رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تين شوكى

سهير السمان- اليمن
سهير السمان- اليمن

أقطع الطريق المعتادة من منزلنا إلى المدرسة، طريق ترابية ترتفع كلما تقدمت خطواتى، ينتشر على جانبيها التين الشوكى، أسير بقدمين شبه حافيتين وبزى مدرسى لا يختلف لونه عن لون نبات التين الشوكى، فحين أتجه كل يوم إلى المدرسة بين هذا النبات، أشعر وكأنى نبتة مثله، ولكنى اليوم أفكر بتلك المسائل الحسابية التى لم أستطع حلها يوم أمس، وأعتقد أنى سأنال حصة لا بأس بها من العقاب، أفكر ألا أكمل طريقى إلى المدرسة، فالعصا فى انتظارى وستلهب كفىَّ، وقد تتورمان ولن أستطيع مسك القلم، ظللت أتمشى فى هذه الطريق، وأقطف بعضًا من التين، التقطت بعض الأكياس البلاستيكية المنتشرة، وغطيت كفى حتى لا يلتصق بهما الشوك، جمعت التين فى كيس وفكرت أن أبيعه، أخذت أمشى فى الطريق وحقيبتى المدرسية المصنوعة من القماش على ظهرى، لم أشعر بشىء بعد أن انطلقت رصاصة اخترقت رأسى، وأنا ما أزال ممسكًا بأكياس التين. 

يبدو أنى غيرت وجهتى للمدرسة لأتلقى الرصاصة فى هذا الصباح.

صباح لم أردد فيه النشيد الوطنى، ولم أقم بحل مسائل الرياضيات، فنجوت من عقاب المعلم لى. فكان صوت الطلقة هو آخر صوت سمعته هذا الصباح.

كان شيئًا مفاجئًا، فلم أتعرف على قاتلى، وظللت مرميًا على الطريق التى اعتدت السير فيها، كأنها ترفض مغادرتى، فهل ستعرف الملائكة أنه لم أكن أنا المقصود؟ وهل سيعيدوننى إلى فصلى الدراسى؟

لم يأخذوا رأيى فى الموت، كما لم يؤخذ حين أتيت إلى هذا العالم. ولم يسألنى أحد بماذا كنت أحلم؟ والآن وبعد أن هربتُ من حل أسئلة الرياضيات، يبقى علىّ الإجابة عن أسئلة أخرى.

هنا فى قبرى الصغير الذى وضعت فيه بالقرب من شجرة التين لن أرفض الإجابة عن أسئلة الملكين!

- ما اسمك؟

على أية حال هم يعرفون الاسم.

- وعمرك، فيم أفنيته؟

- أى عمر؟... ها..... تذكرت.. لقد فنى فجأة.

كان الملكان يهمهمان بشىء ما، ولكنهما قالا أخيرًا: 

- يبدو أنك جئت إلى هنا بالخطأ، ما علمناه الآن أن شخصًا آخر يجب أن يكون فى مكانك. 

- ما يبدو لى أنكما لا تعرفان غير إجابة واحدة فى هذا المكان، حفظتماها منذ ملايين السنين، ولكن يجب أن تتقبلا الإجابة المختلفة الآن. فالموت كثيرًا ما يخطئ هنا.