رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ لن ننساه "17".. اغتيال الشيخ محمد الذهبي


كانت أولي العمليات التي قامت بها تلك الجماعات ضد المفكرين والكتاب تلك التي قامت بها جماعة التكفير والهجرة ضد الشيخ محمد سيد حسين الذهبي وزير الأوقاف في عام 1978 في أيام السادات.
والدكتور الذهبي تخرج من الأزهر الشريف وحصل على شهادة الدكتوراه وعين أستاذا في جامعة الأزهر. وقلب في مناصب التدريس في الجامعة الأزهرية. ومن أهم مؤلفاته كتاب التفسير والمفسرون: وفيه نقد لمناهج أهل البدع والأهواء كالصوفية والخوارج والمعتزلة والشيعة ومن نحا نحوهم من أصحاب المذاهب، وبعد وفاته قام ورثته كتيبات أهمها. الإسرائيليات، نور اليقين في هدي خاتم النبيين، وجوب الاحتكام الي شريعة الله، ومشكلات الدعوة والدعاة. والكتاب الأخير عبارة عن تقرير كان قد قدمه لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية عن فساد الدعوة في المساجد ووضح فيه أسباب هذا الفساد.
كما أصدرت وزارة الأوقاف في عهد الدكتور الذهبي كتاب ليس من تأليفه يهاجم الجماعات المتطرفة.
وفي التعديل الوزاري الذي أجراه السادات عام 1977 خرج الشيخ الذهبي من الوزارة، وكان الشيخ قد قدم بلاغ إبان توليه الوزارة اتهم فيه عدد من المسئولين الكبار في وزارة الأوقاف بأنهم باعوا بعض الأراضي التابعة للوزارة بقيمة تقل كثيرا عن قيمتها الحقيقية، ولما خرج الشيخ من الوزارة كان مطلوبا للشهادة أمام محكمة الجنايات في أكتوبر 1977.
وفي 3يوليو 1977 قامت جماعة مسلحة باختطاف الشيخ الذهبي من منزله في ضاحية حدائق حلوان في الساعة الثانية وعشر دقائق صباحا واقتادوه الي سيارة فيات كانت تنتظرهم أسفل المنزل. ادعي المختطفون أنهم من رجال الشرطة، وعندما حاولت الحراسة المعينة على منزل الشيخ -باعتباره وزيرا سابقا- قاموا بإطلاق النيران تجاههم. 
تعطلت السيارة التي تقل الخاطفين ومعهم الشيخ فتركوها واستقلوا سيارة أخري استوقفوها لهذا الغرض. فر أحد المسلحين ووقع قائد السيارة التي تعطلت في قبضة الجيران الذين استيقظوا على صراخ ابنة الشيخ وإطلاق النيران، كما قام الأهالي بتفريغ إطارات السيارة التي تعطلت. 
في الساعة الثانية والربع اتصلت ابنة الشيخ ببوليس النجدة وأبلغت عن الحادث. كما قامت بعدها بالاتصال بأحد الصحفيين وهو نشأت التغلبي الصحفي بصحيفة الحوادث اللبنانية. وهو من أصدقاء الشيخ لطلب معونته لسرعة إحضار رجال الأمن. وعلى الفور وصل الصحفي الى منزل الشيخ. 
في الساعة الرابعة وصل ضابط شرطة وبعده أربعة من الجنود. وتوالي بعدها وصول رجال الأمن والمحققين ورجال السلطة والنيابة.
أعلن المختطفون عن طريق وكالات الأنباء بأنهم من جماعة التكفير والهجرة، وان لهم مطالب لدي الدولة مقابل الإفراج عن الشيخ الذهبي وتركزت تلك المطالب في:
- الإفراج عن جميع المضبوطين من أعضاء الجماعة.
- دفع مبلغ مائة وخمسين ألف جنية كتعويض عما أصاب الجماعة من أضرار بسبب الإجراءات الأمنية السابق اتخاذها حيالهم.
- اعتبار القضايا السابق اتهام أعضاء بها كان لم تكن.
كان اللواء حسن أبو باشا مدير جهاز أمن الدولة خارج البلاد. في البداية حاولت الدولة الاستجابة لمطالب المختطفين. وتطوع أحد رجال الأعمال القريبين من السلطة ان يجهز المبلغ المطلوب على ان تتولي الدولة تنفيذ ما يخصها في باقي المطالب. وعند عودة حسن أبو باشا طلب على الفور تشكيل لجان تحري جديدة، ورفض الإذعان لمطالب المختطفين. 
وكشفت التحريات بعد سؤال السائق الذي قبض عليه، وتم الاستعانة ببعض المسجونين من أفراد الجماعة للاستعانة بهم، وتم القبض على أفراد الجماعة وضبطت لديهم أوراق تنظيمية. وتبين وجود طفل صغير كما عثر على أثار تدل على وجود شكري مصطفي زعيم جماعة التكفير والهجرة. وفي اليوم التالي تم ضبطه. كما تم القبض علي عضو آخر بالجماعة، وعندما أمسكه رجال الأمن حاول ابتلاع ورقة وعندما أخرجوها من فمه تبين ان بها تكليف لأحد أفراد التنظيم بالتخلص من الجثة وإلقائها في ترعة المريوطية بعد وضع كمية من النشادر بها. وكشفت التحريات عن مكان وجود الشيخ المحتجز في شقة بأحد الشوارع الجانبية بشارع الهرم. وعندما توجهت القوات الي المكان تبين وجود جثة الشيخ ملقاة على أحد الأسرة وقد أصيب بطلق ناري وصل الي المخ.
كشفت التحقيقات أبعاد التنظيم بالكامل ومخططاتهم وأهدافهم، وتم اعتقال كافة أفراده، وقامت الشرطة بالاتصال بالمسئولين في المؤسسات الدينية الأزهر والأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمجلس القومي للبحوث الجنائية وطلبوا منهم المساعدة العلمية عن أسباب انتشار تلك الأفكار في أوساط الشباب، كان هذا في عام 1877. وقدمت القضية الي المحكمة العسكرية وحكم بالإعدام على كل من: شكري أحمد مصطفي. ماهر عبد العزيز بكري. محمد عبد المقصود السيد غازي. احمد طارق عبد العليم.
كما حكمت المحكمة العسكرية على باقي أعضاء التنظيم بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن سنة. وقد خرجت تلك الأبحاث والندوات التي عقدت بنتائج أهمها:
- ان تلك الأفكار ليست بجديدة علي الإسلام.
- ان المؤسسات الدينية في مصر ليست لديها اهتمامات بالبحث فيما يسوقه هؤلاء من أدلة على صحة أفكارهم.
وضعت تلك العملية الأساس للجامعات المتطرفة لمعاقبة مخاليفهم في الرأي بعد ذلك 
وبدأ مسلسل الاغتيالات الذي عانت منه مصر الكثير، كما عانت منه حرية التعبير أكثر.
يتبع.