رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على عتبات الجمهورية الثانية

الأهم ممن حضروا أو غابوا عن حفل «إفطار الأسرة المصرية»، كان إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن تكليف «إدارة المؤتمر الوطنى للشباب» بالتنسيق مع التيارات السياسية والحزبية والشبابية، لـ«عقد حوار سياسى مع كل القوى»، بشأن أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، وإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدنى. 

بحضور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، وأسر شهداء الجيش والشرطة، ووزراء وصحفيين وإعلاميين وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ، أعلن الرئيس، أيضًا، عن قرارات أو تكليفات مهمة للحكومة، يمكن اعتبارها خطة اقتصادية لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، تضمنت وضع أطر ومحددات لتنفيذها، مع ملاحظة أن الرئيس كان قد وجه الحكومة، قبلها بساعات، باستمرار العمل على تحقيق الانضباط المالى للموازنة العامة، مع اتخاذ جميع الإجراءات التى تضمن الحفاظ على المسار المالى والاقتصادى الآمن للدولة.

الملف الاقتصادى نال الجانب الأكبر من كلمة الرئيس أو من تكليفاته للحكومة التى تضمنت إطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.. طرح حصص من شركات مملوكة للدولة فى البورصة المصرية قبل نهاية العام الجارى.. طرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية.. دعم مضاعف للقطاع الخاص للاضطلاع بدوره فى تنمية الاقتصاد والإعلان عن برنامج لمشاركته فى الأصول المملوكة للدولة بمستهدف ١٠ مليارات دولار سنويًا لمدة ٤ سنوات.. استمرار عمل المعارض التى أسهمت فى توفير السلع الأساسية للمواطنين و... و... وتكليف الحكومة بعقد مؤتمر صحفى لإعلان خطة الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية.

فى رد ضمنى على مخاوف البعض من زيادة الديون، قال الرئيس إنه «كلف الحكومة بإعلان خطة واضحة يتم الالتزام بها لخفض الدين العام كنسبة من الناتج القومى». وصباح أمس، الأربعاء، أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماع المجلس الأسبوعى، أن الحكومة ستبدأ تنفيذ تكليفات الرئيس وفق خطة تنفيذية، مع إشارة مقلقة، إلى تقرير «البنك الدولى» بشأن ارتفاع الأسعار فى الفترة المقبلة!.

وضعنا الاقتصادى مطمئن جدًا، ومؤشرات الأداء المالى للموازنة العامة للدولة، تقول إن الفترة من يوليو ٢٠٢١ إلى مارس ٢٠٢٢، شهدت تحسنًا ملموسًا مقارنة بالفترة نفسها خلال العام المالى الماضى، إذ انخفضت نسبة العجز الكلى إلى الناتج المحلى إلى ٤.٩٪، من المتوقع خفضها إلى حوالى ٦٫٢٪ بنهاية العام المالى الجارى. مع أن مخصصات جميع أبواب المصروفات ارتفعت بشكل كبير لتوفير الاحتياجات اللازمة لقطاعات الدولة، خلال الفترة الماضية، كما تم توفير نحو ٨٤ مليار جنيه لقطاع الصحة وسداد ٨٠ مليار جنيه لمبادرة «حياة كريمة» و١٦ مليار جنيه لمبادرة «تكافل وكرامة»، و٥٠ مليار جنيه لدعم السلع الغذائية.

الواضح هو أننا لا نريد فقط امتصاص الصدمة، بل «نطمح إلى تأسيس اقتصاد وطنى قوى يكون قادرًا على التصدى لمختلف الأزمات لنحقق من خلاله معدلات نمو مرتفعة تستطيع توفير العديد من فرص العمل لشبابنا الطامح الساعى لتحقيق ذاته ورسم طريق مستقبله». وما بين التنصيص من كلمة الرئيس بمناسبة الذكرى الـ٤٠ لتحرير سيناء، التى شدّد فيها على ضرورة «تعظيم قدرات القوى الشاملة للدولة» باعتبارها على «رأس أولويات الدولة المصرية» فى ظل أوضاع إقليمية ودولية «بالغة التعقيد»، مؤكدًا أن «مَن أراد السلام عليه امتلاك القوة اللازمة، القادرة على الحفاظ عليـه»، وموضحًا أننا «بقدر اهتمامنا بقدرتنا العسكرية نمضى أيضًا على خطوط متوازية نحو الارتقاء بباقى القدرات الشاملة للدولة، والتى من أهمها القدرة الاقتصادية». 

.. وأخيرًا، نرى أن كلمة الرئيس فى حفل «إفطار الأسرة المصرية»، أو تكليفاته للحكومة، تطوى عددًا من آخر صفحات الجمهورية الأولى، الشائخة، بمفاهيم التأسيس وتاريخ الميلاد، وتضعنا على عتبات، أو أعتاب، الجمهورية الثانية، الشابة والقوية، المدنية، الديمقراطية، الحديثة التى تتسع لكل أبنائها.