثرًا بتبعاتها، تواجه تحديات عديدة للحصول على التمويل اللازم، لمواجهة هذه التبعات، ومواصلة جهودها فى التنمية، خاصة عقب وباء كورونا والأزمة الأوكرانية. ولعلك تعرف أن قمة شرم الشيخ انتزعت، فى سابقة تاريخية، الموافقة على إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار»، وجدّدت مطالبة الدول، التى توصف بأنها متقدمة، بتقديم المائة مليار دولار، التى تعهدت بها فى كوبنهاجن سنة ٢٠٠٩، ثم سنة ٢٠١٥ فى باريس.