رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفاتيح ثلاثية لانتقاء الكلمة

أولا: أوزنها.. ثانيا: حللها.. ثالثا: فعلها.. فكل كلمة تخرج من أفواهنا نحاسب عليها، بداية من أنفسنا كيف خرجت هذه الكلمات من فمي؟ هل فكرت في معناها ومغزاها ومدي تأثيرها علي سامعيها؟.
كيف يكون وقعها علي متلقيها أو حتي من سمعها صدفة دون أن تعنيه؟ الكلمة قبل ان تصدر من الفم هي ملك لصاحبها، عليه تأملها وفحص معناها ومدي تأثيرها علي سامعيها؟ بالكلمة الطيبة نسعد سامعيها وبالكلمة النابية تؤذي متلقيها ويشمئز منها سامعها حتي لو لم تكن تقصده أو يعنيها من نطق بها ومن كلمات الحكمة والفهم نسمع ونقرأ "كلمات فم الحكيم نعمة، وشفتا الجاهل تبتلعانه".
لهذا ينصح الحكيم بالقول : صن لسانك عن الشر، وشفتيك عن التكلم بالغش، شفتا الصديق تهديان كثيرين، أما الأغبياء فيموتون من نقص الفهم، لهذا تقول الحكمة "ليكن كل إنسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم، مبطئا في الغضب، لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله".
“في الكلام كرامة وهوان ، ولسان الإنسان تهلكته، لا تدع تماما ولا تختل بلسانك فإن للسارق الخزي ولذي اللسانين المذمة الشديدة”. ( يشوع بن صراخ) أما حكيم زمانه فيقول: "الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط" الفم العذب يكثر الأصدقاء واللسان اللطيف يكثر المؤانسات".
وكلمات فم الحكيم نعمة، وشفتا الجاهل تبتلعانه والنصيحة الربانية تقول، صن لسانك عن الشر وشفتيك عن التكلم بالغش وشفتا الصديق تعرفان المرضي وفم الأشرار أكاذيب ونصيحة يشوع بن سيراخ تقول "في الكلام كرامة وهوان ولسان الإنسان تهلكته، لا تدعُ نماما ولا تخول بلسانك فإن للسارق الخزي ولذي اللسانين المذمة الشديدة يشوع بن سيراخ أمنت لذلك تكلمت أجمل ما في الحياة قلبا تحكي له كل شيء كان أعظم نداء وأحلي دعاء رباني "يا بني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي وفي مقولة رائعة لنجيب محفوظ: “الحياة فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان؛ أما الموت فهو الحقيقة الراسخة”.
وفي مقولة رائعة له: "المعاناة لديها جانبها من الفرح، واليأس له نعومته، والموت له معنى" أما المقولة التي لا تقل مكانة وقوة لذات الكاتب: "بعضهم يهديك الحب دون أن تهديه أي شيء، وبعضهم يهديك الألم بعد ان تهديه كل شيء. أما إذا تشابه حضورك مع غيابك، ارحل"•
ومن روائع ما نطق به الحكيم "الصيت أفضل من الغني العظيم والأمانة أفضل من الفضة والذهب"، والذكي يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فسيعاقبون وثواب التواضع غني وكرامة وحياة . ربي الولد في طريق الحق فمتي شاخ أيضا لا يحيد عنه أما الكسلان فيقول الأسد في الشارع ويموت جوعا لخوفه أن يخرج إلي السوق واسمع صاغيا لكلام الحكماء فحسن إن حفظتها ولا تسلب الفقير لكونه فقيرا ولا تغلق الباب في وجه مسكين وجه قلبك إلي الأدب، ولا تفرح بسقوط عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر ولا تغر من الشرير ولا تحسد إلا ثمين ولا تخالط المتلونون والمتلقون، وإذا جلست للحكم فلا تحابي الوجوه ولا تكن شاهدا بشفتيك ولا تقل بما فعل بي هكذا افعل به بل الزم الحق والعدل.
أما من نصائح الحكيم لمن بيده الأمر: محاباة الوجوه في الحكم ليست صالحة ومن يقول للمخطئ أنت برىء تسبه العامة وتلعنه الشعوب، أما الذين يقضون بالعدل ينعمون ومن الحكمة قول الحكيم إن جاع عدوك فأطعمه خبزا وإن عطش فاسقه ماء فإنك تجمع جمرا علي رأسه والله يجازيك خيرا.
ومياه باردة لنفس عطشانة وخبر طيب من أرض بعيدة شهادة لا تنسي والعوض يأتي من الأعالي قال الكسلان الأسد في الطريق فيموت جوعا الكسلان يخفي يده في الصحفة ويشق عليه أن يرفعها إلي فمه وأهم النصائح تقول العاقل من يسلك بالكمال ولا يساير المتلونون فالأمين كثير البركات والمستعجل إلي الغني لا يبرأ السالب أباه أو أمه وهو يقول لا بأس فهو رفيق لرجل مخرب المنتفخ النفس يهيج الخصام والمتكل علي الله يسمن ومن يعطي الفقير لا يحتاج ومن يحجب عنه عينيه لعنات كثيرة.
وختام الحكمة تقول "الحاكم بالحق للفقراء يثبت كرسيه والعصا والتوبيخ يعطيان حكمة".. وأخيرا من يقاسم سارقا يبغض نفسه ويسمع اللعن بأذنيه، والمتكل علي الله يرفع شأنه، من الجميل أن نقرأ ونسمع الحكمة والأحكام والنصائح والأوزان لكن لا ننسي أن واجبنا أن نسمع ونعمل وإلا كنا نحاسا يطنّ أو سنجاً يرن.
وأختم حديثي بمقولة يشوع بن سيراخ “رب ساكت يعد حكيما ورب متكلم يكره لطول حديثه ، من الساكتين من يسكت لأنه لا يجد جوابا، ومن يسكت لأنه يعرف الأوقات الإنسان الحكيم يسكت إلي حين أما العاتي والجاهل فلا يبالي بالأوقات، فالكثير الكلام يمقت والمتسلط جورا يبغض”.
وكلمات فم الحكيم نعمة وشفتا الجاهل تبتلعانه، فصن لسانك عن الشر وشفتيك عن التكلم بالغش وتطول النصائح العلوية وعلينا كقراء أو مهتمين بأولادنا وذوينا وكل من حولنا وإن بعدوا عنا ففي النصائح العلوية حياة طيبة وسعادة ربانية لا مثيل لها، وتذكرة لمقدمتنا نكرر "أوزنها ثم حللها ولا تنس أن تفعل ما تسمع أو تقرأ".