رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر ضائعة


الغالبية العظمى من السلفيين تنظر إلى الديمقراطية على أنها أمر مناقض للإسلام، ويقوم جوهر حجة السلفيين على أن انتخاب المشرعين لسن قوانين ينتهك حكم الله، الذى هو صاحب السيادة الوحيد الحقيقى فى العالم، ومن ثم فإنه من خلال إعلاء سيادة الديمقراطية فإن المرء يساوى بين البشر والخالق وبالتالى فأحدهما يعبد الآخر.

ونتيجة لذلك، لا يكون المرء مسلماً حقاً لأن معتقداته انزلقت نحو الشرك، ومع ذلك، فإن الأحزاب السلفية المنتشرة بسرعة فى العالم العربى تظهر الآن أقوالاً هى بعيدة عن هذا الموقف العقائدى، وبطبيعة الحال فإن مشاركة الأحزاب السلفية لا تشكل التزاما عمليا أو أيديولوجيا حقيقيا بالمبادئ الديمقراطية، فهى مواقف تكتيكية لأحزاب تزعم أنها تتبع إرادة الله حقا فى حين أن ممارسات بعض من قادتها كانوا أبعد فى الممارسة عن التقاليد الديمقراطية بل والسلوكيات الأخلاقية التى وصلت إلى حد الفضائح فى مجتمع محافظ مثل المجتمع المصرى، كما أنهم يجاهرون بمواقف مناقضة لحقوق الأقليات والنساء.

ويزيد من تفاقم الوضع سوءا تولى رئيس إخوانى الرئاسة كما لاحظت «وول ستريت جورنال» فإن ذلك أوضح أن «مصر ضائعة»؟

لأن السماء تحررهم من قوانين الأرض، لأنهم لا يستطيعون التقيد بقوانين الأرض، سواء ما كان منها سياسياً أو اجتماعياً أو علمياً أو غير ذلك، «إذا ويرون أن قولهم بالشريعة هو إنكار مبطن للدولة بجميع أشكالها، هو تعبير عن عجز السياسة، وفقر المخيلة، وعدم القدرةعلى الفعل والالتزام، والرئيس يرى نفسه مجبرا على الانصياع لإرادة مكتب الإرشاد الذى يعمل جاهدا على أسلمة جهاز الدولة أو أخونته، وعدم الإصغاء لمشاركة أى فريق سياسى آخر لأنه حسب اتفاق الرئيس مع حلفائه السياسيين يعيد الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة - كان الاتفاق أن تكون هناك شراكة كاملة معهم، وأن يكون رئيس الحكومة من الشخصيات الوطنية الكبرى المستقلة والتى تحظى بتوافق واسع، وما حصل شيء من ذلك، كما لاحظنا ليس الافتقار الإخوانى إلى الأفق والبرامج الحقيقية فقط، بل وللنزوع الدعائى، ولا يدل على اهتمام حقيقى بإقامة نظام جديد، بقدر ما يدل على التشبث بالبقاء فى السلطة.

والمضحك المبكى أن «الإخوان» الذين يقدر عددهم بستمائة ألف شخص يريدون فرض آرائهم على أكثر من 81 مليون مصرى، إن الإخوان الذين يزعمون أنهم يمثلون الثورة والجمهور معا، ومن ثم فإن كل من يقف بوجههم متهم إما بالعداء للإسلام أو العداء للثورة! مع أن تاريخهم كله قائم على التآمر على الشعب لحساب الطغاة واتخاذ الإسلام مطية لتحقيق مآرب سياسية وتاريخهم لا يعرف الثورة ولا يقر بها، تاريخهم قائم على التكيف مع الطغاة وعقد الصفقات معهم.

إن تحالف الفاشيين، والإسلاميين الذين نقصدهم يجتمع على أن مصر أضحت مزرعة غرائز بدائية، وهذا الجمع يقول، كل من مرقد عنزته، إن على مصر الخضوع لهم ولابد أن تسلم وتخضع لعملية تفكيك الدولة المصرية المدنية كى تصبح مزرعتهم دولة.

■ أستاذ العلوم السياسية