رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهادة ثقة جديدة.. مكاسب مصر من الاتفاق مع صندوق النقد الدولى

جريدة الدستور

أشاد خبراء اقتصاديون باقتراب حصول مصر على حزمة تمويلية من صندوق النقد الدولى، مشددين على أن هذه الخطوة فى غاية الأهمية، على ضوء التداعيات التى فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية على كل دول العالم. وقال خبراء، تحدثت إليهم «الدستور»، إن نجاح الاجتماعات الفنية بين مصر ومديرى وخبراء صندوق النقد الدولى شهادة جديدة على نجاح الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات العالمية، وخطوة تشجع على ضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية فى مصر، وبالتالى دعم جهود البنك المركزى لمواجهة نقص الحصيلة الدولارية، وتعويض خروج أكثر من ٢٠ مليار دولار بسبب الأزمة العالمية. وأعلن البنك المركزى المصرى ووزارة المالية، مع نهاية زيارة الوفد المصرى إلى واشنطن، عن نجاح الزيارة والاجتماعات الفنية التى تمت بين الجانب المصرى ومديرى وخبراء صندوق النقد الدولى، ما أسفر عن اتفاق كامل حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الجديد، الذى سيكون مدعومًا من صندوق النقد. ويتضمن البرنامج الإصلاحى للسلطات المصرية ٣ محاور رئيسية، تتمثل فى: الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية، والسياسة النقدية، والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصرى.

يشجع على ضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية وينهى نقص «الحصيلة الدولارية»

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى رئيس مكتب القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن نجاح الاجتماعات الفنية بين الجانب المصرى ومديرى وخبراء صندوق النقد الدولى، ضمن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين فى العاصمة الأمريكية واشنطن- جاء فى التوقيت المناسب، ويخدم مصالح مصر بشكل كبير.

وأضاف «السيد»: «حصول مصر على حزمة تمويلية من صندوق النقد الدولى شهادة جديدة لنجاح اقتصادها فى مواجهة الأزمات العالمية، وسيؤدى إلى اتجاه المستثمرين صوبها لضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية، فى ظل تأكدهم من أن السياسة المالية والاقتصادية المصرية آمنة ومستقرة».

وواصل: «هذه الخطوة تدعم البنك المركزى المصرى فى مواجهة نقص الحصيلة الدولارية وزيادة الطلب على الدولار، وتشجع المستثمرين الأجانب على دخول السوق المصرية وتنفيذ مشروعات كبرى، وبالتالى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر، ما يعوض الأموال التى خرجت من السوق خلال الأشهر الستة الماضية وبلغت أكثر من ٢٠ مليار دولار». ونوه إلى أن الاجتماعات الأخيرة أسفرت عن اتفاق كامل حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الجديد، الذى سيكون مدعومًا من صندوق النقد الدولى، على أن يتضمن البرنامج المنتظر تمويلًا للمساهمة فى تغطية الفجوة التمويلية لمصر، فى ظل أزمة نقص العملات الأجنبية مؤخرًا مع تداعيات حرب أوكرانيا، ورفع الفائدة عالميًا، وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة فى مصر بمبالغ تتجاوز ٢٠ مليار دولار.

واختتم بقوله: «البرنامج الإصلاحى لمصر الذى تم تقديمه لإدارة صندوق النقد لاقى قبول واستحسان إدارة الصندوق، ومن المؤكد أنه سيتم الإعلان عن الاتفاق النهائى الخاص بالبرنامج الجديد فى القريب العاجل، بعد زيارة وفد خبراء صندوق النقد إلى مصر».

يسهم فى السيطرة على التضخم وزيادة الأسعار

رأى الدكتور فرج عبدالله، عضو الجمعية المصرية للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، أن الحصول على حزمة تمويلية من صندوق النقد الدولى يسهم فى السيطرة على معدلات التضخم وزيادة الأسعار التى تأتى بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد، وتشكل ضغطًا كبيرًا على المواطنين.

وقال «عبدالله» إن هذه الأزمة كانت تتطلب إجراءات استثنائية للحد من آثارها السلبية الصعبة، على رأسها الحصول على حزمة تمويلية من صندوق النقد، إلى جانب فرض رقابة شديدة على الأسواق، وتجهيز منتجات بديلة بأسعار مناسبة للمواطنين.

وشدد على أهمية العمل لزيادة حجم الصادرات وتعظيم التنافسية الخاصة بها فى الأسواق الخارجية، وزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر المعتمد بشكل أساسى على وجود أسعار صرف تنافسية، وزيادة إيرادات السياحة، وكذلك تحويلات العاملين فى الخارج، التى تشكل مصدرًا مهمًا من مصادر النقد وتفضل أسعار الصرف الأعلى، ما يدفع هذه الفئة إلى توجيه تحويلاتهم تجاه المصادر الرسمية.

يدعم خطط الدولة المصرية للتنمية

ذكر الخبير الاقتصادى عمرو يوسف إن أهمية الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على مستوى الخبراء بشأن مكونات البرنامج الجديد تكمن فى أن القرض المزمع التعاقد عليه، لاستكمال خطة التنمية الاقتصادية بمصر، يسهم فى دفع عجلة التنمية، نظرًا للكلفة التى تتحملها خطة البرنامج.

وأضاف: «تعانى مصر فى الوقت الحالى من تحديات تزيد من كلفة السلع والخدمات الدولارية، نتيجة المشكلات فى خطوط الإمداد فى عنصرى الطاقة والغذاء، ما يؤدى إلى زيادة الضغط على موارد الدولة من الاحتياطيات النقدية، ويجعل الخيار صعبًا ومحيرًا بين التنمية والدعم من منطلق الحماية الاجتماعية، ومن هنا تأتى أهمية القرض لدعم موازنة الدولة استكمالًا لمقتضيات التنمية المطلوبة».

يؤكد قدرة الحكومة على سداد الديون

أوضحت الخبيرة الاستشارية شيماء فرغلى أن قرض صندوق النقد الدولى لمصر يمثل شهادة للاقتصاد المصرى بأنه قادر على سداد ديونه، لأنه لا توجد أى مؤسسة دولية تُقرض بلدًا يكون غير قادر على السداد، مؤكدة أن مصر لم تتعثر أبدًا فى سداد الديون المستحقة عليها.

وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يكون قرض الصندوق ما بين ٣ و٥ مليارات دولار، مع وضع شروط تسهم فى مواجهة التضخم عبر رفع سعر الفائدة، بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص وزيادة مشاركته فى تنمية الاقتصاد القومى، عبر وثيقة سياسة ملكية الدولة، وهو ما تعمل عليه الحكومة حاليًا.

وأضافت: «من بين إجراءات الإصلاح الاقتصادى، التى تطلّبها التوافق مع شروط صندوق النقد الدولى، يأتى طرح بعض الشركات فى البورصة وبعض الكيانات المملوكة للصندوق السيادى، وهو ما تقوم به الدولة فعلًا فى إطار البحث عن جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية».

ينعكس إيجابًا على التصنيف الائتمانى

قال على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن نتائج مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولى جاءت إيجابية، بعد أكثر من ٦ أشهر تقريبًا من المباحثات.

وأضاف «الإدريسى»: «بعد الحصول على القرض سيتدفق النقد الأجنبى إلى مصر وتحقيق ما يعرف بالجدارة الائتمانية، وبث الثقة فى الاقتصاد المصرى، وتأكيد قدرته على مواجهة الصدمات، خاصة تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية».

وأوضح أن الجدارة الائتمانية سوف تنعكس على العديد من النقاط، منها بث الثقة فى نفوس المستثمرين، خاصة الأجانب، سواء كانت الاستثمارات مباشرة أو غير مباشرة، ما ينعكس بشكل إيجابى على التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، من قبل وكالات التصنيف الائتمانية، وهو أمر غاية فى الأهمية بالنسبة للمستثمرين.

وذكر أن الآليات والشروط مرتبطة بعمليات الإصلاح الاقتصادى فى مصر، وأن جزءًا منها مرتبط بوجود سعر عادل للجنيه، وهو أمر أكد عليه الصندوق عدة مرات، وأيضًا عدم تدخل البنك المركزى للتغيير من قيمة الجنيه.

وأشار إلى أن البنك المركزى جعل سعر الصرف يعمل وفقًا للعرض والطلب، ما انعكس تدريجيًا على قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.

يحقق انفراجة فى توفير العملة الصعبة

أكد كريم عادل، مدير مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الوصول لاتفاق بشأن الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولى، فى ظل أزمة النقص الحاد فى العوائد الدولارية، يعد أمرًا إيجابيًا للغاية، لكونه يحقق انفراجة فى توفير الدولار.

وأشار إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد كانت صعبة بسببب الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم، لافتًا إلى أن الصندوق وضع عدة شروط للحصول على القرض، تتضمن الضبط المالى لخفض نسب الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى، مع تحرير سعر الصرف بالكامل، فى الوقت الذى كانت فيه الحكومة ترغب فى أن تحافظ على سعر صرف يتناسب مع ظروف الدولة.

وأضاف: «من بين شروط الصندوق توسيع دائرة الحماية الاجتماعية للبسطاء، وهو ما يتماشى مع خطة الدولة عبر مبادرة (حياة كريمة)، وبرنامجى (تكافل وكرامة) اللذين يستفيد منهما نحو ٤ ملايين أسرة».