رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آثار جانبية


إن كنت مواطنا شريفا محترما تحب هذا الوطن وتكره العصابات الإرهابية وذيولها من الخونة والمرتزقة، فإنك سوف تواجه سيلا من الانتقادات التى يروج لها فريق آخر من المواطنين بعضهم محترمون مثلك ولكنهم يرصدون سلبيات لا تليق بوطن محترم، وبعضهم يقولون إن النظام السابق لم يأخذ فرصة حقيقية لتصحيح أخطائه، وبعضهم من أنصار وأعضاء جماعة الإخوان يقولون إن كل ما نشهده من أحداث ليس سوى مؤامرة لتمكين نظام وأنصار دولة مبارك من العودة لفسادهم القديم.

لو نظرت حولك فى شىء من الموضوعية والحياد ستجد أن الكثير من أعضاء دولة مبارك شاركوا بالفعل مظاهرات يونيو وأسهموا بقسط وافر للغاية فى الإزالة الجماهيرية لدولة الإخوان، ولكنك ستفشل حتما فى رفض هذه المشاركة لأن هؤلاء الناس شركاء فى الوطن مهما كان رأيك فيهم، ولأن الإخوان بغبائهم ورعونتهم وفشلهم الذريع هم المسئول الأول عن المشاركة الفلولية الكثيفة فى مظاهرات 30 يونيو، ثم إن الإخوان لم يكونوا فى يوم من الأيام من معارضى نظام مبارك على المستوى السياسى، ولكنهم كانوا منافسين له على المستويين الشخصى والعنصرى، لن تعجبك أيضا طريقة التفاف قطاع كبير من المنافقين والعوالم والمشعلجية حول شخص الفريق السيسى، ولكنك لا تستطيع أن تنكر على هذا الرجل جدارته بالقفز إلى مقدمة المشهد السياسى بعد نجاحه إلى حد كبير وشبه إعجازى فى مواجهة عصابات الإخوان وتوجيه الجيش والشرطة إلى حالة الاستنفار القصوى لحماية الدولة من الإرهاب المحلى والدولى. لن تستريح إلى عودة الدولة البوليسية والفضائح التى يتم تسريبها كل يوم حول عدد من الناشطين السياسيين وشباب ثورة يناير وغيرهم، ولكنك لن تستريح أيضا لأفكار وهيجان هؤلاء الشباب وحرصهم الغريب على هدم كل أركان الدولة دون أن يقدم أحدهم بديلا واقعيا من أى نوع. سلبيات كثيرة تكتنف المشهد السياسى الذى تعيشه البلاد منذ إقالة مرسى حتى الآن، وقد تصل هذه السلبيات فى المستقبل القريب إلى عودة دولة مبارك من جديد، ولكن كل هذه السلبيات لا توازى مخاطر الخيانة والإرهاب والعنصرية والفتن الدينية وتقسيم البلاد أو انهيارها مثلما يحدث الآن فى سوريا وليبيا والعراق.كل هذه السلبيات يمكن علاجها من خلال الالتزام بمبادئ الدستور الجديد وإتاحة الفرصة لتكوين أحزاب جديدة وظهور قوى مدنية حقيقية فاعلة، ولو عاد مبارك نفسه لحكم مصر من جديد فمن المستحيل عودة الحزب الوطنى وعودة النظام السياسى إلى سيرته الأولى.

الأيام المقبلة سوف تحمل لنا خليطا من الفلول والثوار والمعتدلين، ولابد أن نقبل هذه التوليفة الجديدة بخيرها وشرها لأن كل دواء له بالضرورة آثار جانبية، ولأن ما يجبرك على المر هو الأمر منه، ولا شىء فى مصر أكثر مرارة من الإرهاب الدينى وعصابات الإسلام السياسى ومرتزقة المليونيات!

■ كاتب