رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإرهاب فى منطق الجماعة..


لقد تأثرت كثيراً بمرافعة النيابة العامة في قضية أول اغتيال سياسي وقع فى مصر سنة 1910م، عندما أطلق الشاب إبراهيم الوردانى رصاصاته على صدر بطرس غالى باشا رئيس الوزراء، ثم تذرَّع بدافع الوطنية لتبرير جريمته .الأمر الذى جعلني ابحث فى منطق جماعة الإخوان؛

لأكشف عن دوافعهم فى تعطيل مسيرة الوطن وانهيار اقتصاده وترويع أبناءه، كما يجعلني أتسأل عن منطق الجماعات الجهادية عامة، ذلك الذى يبيح لها قتل النفس وإزهاق روحاً بريئة من غير ذنب، كما أتسأل عن إنسانيتهم ومنطقهم فى حرمان عيلة من معيلها، وأمة من قادتها، ودولة من مؤسساتها. إن ما يفعله الإخوان الآن وما ترتكبه الجماعات الإرهابية الموالية لها من عنف، إنما هو خرق لحرية القوانين السماوية والبشرية.

وإذا كان الإخوان يبررون عنفهم فى الجامعات والميادين برغبتهم فى خدمة الوطن المنكوب، وقناعتهم بخيانة سواهم من رجالات الدولة والشرطة والجيش ومن أيدهم، فهم بذلك قد أسأوا فهم الوطنية، وساهموا فى تصديع كيان الوطن، وتلطيخ صحيفته بالدماء. فكيف لأمة أن تنهض على دماء أبنائها، وكيف لأمة أن تنهض على انقسام فصائلها، وكيف لأمة أن تنهض على تلك المبادئ الفاسدة. فإذا كان الإخوان يستحقون العقاب لكونهم تسببوا فى خراب الوطن وانقسامه .. فعقابهم الأكبر يجب أن يكون على حشوهم لعقول الأطفال والشباب بمفاهيم مغلوطة عن الدين وأصول التدين .. تلك المفاهيم التى تدفع الشباب إلى حرق المؤسسة التى يتعلمون فيها، وتخريب الوطن الذى يعيشون فيه، وقتل الأشخاص الذين يخالفونهم الرأي .. الفهم الذى يدفع الشباب إلى التهلكة بدعوى الشهادة ..!! فكيف تمكن الإخوان من إقناع الشباب بأن حرقه للجامعات هو تطوير للتعليم ..وقتلهم للجنود تعزيز للإسلام .. وتفجيرهم للمؤسسات هو نهضة للدولة.. وكيف أقنعوهم بأن دفاعهم عن شخص أو موتهم فى سبيل جماعة هو شهادة فى سبيل الله .. فما أغبى الشعوب التى تربط مصائرها بحياة أفراد فيها أو جماعات .. فالشعوب تبقى .. وتزول الفصائل والأفراد..!!

مازلت أتسأل عن منطق الجماعة وكيف أقنعت الشباب بأن الإسلام هو منهج الجماعة .. وكيف أقنعوهم بأن حسن البنا هو الشخص الذى لا يخطئ.. وكيف أوصلوه إلى مرتبة الصحابة والأنبياء.. وأن الخروج على الجماعة هو خروج عن وعلى الإسلام. متجاهلين أن الإسلام قد حث على الجماعة الوطنية كما حث على الاتحاد والوحدة . وأن الإسلام كيان عضوي وتقسيمه بدعة.. مبتدعها فى النار، ومن ساعده أو سار على نهجه فى النار..

وما زلت أتسأل فى منطق هؤلاء الذين يربطون الأفعال بأصحابها، دون النظر إلى طبيعة الفعل نفسه والسياق الذى وقع فيه.. فتارة يجعلون من التصويت بـ نعم على الدستور فرض .. وتارة يجعلونه كُفر ..إنها مرجعية أفلاطونية لا علاقة لها بالدين.. فالدستور عندهم ليس قبيحاً أو حسناً فى ذاته ولكنه يصير حسناً أو قبيحاً وفق دوافعهم الخاصة والأشخاص الذين وضعوه .. هكذا قال أفلاطون .. وهكذا هم يسلكون . .!!

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.