رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

روسيا وأمريكا فى المعترك الدولى


فيما يبدو أن الحرب الباردة بدأت تعود وعلى نحو واضح هذه الأيام وقد كان ذلك بفعل تلك المواقف الساخنة فى منطقة « الشرق الأوسط» والتى بدأت بعد ثورات الربيع العربى.. وقد كانت الولايات المتحدة قد انفردت بإدارة المنطقة بغض النظر عن نجاحها من فشلها فى إدارة المنطقة إلا أن المحصلة النهائية قد أثبتت فشلاً ذريعًا لهذه السياسة الأمريكية

... وقد أكدت التجربة أو غياب روسيا من المعترك الدولى بعد تفكك عروقها على يد السياسة التى اتبعها جوربا تشوف وهى التروتسيكا والتى قد كانت بالفعل يقف وراءها المخطط الأمريكى وتلك الخطة التى وصفها هنرى كيسنجر لكى ما يقضى على الخصم الذى يعد بمثابة حجر الصدمة الذى تصطدم به السياسة الأمريكية فى محاولتها للسيطرة والهيمنة على العالم وتحقيق مفهوم « الدولة العالمية».. ولكن فيما يبدو أنها قد أثبتت فشلاً ذريعاً فى إدارتها لهذه الدولة العالمية وقد أخفقت فى أن تصل بنا إلى عالم يتسم بالمزيد من الاستقرار وذلك على خلاف ما توقع الباحثون السياسيون فى مجال العلاقات الدولية بعد أن انتهت الحرب الباردة والتى كان يرون أنها سوف تؤدى إلى تحقيق المزيد من الهدوء فى العلاقات الدولية وكذلك التوتر Teusion بين « الدول «وأن ذلك سوف يمنح الدول قدراً أكبر من توجيه جهودها نحو تحقيق « التنمية الاقتصادية» وأن ذلك سوف يؤدى إلى رفاهية العالم وتمتعه بالمزيد من النمو ولكن ما حدث قد كان العكس وعلى خلاف ما توقع الخبراء والمحللون السياسون إذ إن ذلك قد أدى إلى ارتفاع معدل الصراعات من « الحروب الداخلية فى الدول النامية» وقد زاد ذلك المعدل على نحو كبير فى منطقة الشرق الأوسط والتى استأثرت بثلث هذه الصراعات ومن ثم فإن العالم قد تراجع إلى الوراء وعانت الدول الأوروبية من الصراعات والحروب الأهلية المدمرة.. وقد كان الأسلوب الذى اتبعته الإدارة الأمريكية فى إدارة العلاقات الدولية يتسم بالغلظة وعدم التروى وقد كرس إستخدام القوة والعنف على نحو كبير لاسيما بداية من عصر بوش الأب والابن.. الأول وقع فى عهده حرب الخليج وكانت بداية التدخل العسكرى الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط وجاء غزو العراق من جانب بوش الابن ليؤكد ذلك «المنهج» ولكن ذلك قد أدى إلى المزيد من الفشل فى إدارة العلاقات الدولية وأصبحت الدول الأقل على الأكثر ضرراً.. لذلك كان سوء الإدارة الأمريكية أحد الأسباب التى أدت إلى عودة الدب الروسى إلى المياه الدافئة مرة أخرى وبدأت روسيا تدخل بقوة رأينا ذلك فى الأزمة السورية التى وقعت إلى جانب سوريا وأيدتها وكذلك فى أزمات أخرى والتى أعادت وبقوة خلال الحرب الباردة وفيما يبدو أن الاتحاد السوفيتى قد عاد يملأ ذلك الفراغ الأمريكى ليس فى منطقة الشرق الأوسط ولكن فى العالم.. وهناك نوع من الإقبال من جانب دول العالم الثالث للعودة إلى أحضان الدب الروسى والذى فتح زراعيه لأنه كان ينتظر هذه اللحظة التى منحتها له الإدارة الأمريكية الفاشلة على طبق من فضة.. وعلى الرغم من صعوبة الأحداث والتطورات التى يمر بها النظام الدولى إلا أن الأمر لن يؤدى كما قد يعتقد البعض فى ظل هذه الحالة من الاستنفار والتحدى من قبل الولايات المتحدة للاتحاد السوفيتى وعلى الجانب الآخر موقف الاتحاد السوفيتى الصارم والذى لا يخلو من نبرة تهديد سوف يؤدى إلى تحقيق المزيد من الاستقرار فى العلاقات الدولية.. كما أنه سوف يؤدى إلى إيجاد مساحة للدول الصغيرة للتحرك بحرية بعيداً عن السطوة الأمريكية والسياسة الإملائية التعسفية التى تتبعها لقد دخلت روسيا المعترك الدولى بقوة وهناك حالة من الشد والتوتر وبدأت الدول الحليفة القديمة فى العودة إلى ذلك النفوذ السوفيتى

■ دكتوراة فى العلوم السياسية