رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

“الصخب والعنف” لـ وليام فوكنر رواية لا تعرف التحديد الزمنى التقليدى

وليام فوكنر
وليام فوكنر

يعد الكاتب “وليام فوكنر”، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1962، أهم كاتب روائي في تاريخ الأدب الأمريكي، وأحد كبار روائي القرن العشرين. فاز بجائزة نوبل في الآداب عام 1949، وجائزة البوليترز الأمريكية عام ــ رحيله ــ 1962.

 

وتعد رواية “الصخب والعنف” لـ وليام فوكنر، درة الرواية الأمريكية، وأحد روائع القرن العشرين الأدبية النادرة. رواية فريدة، عصية علي الإدراك، عسيرة علي الامتلاك، ضد السهولة والتقليدية والخفة في الإبداع والقراءة.

 

ما يميز رواية “الصخب والعنف”، لـ وليام فوكنر، هو تعدد مستويات الوعي وجغرافيات شخوصها، واللغة، مندمجين في بنية مركبة. رواية لا تعرف التحديد الزمني التقليدي، المستقيم والأفقي. 

 

ويضيف المترجم محمد يونس، في تقديمه لترجمة رواية “الصخب والعنف”، لـ وليام فوكنر: منح فوكنر جائزة نوبل علي "مساهمته القوية والفريدة فنيا في الرواية الأمريكية الحديثة.

 

وإذا كان التكنيك الذي تبناه وليام فوكنر في روايته “الصخب والعنف”، نفيا للزمانية أو التقيد بالزمن، فإن السبب في ذلك يرجع إلي أننا نخلط بين الزمانية والتتابع الزمني. فالإنسان هو الذي اخترع الساعات والتواريخ، ولكي نصل ؤلي الزمن الحقيقي، يتعين علينا أن نتخلي عن المقاييس المبتكرة التي لا تقيس شئ. 

 

ويشدد “يونس” علي: ما يتكشف لنا ــ بناء علي ذلك ــ أن الحاضر ليس هو الحد المثالي الذي يتحدد موضعه بدقة بين الماضي والمستقبل. فحاضر "فوكنر"  لا عقلاني في جوهره. إنه الحدث الذي ينسل إلينا مثل لص بشع ويتعذر فهمه، ينسل إلينا ثم يختفي. وخارج هذا الحاضر لا يوجد شئ، نظرا لأن المستقبل لم يوجد، وينشأ الحاضر من مصادر لا نعلمها، ويجرف بعيدا حاضر آخر، فهو يبدأ من جديد إلي الأبد.

 

ــ وليام فوكنر: “الصخب والعنف” كتبتها دون تعب

و عن روايته “الصخب والعنف”، يقول وليام فوكنر: هذه الرواية، هي الرواية الوحيدة التي كتبتها ــ من بين سبع روايات ــ دون تعب أو جهد أو أي شعور تال من التعب أو الارتياح أو الأشمئزاز. 

 

وعندما شرعت فيها لم تكن لدي أية خطة علي الاطلاق. ولم أكن أكتب رواية، بل أفكر في كتابة عدة كتب، بل الأمر علي العكس، فقد كنت أقول لنفسي، إنه لا ينبغي أن أشعر بالقلق مما يفضله الناشر أو لا يفضله علي الإطلاق.

 

ويمضي “فوكنر” مضيفا: قبل ذلك بأربعة أعوام، كتبت “راتب جندي” ولم تستغرق كتابتها مني وقتا طويلا، ونشرت علي الفور، وحصلت منها علي 500 دولار تقريبا، وقلت لنفسي إن كتابة الروايات أمر سهل، ولا تستلزم منك الكثير من الجهد.

 

وكتبت رواية “البعوض” وكانت كتابتها سهلة للغاية، وطبعت علي الفور، وحصلت منها علي نحو 400 دولار. وقلت لنفسي إن هناك المزيد من الروايات لتكتبها. ونظرا لأني كنت روائيا بأكثر مما أعتقد، فقد كتبت رواية “سارتوريس” واستغرقت كتابتها وقت أطول، ورفضها الناشر علي الفور. ولكني واصلت تسويقها نحو ثلاثة سنوات بعناد، ورغم أن الأمل في نشرها بدأ يخفت، وربما كان السبب وراء ذلك هو البحث عن مبرر للوقت الذي أمضيته في كتابتها، ومات هذا الأمل ببطء ولكن لا بأس فذات يوم، بدا أنني قد أغلقت الباب بيني وبين كافة عناوين الناشرين وقوائم الكتب، وقلت لنفسي إنني يمكنني الآن أن أكتب، يمكنني الآن أن أجعل من نفسي زهرية مثل تلك الزهرية التي احتفظ بها الروماني القديم في سريره، وأبلي حافتها من كثرة تقبيله لها، ومن ثم فإنني ــ أنا الذي لم يكن لي أخت، وكان قدري أن أفقد ابنتي في طفولتها ــ شرعت في أن أجعل من نفسي فتاة صغيرة ومأساوية.