رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التشجيع والإبداع

مما لا شك فيه أن الإبداع مرتبط بالتشجيع لا بالتحطيم، وكلمة التشجيع لها مفعول السحر لدى متلقيها، فهى تحفزه للنجاح، وتدفعه لبذل المزيد من الجهد والإبداع. 

يقول أحد الطلبة وهو يدرس فى روسيا: «إن درجة أغلب الامتحانات فى روسيا تبدأ من ٥ درجات حتى لو لم يُجب الطالب عن أى سؤال، ووضع ورقته بيضاء يأخذ ٢ من ٥».

ويستطرد الطالب: «فى أول أيامى بجامعة موسكو لم أكن أعرف هذا النظام، فتعجبت وسألت الدكتور ثيودور ميدراييف قائلًا: أمِن المعقول أنه من لم يُجب عن أى سؤال يأخذ ٢، لماذا لا يأخذ صفرًا، أليس هذا هو المنطق؟».

فأجابنى الدكتور قائلًا: «كيف نُعطى لمخلوق بشرى صفرًا؟ كيف نعطيه صفرًا وهو من كان ينهض فى الساعة السابعة صباحًا ليحضر كل المحاضرات، كيف نعطيه صفرًا بما أنه نهض فى هذا الطقس البارد وركب المواصلات ووصل إلى الامتحان فى وقته وحاول حله؟، كيف نعطيه صفرًا وهو من سهر الليالى ليدرس وأنفق نقوده على الأقلام والكراريس واشترى حاسوبًا ليدرس به؟ كيف نعطيه صفرًا وهو من تخلى عن حياته لأجل الدراسة؟
هنا يا بُنى لا نعطى صفرًا لمجرد أنه لم يعرف الإجابة، فنحن على الأقل نحترم أنه إنسان، وأن له عقلًا، وأنه بذل مجهودًا، لأن الدرجة ليست درجة الامتحان فقط، بل هذه الدرجة هى احترام آدميته على أقل تقدير».

وفى إطار الحرص على التشجيع، كانت إحدى المعلمات عندما تسأل سؤالًا لطلابها فى الفصل، ويُجيب الطالب إجابة غير صحيحة كانت تتجنب قول: «إجابة خاطئة»، لكنها كانت تشجعه بالقول: «اقتربت من الإجابة الصحيحة، من يستطيع إعطاء إجابة أخرى».. أما الجملة الأروع فكانت قول المعلمة لأحد الطلاب عندما أجاب إجابة خاطئة: «هذه إجابة صحيحة لغير هذا السؤال».

ما أجمل التشجيع الذى لا يعرف سبيلًا للتحطيم المعنوى! 
فحيث لا تشجيع.. لا إبداع!!