رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ربيع المرتزقة والمخدرات

 

منتصف الشهر الجارى، تحل الذكرى الحادية عشرة لبدء اشتعال الأوضاع فى سوريا. وأمس، السبت، مرت سنتان على «هدنة إدلب»، التى وقعها الرئيسان الروسى والتركى، ولم تشر إلى مصير التنظيمات الإرهابية، أو كيفية ضبط تحركاتها. وبينما تستمر معاناة السوريين، قالت المخابرات الروسية إن قاعدة «التنف»، التى تحتلها القوات الأمريكية، شرق سوريا، باتت معسكرًا لتدريب إرهابيى داعش قبل إرسالهم إلى شرق أوكرانيا، كما أعلن الجيش الأردنى عن حرب غير معلنة، يخوضها ضد مهربى المخدرات على الحدود السورية.

الشقيقة سوريا، التى عصف بها ما يوصف بـ«الربيع العربى»، صار ٩٠٪ من مواطنيها تحت خط الفقر، ويعانى ٦٠٪ منهم من انعدام الأمن الغذائى، كما انخفضت قيمة الليرة السورية من ٤٦ إلى ٣٥٠٠ ليرة للدولار، وارتفعت أسعار المواد الغذائية ٣٣ مرة عما كانت عليه قبل «الربيع»، ما سهّل على تجّار الخراب، الذين جعلوا سوريا مرتعًا للإرهابيين، أن يحولوها إلى مزرعة لتفريخ المرتزقة وموطن إنتاج نوع من الأمفيتامينات، معروف باسم «الكبتاجون»، كنا قد وصفناه فى مقال سابق بأنه مخدر الإرهابيين المفضل.

خلال الأشهر الأخيرة، أعلنت السلطات السورية عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، وأكدت أنها اتخذت إجراءات صارمة لمنع إنتاجها. والخميس الماضى، أكدت القوات المسلحة الأردنية أنها تتبادل مع القوات السورية أى معلومات متعلقة بالتهريب. ومع ذلك، قال الجنرال مصطفى الحيارى، مدير الإعلام العسكرى الأردنى، إن تغير نمط عمليات التهريب من الأراضى السورية دفع إلى تطبيق قواعد اشتباك أكثر صرامة. والإثنين الماضى، زار العاهل الأردنى، الملك عبدالله، المنطقة العسكرية الشرقية على الحدود الأردنية السورية، للاطلاع على إجراءات مكافحة التهريب. وقال بيان أصدره القصر الملكى إن القوات المسلحة الأردنية أحبطت، منذ بداية ٢٠٢٢، تهريب ١٦ مليون حبة مخدرة وأكثر من ١٧ ألف كف حشيش.

مع المخدرات، وتحديدًا مخدّر الإرهابيين المفضل، جرى تصدير المرتزقة إلى ليبيا، وبعضهم ذهب إلى ناجورنو قره باخ. وكانت الفصائل التى ترفض إرسال عناصرها إلى هذه أو تلك، تتعرض لضغوط كبيرة، ويتم إيقاف الدعم عنها، حتى ترضخ. وحدث، مثلًا، أن استجابت بعض الميليشيات ثم امتنعت عن إرسال المزيد، اعتراضًا على تأخر الأجور وخفض مخصصات الطعام والذخيرة، بحسب مقطع صوتى، تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعى لقائد إحدى الفصائل، التى تحركها، أو تستعملها، الدول الداعمة للإرهاب.

المهم، هو أن البيان الصادر عن المخابرات الخارجية الروسية، أمس الأول الجمعة، ذكر أن القوات الأمريكية قامت نهاية ٢٠٢١ بتحرير الإرهابيين التابعين لتنظيم «داعش» من مواطنى روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة، وتم إرسالهم إلى قاعدة «التنف»، حيث خضعوا لتدريب خاص على تنفيذ الأعمال التخريبية والإرهابية، قبل إرسالهم إلى منطقة دونباس. وأضاف البيان أن الولايات المتحدة تواصل حشد «وحدات داعشية جديدة» فى الشرق الأوسط والدول الإفريقية، تمهيدًا لإرسالها إلى أوكرانيا عبر بولندا.

قيل، أيضًا، إن مسودات عقود جرى توزيعها على شباب سوريين تعرض عليهم سبعة آلاف دولار، مقابل «حماية المنشآت» بأوكرانيا، لمدة سبعة أشهر، ولا تسأل مع مَن ضد مَن، ليس لصعوبة السؤال، ولكن لأن الإجابة ستكون بلا جدوى. وفى السياق، ذكر موقع «باز فيد» الأمريكى أن ١٠ من قدامى محاربى العمليات الخاصة: ستة أمريكيين وثلاثة بريطانيين وألمانى، تلقوا تدريبات فى حلف شمال الأطلسى، وموجودون فى بولندا، ويخططون لعبور الحدود حتى ينضموا إلى «جهود الدفاع عن أوكرانيا وأوروبا والعالم»، ويكونوا نواة «اللواء الدولى»، الذى طالب الرئيس الأوكرانى بتشكيله لحماية بلاده!.

.. أخيرًا، وبينما أكد الكرملين أن السلطات الروسية ترصد ازدياد تدفق المرتزقة، من عدة دول على أوكرانيا، من بينهم إرهابيون اكتسبوا خبراتهم فى سوريا، زعم أوليكسى ريزنيكوف، وزير الدفاع الأوكرانى، أمس السبت، أن حوالى ٦٦ ألف أوكرانى عادوا من الخارج للانضمام إلى القتال ضد القوات الروسية، ما يجعلنا ندعوك إلى مشاهدة فيلم «صناعة أمريكية»، الذى أخرجه دوج ليمان عن قصة حقيقية لطيار استخدمته المخابرات المركزية الأمريكية لتهريب السلاح والمخدرات إلى جماعات مسلحة فى أمريكا الجنوبية.