رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استمتع بحياتك

ذاتَ أمسية، استضاف أستاذ عجوز عددًا من طلابه، واستمع لشكاواهم من الدنيا ومتاعبها وهمومها، وبعد أن استمع لهم لم يُجبهم بشىء بل قال لهم: تفضلوا القهوة، وقدم لهم إبريقًا كبيرًا من القهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون، فيها الكوب الفاخر الكريستال، والكوب البسيط المصنوع من الملامين، تشكيلة متنوعة من الأكواب فيها الأنيقة والمتواضعة الشكل. 

وقال الأستاذ لطلابه: تفضلوا، وليصُب كل واحد منكم لنفسه القهوة، وبعدها نستكمل حوارنا.

وعندما أعد الطلاب لأنفسهم القهوة، قال لهم أستاذهم: هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هى التى وقع عليها اختياركم، وأنكم تجنبتم الأكواب العادية الرخيصة، من الطبيعى أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل، وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر، ما كنتم بحاجة إليه فعلًا هو القهوة وليس الكوب، ولكنكم تسابقتم على الأكواب الجميلة الثمينة، ولاحظت وأنا أتابعكم أن كل واحد منكم كان مراقبًا للأكواب التى فى أيدى الآخرين، لو كانت الحياة هى القهوة فإن الوظيفة والمال والمنصب هى الأكواب، وهى مجرد أدوات تحوى الحياة ونوعيتها.

القهوة تبقى نفسها بمذاقها لا تتغير، وعندما نركز فقط على الكوب، فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة، «أى الاستمتاع بالحياة»! 

لماذا تهتمون بالمظاهر؟!

إن الاهتمام بالأمور الشكلية غير المهمة هو الذى يفقدكم الاستمتاع ببهجة الحياة.

عزيزى القارئ.. إننا ﻛﺜﻴﺮًا ما نضيع ﻃﺎﻗﺘنا ووقتنا وجهدنا كله فى جمع المال، ونهمل أهلنا وعائلاتنا وصحتنا، ونسعى وراء ترف زائل، وكثيرًا ما يعمى الطمع عيوننا فيفقدنا جميل الأشياء التى بين أيدينا، ظنًّا منا أن السعادة كامنة فى جمع المال. 

قارئى العزيز.. إن المال فى ذاته بركة ونعمة، ولكن الطمع والجشع يفقداننا بهجة الحياة، فعش قنوعًا، ولا تنشغل بما فى يد الآخرين، واستمتع بحياتك، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله، وأخيرًا خسر نفسه!!