رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطبة الجمعة الموحدة


لا يوجد على وجه الأرض إصلاح سياسى قبل وجود إصلاح الخطاب الديني، وإصلاح الخطاب الدينى يقوم أولا وقبل كل شىء على الداعى للدين، وهو منصب خطير ورهيب، فرجل الدين يجب أن يكون من أهل الذكر الذين قال الله سبحانه عنهم «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وقوله تعالى «لعلمه الذين يستنبطونه»

والرجل هذا من أهل الذكر يتسم بصفات علمية تجعله أهلا لاستنباط الأحكام، كما يتحلى بصفات خلقية، وهى صفات لا تتوافر إلا فى عدد ربما لا يتعدى عدد أصابع يد واحدة، وهؤلاء هم من نأخذ عنهم العلم والزهد والقدوة والخلق الحسن، ولا ننسى ذات يوم طلب أحد المواطنين فتوى من الشيخ الشعراوى، فما كان من الشيخ الجليل إلا أن يطلب من الرجل طلب الفتوى من الشيخ عطية صقر، فهذا رجل الدين الحقيقى، فمن غير المعقول أن يكون رجل الدين ذا ثروة طائلة لا يعرف أحد مصدرها يحدث الناس عن الزهد، ويصرف تلك الثروة فى الزواج من القاصرات باسم الدين، ومن غير المعقول أن يمسى رجل الدين سياسيا يخضع السياسة لمنطق الحلال والحرام، وإذا تركنا الخطاب الدينى لهؤلاء الذين لا يعرفون فرضا من نافلة، أو أصلا من فرع لضلوا وأضلوا، كما قال الشيخ الجليل محمد الغزالى، وقد عشنا حوالى أربعين عاما فى ظل فتاوى التكفير، من فوق منابر لا تنتمى للأزهر الشريف، ومن خلال كتيبات بالملايين توزع مجانا، وكذلك شرائط الكاسيت التى غزت كل مكان فى السيارات والمحلات وغيرهما، ولقد أنفق على هذا الفكر أكثر من خمسة وسبعين مليون دولار، فأشاعوا التكفير لكل شىء ومن أى شىء، وتغير الذوق المصرى للأسوأ، فالآذان صار منفرا، ومنعت البسملة من سورة الفاتحة فى الصلاة، وحرموا المدائح والابتهالات الدينية، خاصة تلك التى نسمعها من طوبار والنقشبندى والفشنى وغيرهم، وتخلى الكثيرون عن سماع أصوات المنشاوى والحصرى وعبد الباسط والبنا وغيرهم، إلى سماع أصوات لم تدرس علوم القرآن ولا التغنى بالقرآن كما طلب النبى عليه الصلاة والسلام فى حديثه الشريف «ليس منّا من لم يتغن بالقرآن»، وبسبب كل ذلك زاد التدين المظهرى على التدين القلبي، فشاع الفساد وافتقر العباد..

لكل ذلك نرى أن من أهم انجازات ثورة الثلاثين من يونيو إصدار الدكتور محمد مختار جمعة قراره المانع لغير الأزهريين بالخطابة وضم كل المساجد للأوقاف، ثم توحيد خطبة الجمعة، وتوحيد خطبة الجمعة ليس كما يظن البعض توزيع ورقة ليخطب منها الشيخ من فوق المنبر، ولكن توحيد اسم الخطبة، وترك كل شيخ كيفية تناول الموضوع حسب رؤيته ونوعية المصلين، وهو قرار دينى صائب، سيقود لإصلاح سياسي، فشكرا للعالم الجليل وزير الأوقاف، ونطلب منه توحيد الآذان، وللحديث بقية.