رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد رمضان ليه؟

من سنين بدأت الظاهرة، وهي اتساع الفارق بين "الرأي العام" و"ما تظن أنه الرأي العام"، يعني إيه؟ نبدأ الحكاية من الأول.

ما قبل 2011، إنت كـ مواطن عايز تعرف "الرأي العام" منشغل بـ إيه، ومنحاز لـ إيه؟ وبـ يختار إيه؟ كنت بـ تعمل إيه؟ بـ الظبط، بـ تشوف المجتمع المحيط بيك شخصيًا، الأسرة، الشغل، المدرسة، القهوة.. إلخ إلخ، ولما تلاقي دا معبر عنه بـ شكل أو بـ آخر في الإعلام، بـ تطمن إنه تصورك صحيح.

طيب، ماذا لو كان الإعلام بـ يقدم صورة مختلفة؟ ساعتها بـ يبقى التفسير سهل، لـ إنه الإعلام دا رسمي سواء كان قومي (حكومي) أو معارضة أو مستقل، في النهاية كله تحت جناح الدولة، فـ بـ تقول لـ نفسك، طبعًا هم مش هـ يتناولوا القضية دي (التي تهم الرأي العام) عمدًا مع سبق الإصرار والترصد لـ أسباب سياسية، وكان الله بـ السر عليمًا.

ما قبل 25 يناير بـ قليل، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر رويدًا رويدًا، لكنها في النهاية كانت نخبوية في الأول، وكانوا مسميين الناس اللي عاملين حسابات على المواقع دي "العيال بتاعة الفيسبوك" بـ اعتبارهم يعني من الجيل الجديد ساعتها، وكان الكبار يفخروا بـ إنهم "مالهمش في الحاجات دي"، وكانت ماشية.

مع 25 يناير تنبهت الأغلبية لـ خطورة هذه المواقع، وحصل الانفجار العظيم وبقت الأغلبية عاملين حسابات وبـ يتكلموا وبـ يتابعوا حسابات تانية أو صفحات أو أو أو، وهنا كان المتوقع إنه هذه المواقع تقدم تعبيرًا دقيقًا لـ الرأي العام، اللي ما تقدرش الآلة الرسمية تحدد له مساراته واختياراته.

لكن، لكن، لكن يا سيدي دا ما حصلش، يمكن أول صدمة بـ النسبة لي كانت استفتاء مارس 2011، لما كانت الأغلبية الساحقة على فيسبوك وتويتر مع التصويت بـ "لا"، ثم خرجت النتيجة بـ العكس، ساعتها كان التفسير السهل إنه نتيجة الاستفتاء مزورة، لكني ما استريحتش لـ هذا التفسير المريح، وبدأت مع نفسي أوسع شوية ما أطلع عليه على قد ما أقدر.

بـ سؤال شرايح أوسع من نطاقي الشخصي، ومن نطاق "أصدقائي" في مواقع التواصل اقتنعت إنه نتيجة الاستفتاء معبرة فعلًا عن "اللي حاصل"، هي طبعًا كانت مشكلة، وأعرف منين اللي حاصل، ما أنا كنت فاكره حاجة، ولما وسعت البحث شوية طلع حاجة تانية، مش يمكن لو كان عندي قدرة أكبر أشوف حاجة تالتة؟

يمكن، لكن في النهاية سيبك من الاستفتاء، تنبهت لـ الظاهرة، ما تظنه الرأي العام استنادًا لـ دايرتك على مواقع التواصل الاجتماعي مش هو خالص اللي حاصل على الأرض، ويومًا بعد يوم الظاهرة دي تزداد تأكيدًا.

كام حد مشهور جدًا جدًا في دوايرك، لكن جارك في العمارة ما يعرفوش، أهلك ما سمعوش اسمه، سواق التاكسي يفتكروا اسم شارع؟ وكام عمل فني عامل دوشة عندك، ومحدش يعرفه؟ وكام نجم له عشرات الآلاف من المتابعين، لو مشي في الشارع محدش ياخد باله منه، وكام وكام وكام؟

فيما يخص الفن، الحكاية دي بـ تلقي بـ ظلالها، وهي إنه عمل فني ينتشر وناس كتير تتكلم عنه على السوشيال ميديا، وعمل تاني ما تلاقيش حد ذكره حتى، إنما "في الواقع" مشاهدات العمل التاني عشرة أو عشرين ضعف العمل الأول، ودا بـ يبان عند المعلنين، اللي بـ يعتمدوا على طرق كتيرة ومتنوعة في معرفة حجم الانتشار الفعلي، فـ محدش منهم بـ ياكل من السوشيال ميديا.

أعتفد إنه محمد رمضان هو الوحيد اللي محقق الانتشار هنا وهناك، ع السوشيال ميديا وع الأرض، أيًا كان شكل هذا الانتشار وسببه.

عادة اللي شاطرين في الانتشار على فيسبوك وتويتر وما إلى ذلك ما عندهمش القدرة على مخاطبة الشريحة الأوسع اللي هي أميرة بـ حجابي، وأبو حسين اللي ممكن يكون عندهم حساب بس مش مهتمين بـ تسجيل انطباعاتهم عن الأعمال الفنية، لكن بـ الطبع عندهم انطباعات، وبـ يشوفوا وهم دول اللي بـ يشكلوا الكتلة الأكبر في نسب المشاهدة الفعلية.

محمد رمضان محقق المعادلة دي، محققها إزاي؟ هل دا إيجابي ولا سلبي؟ إيه تأثير دا؟ إيه مدى القدرة على استنساخه؟ كل دي موضوعات تالية ممكن نناقشها بعدين، إنما اللي حاصل هو إنه محقق المعادلة دي ولـ وحده.