رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. من أين جاء لقب «الحصري» ولهذه الأسباب نال لقب «الأرغول»؟

محمود خليل الحصري
محمود خليل الحصري

يوجد قول معروف صار أشبه بمثل تتناقله الأجيال وهو "نزل القرآن في مكة وقرئ في مصر"، قول له دلالات ومعان كثيرة، وفي مقدمتها استئثار دولة القراءة المصرية بآذان وقلوب محبي القرآن حول العالم.

 دولة القراءة المصرية التي شهدت عمالقة من أمثال محمد رفعت، الطبلاوي، علي البنا، عبد الباسط عبد الصمد، ومحمود خليل الحصري والذي تحل اليوم ذكري ميلاده الرابعة بعد المائة، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1917 بمدينة طنطا حيث مولد السيد البدوي، والذي أشاع في أبناء الغربية هواية قراءة القرآن الكريم، فكل من اكتشف حسن صوته وحلاوة حسه اتجه تلقائيا إلي قراءة القرآن الكريم بدلا من الغناء لأنه الأكثر مدعاة للاحترام بين الناس.

ــ من أين جاء لقب محمود خليل "الحصري"؟


يشير الروائي خيري شلبي في كتابه "عناقيد النور"، إلي أنه سأل الشيخ "الحصري" ذات يوم عن مدى ارتباط لقبه بمهنة صانع الحصائر فأكد لي أنها كانت مهنة الأب والجد، وليس من الضروري أن يكون الشيخ قد مارسها لتترك بصمتها علي حاشيته الشخصية، فالثابت أن المهن المتأصلة في بعض العائلات لا تترك أثرها علي ممارسيها فحسب بل تتركه في جينات الوراثة نفسها كخبرة مكتسبة تحرص السليقة الإنسانية دائما علي الاحتفاظ بها.

وأوضح شلبي، أن الشيخ  لم يكن يأنف من أي شيء، يتعلق بماضيه فإنه لشيء مشرف للإنسان أن يصعد بنفسه سلم النجاح من القاع إلي القمة متخطيا كل العقبات والحواجز دون تفريط في شيئ من قيمه وأصالته ومبادئه وهكذا كان الشيخ الحصري صاحب قصة كفاح مجيدة حققت له هذه المكانة البارزة وتوجته نجما كبيرا في جميع أنحاء العالم بعامة، والعالم الإسلامي بخاصة. 


ــ طه حسين والحكيم كونا ثقافة الشيخ الحصري


 ويتابع الروائي خيري شلبي قائلا، كان الشيخ محمود خليل الحصري، فلاحا مستنيرا حصل قدرا كبيرا من العلم المنهجي في الأزهر، وقدرا كبيرا من الثقافة العامة من خلال قراءات متنوعة للعقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وهيكل، والمازني، وأحمد شوقي، وأحمد حسن الزيات، وفريد أبو حديد، وعلي الجارم، كذلك كان قارئا جيدا ومثابرا للصحف بجميع أنواعها ومستوياتها، من الصحافة الثقافية الأدبية كمجلات الهلال، والعربي، والرسالة والثقافة إلي الصحافة السياسية الاجتماعية أسبوعية كانت أو يومية وحين تدخل صالون بيته في حي العجوزة، وهو أشبه ببيت العمدة في ارتفاع بابه عن الأرض بدرجات كثيرة واتساع شرفاته المطلة علي الشارع وانغلاقه في نفس الآن.

تري علي :"تربيزات" الصالون مجلات وآخر ساعة والمصور وروز اليوسف والإذاعة وصباح الخير والكواكب إلي جوار الأهرام والأخبار والجمهورية والمساء، وفي العادية يبادرك بمجرد الجلوس: هل قرأت الأهرام اليوم؟ ألم يلفت نظرك الخبر الفلاني؟ إن جريدة الأخبار أوردته بتوسع أما الجمهورية فتجاهلته ترى ما السر في ذلك؟، يا أخي شيئ عجيب ما كتبه فلان الفلاني في مجلة روز اليوسف، ثمة حديث في مجلة المصور في عددها الأخير لعلك انتبهت إليه، إن أحمد بهاء الدين ليس سهلا إنه دقرم ..ألخ".

ــ صوته كصوت "الأرغول"


عبقرية الأداء عند الشيخ الحصري تقوم على إحساسه اليقظ جدا، المرهف جدا، لموسيقى القرآن وهي موسيقى داخلية موضوعية تجعل من البيان القرآني سيمفونية بيانية صوتية تترجم المشاعر والأصوات والأشياء، تحيل المفردات إلي كائنات حية، ففي آيات القسم مثلا نستشعر من خلال الإيقاع الصوتي للكلمات في ترتيل الحصري، الفخر بالأشياء المقسوم بها، ومدي قدسيتها وأهميتها.

ويمضي "شلبي" مؤكدا،" هذه الموسيقي الداخلية كان الشيخ الحصري بارعا في قراءة نوتتها وفك رموزها بصوته الشبيه بصوت "الأرغول" في حدة قراره وحدة جوابه معا وفي الحالين مثير للشجن والرهبة والإحساس بالجلال والجلالة. كان صوته أقرب الأصوات إلي البداوة والبكارة الإنسانية الدسمة السخية، كان صوتا صحراويا ونيليا معا، مدويا، تهتز من ذبذبته رمال الصحراء وقمم الجبال والكثبان، وتحتضن رنينه الوديان والبوادي".