رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دستور بملامح المصريين


قد يخطئ البعض من يظن أن التصويت «على الدستور» والاستفتاء عليه قد بدأ يومى 14، 15 يناير وهو الموعد الرسمى للاستفتاء من خلال تلك الآلية المعروفة وهى الصندوق.. ولكن الاستفتاء على الدستور قد بدأ بطرق شتى وعديدة من خلال جميع وسائل الإعلام واللقاءات العديدة التى عقدت سواء كانت ندوات أو دعوات للحشد للدستور..

وكيف أن جموع شعب مصر قد استقر فى وجدانها وضميرها ذلك الارتياح والإعجاب بذلك الدستور ليس لأنه الدستور الذى وصل إلى حد الكمال فذلك أمر غير علمى أو عملى ولكن لأنه الدستور الذى صنعه وشارك فيه جميع المصريين من خلال من يمثلونهم أو الأشكال المؤسسية كالنقابات والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية وكل مؤسسات المجتمع المدنى.. وذلك ليس هو السبب الوحيد فقط الذى أدى إلى ارتياح المصريين لذلك الدستور لكن هناك سبباً آخر جوهرياً ألا وهو أن ذلك الدستور قد عبر عن جموع شعب مصر، وقد رأوا أن مصالحهم ممثلة فيه فلم يتجاهل شريحة من ذلك الشعب أو فئة أو طائفة حتى من ذوى الاحتياجات الخاصة الذين اشتركوا بقوة وفاعلية وشاركوا فيه .. ووجدوا أنه قد تضمن على جميع الضمانات التى تحفظ حقوقهم وكانت هذه أول سابقة لم يضمن ذلك الدستور أى محاذير أو أى عبارات للتمييز أو التنميط أو المحاباة لنفسه على حساب أخرى، وكان باب الحريات من أوسع ما يكون بحيث تنفس فيه المواطن وأزاح عن صدره ما كان يخاف منه ويخشاه فى الماضى.. الكل سواء فى ذلك الدستور «والمواطنة» هى معيار ومحدد الانتماء والأساس الذى يتم عليه تحديد الواجبات والحقوق لكل مواطن وقد صار التمييز بأى شكل من الأشكال جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم.. لقد كان دستوراً شاملاً ومختلفاً عن بقية الدساتير الأخرى وما هو معهود فى عملية صياغة الدساتير ليس على مستوى مصر فقط ولكن على مستوى العالم وذلك الأمر لا ينطوى على أى مبالغة ولكنه يعبر عن حقيقة يعرفها ويدركها كل من درس وتابع تاريخ نشأة الدساتير المكتوبة وأيضاً الكيفية أو القواعد التى تصاغ بها الدساتير.. لقد كان دستوراً تفصيلياً إذ تناول العديد من التفاصيل التى عادة ما تترك للقوانين بل وأتجرأ وأقول اللوائح لذلك كان التفصيل هو أحد الأسباب التى حاولت تلاشى هذه التجاوزات أو الانتهاكات violation للدستور لذلك قلصت من السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية وفى ذات الوقت زادت من «رقابة البرلمان» على أداء الحكومة وحقه فى سحب الثقة من رئيس الوزراء..كما حددت طرق التحقيق مع رئيس الجمهورية وإيقافه عن العمل ومن الذى يتولى أثناء إيقافه أو التحقيق معه مما يمكن معه أن يحدث التوازن فى السلطات والمسئوليات على النحو الذى يصب فى صالح المواطن أقصد تمتعه بحقوقه وحرياته وذلك هو دستور مصر الجديدة لأنه بما تضمنه قد استهدف أن يتحول وجه الحياة فى مصر وتجدد شبابها.

■ دكتوراه فى العلوم السياسية