رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفهوم السعادة من مواقع دولية متعددة

مفكر هولندي سلط الضوء على مفهوم السعادة على أنها "تقابل مواقف لآخرين يتمنون السعادة".. لكن يختلف مفهوم السعادة من منطقة أو دولة لأخرى مختلفة فى معناها من مواطن دولة لأخرى.. فإذا سألت أمريكيًا عن السعادة.. فأنت إذًا أمام إجابات متعددة، منها أنها رائعة ومنها حسنة ودرجة ثالثة تسمع كلمات مثل "ماشية" أو "يعني".

وهنا ندرك أن الحال ليس على درجة من الجودة فما يراه شخص أن ما يعرض عليه هو ممتاز بينما لو عرض علي آخر من دولة أخري كالولايات المتحدة يراه لا بأس.

بينما يري ذات الأمر من منظور دولة أخري ومن وضع مادي مرتفع أنه ليس كما ينبغي. حتى أن مفهوم السعادة يتغير من منظور دولي. وبالسؤال عن سلم السعادة من أدناه إلي قمته فنجد المؤشر المنخفض يقع في المحيط الإفريقي من تنزانيا ثم إلي رواندا ثم إلي زيمبابوي ثم غانا، ومن مدرج السعادة نجد في قاعها بيلاروس ومولدوفا ثم أوكرانيا وأوزباكستان مع أكثر من عشر دول أخري.

وهنا يأتي السؤال هل الدول الديمقراطية أكثر سعادة من الدول الديكتاتورية؟ والجواب ليس من الضرورة، فهناك دول كانت تحت الحكم السوفيتي أصبحت أقل سعادة باستقلالها الحالي، أي أن الديمقراطية ليست بالضرورة تعطي سعادة بل أن الدول السعيدة تسعي نحو الوحدة الاستقلالية ومن الدول المستقلة ما تعاني البؤس.. فكان تعبير أهلها وقبل أن يسعدوا بالاستقلال ألا وكأننا وقعنا في بالوعة البؤس، وكان المؤشر يقول "خيمة النرويج لم تمنح تغطية كاملة".

بينما دولة أخري مثل سويسرا تري أن مظلتها كانت أكثر من جيدة، حيث التعبير عنها كان: "حمتنا من الأمطار الكثيرة ومن الرياح العاتية حتي يعيش من عليها دافئًا لا بل أكثر سعادة وهناء"، فيأتي موقعها في مدرج السعادة في القمة وتكون من أفضل المدن للحياة وليس للزيارة فقط، وعلي سبيل المثال عندما ركبت الأتوبيس وكان مزدحمًا.. أي جميع المقاعد مشغولة.. إذ بشاب يقف تاركًا مقعده لهذه السيدة الأمريكية، والتي عبرت أن هذا لا يحدث في نيويورك.
وعندما سؤلت الأمريكية زائرة سويسرا عما أسعدها خلاف نظافة دورات المياه العامة ودقة مواعيد القطارات هناك، قالت إن السويسري يكره الحديث عن المال بقدر الحديث عن المعاملات الرقيقة والراقية في التعامل مع الآخرين الذين جل حديثهم عن المال والمكاسب.

فالمعاملات الراقية والرقيقة تفوق الأموال، فالأمريكي كل اهتمامه كم وصل ارتفاع دخله المالي، بينما السويسري يري أن المال هو لاستخدام صاحبه وليس للتعالي علي غيره.

وفي رأينا أن المال في وضع لحالتين متعارضتين، إذا أنفق المال في الاحتياج والعمل دون تعال على الفقير أصبح المال بركة لمالكه وللمحتاجين الذين سددت احتياجاتهم، أما إذا كان المال بقصد التعالي والازدراء بالفقراء يصبح المال نقمة لا نعمة.

وهنا نذكر دعاء الإنسان البسيط الذي نعرفه جيدًا "اللهم لا تسمح باحتياج وفقر يذلني ولا مال يغرني بل حياة القناعة والرضي والسخاء في العطاء دون كبر أو افتخار، فمن الله كل الخير والنعم وله كل الشكر بروح السخاء والعطاء".

فمن يد القدير تأتي البركات وأيادينا توزع الهبات، فالفقير مستحق للعون دون ملل أو استعلاء والغني المعطي بسخاء دون تعال أو رياء، فما بأيدي المعطين ليس عن تميز وازدراء بل هو رد القليل من كثير منحه المعطي الذي لا يبيت مديونًا لمن أعطوا بل يزيد من عطاياه بكل الحب علي مدي العمر بل ولأبنائنا وبناتنا بكل سخاء.