رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معاوية

اليومين اللي فاتوا، أينما حللت أو ارتحلت، ناس تسألني عن مسلسل "معاوية"، وإذا ما كنت أدعم صناعه في تجسيد شخصيات من الصحابة أم لأ؟
طب يا جماعة، السؤال دا غلط من وجهة نظري، السؤال نفسه هو اللي غلط، لـ إنه تخصيص الكلام عن عمل بـ عينه بـ يحط المسئول داخل إطاره، بـ التالي إذا بقى مع، هـ يشيل "مع" كلها، وإذا كان "ضد" هـ يشيل "ضد" كلها، بينما زي ما إحنا عارفين، الدستور بـ يقول إيه: كل حاجة ولها حاجة.
بادئ ذي بدء، أنا مش ضد إنه أي حد يعمل أي حاجة طالما لا تخالف القانون، ودا ممكن يجرنا لـ متاهة نقاش ما نطلعش منها حوالين الأمر من الناحية القانونية، بـ التالي أنا مش ضد إنه أي حد يعمل أي حاجة.
ما أريد لفت النظر إليه فقط، هو إنه الموضوع دا له كذا مستوى، أولها كلمة "تجسيد" قبل ما نتكلم عن تجسيد مين؟ وشايف هنا مشكلة كبيرة تتعلق بـ مفهومنا هنا عن الفن، مفيش فن يا جماعة بـ يقول "اللي حصل"، مفيش، ودا مش دوره ولا مسئوليته ولا ينفع تقييده بيه.
مثلا، طه حسين لما كتب "الأيام"، هل دا كان "تأريخ" لـ حياته؟ لأ، لـ إنه ما وثقش فيها أي حاجة، ولا ذكر حتى أي تواريخ، إنما هو بس قدم "شهادة" لـ ما انتقاه من حياته، كتب عن مرحلة معينة، بـ مشاعر مش معلومات، فـ هو لما بـ يتكلم مثلا عن الشيخ اللي امتحنه، اتكلم عن مشاعره بـ شأن الامتحان، ويجوز فيه مبالغة، ويجوز فيه تخفيف، ويجوز فيه حاجات ما أدركهاش، ويجوز حاجات سقطت من الذاكرة.
إذن رؤية طه حسين عن جانب من حياته، ثم جه صناع الفيلم أولا، ثم صناع المسلسل ثانيا، كل فريق منهم قدم هو كمان رؤيته، فـ أضاف وحذف وعدل وتخيل، وكل عمل منهم هو رؤية لـ جانب أو جوانب من الموضوع.
كذلك كل الأعمال المؤسسة على أحداث "حقيقية"، هي لا تعرض الأحداث ولا يمكن لها أن تعرض، أم كلثوم، ناصر 56، أيام السادات، هارون الرشيد، عبد الناصر صلاح الدين، أي عمل من دول قدم رؤية "تخيلية"، ومن السذاجة مناقشتها تاريخيا، دا عمل فني.
ثم ييجي الكلام عن الصحابة، وهل لهم تعريف معين؟ وهل لهم درجات؟ وهل بعضهم يتميز عن بعض؟ أصل أنا أتصور إنه الموضوع مالوش علاقة بـ تجسيد الصحابة من حيث المبدأ، إنما أول ما يبقى الموضوع له جوانب سياسية، أو بـ يلمس مع شئون طائفية، بـ يطلع سلاح تجسيد الصحابة.
أفتكر ساعة أزمة فيلم الرسالة في السبعينات، كان فيه ارتباك في الأزهر وقت صناعة الفيلم، والأمور راحت وجات وجات وراحت لـ حد ما انتهى الأمر بـ قرار منع عرض الفيلم في مصر، ودا رغم إنه مصر أنتجت أفلام كتير قبله من مراحل الإسلام الأولى، زي الشيماء وبلال مؤذن الرسول وغيره وغيره، بس لـ إنه الأمور كانت تحت السيطرة وفي المضمون، مشيت عادي، إنما واحد جي من بره، مش معروف إيه ممكن يكون امتداد الأمور عنده أيدلوجيا وسياسيا.
الحكاية متشعبة جدا، وخلاصتها، يا ريت اللي عايز يناقش حاجة أو حد أو عمل، يناقشه هو مباشرة ونفكنا من حكاية تجسيد الصحابة دي، عشان مش هي الموضوع.