رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إقحام الدستور فى الصراع


الدستور الحقيقى، بين أيدى الناس اليوم يحافظ تماماً على الهوية الإسلامية فى المادة الثانية التى تنص على أن الإسلام دين الدولة وأن اللغة العربية هى اللغة الرسمية وأن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع

فى حالات الصراع و أوقاته تضيع معظم الحقائق، ويتوارى العقل حتى خجلا أو خوفاً، وتقل الحكمة والموضوعية والشفافية حتى تتلاشى أهم القيم والأعراف السائدة أو معظمها تماماً، ولا تكون هناك إجابات واضحة أيضاً للعديد من الأسئلة، وتكثر التهم الصحيحة والباطلة.من أهم سمات الصراع إذا تجذر ووصل إلى العظم أن يكون مدمراً، ويستمر إلى فترة طويلة حتى يسترد المهزوم بعض القوة، وأن يستخدم فيه أشد الابتكارات والآليات فتكاً وتدميراً، وأنه يعطل التنمية والتقدم، وتتوه بعض أجهزة الأمن فى معرفة المجرم الحقيقى، ويكون عليها أن تجد مجرماً ما تقدمه لتثبت فاعليتها ويقظتها.

نرى ذلك فى لبنان منذ وقت طويل سواء كانت سوريا تحكم لبنان أو بعد خروجها منه، وسواء كان حزب الله فى لبنان أم لم يكن، رأينا ذلك الصراع من قبل فى أفغانستان ضد السوفيت وكان جهاداً، ثم رأيناه بين قادة وأحزاب الأفغان أنفسهم، ثم رأيناه فى تقدم طالبان، ثم فى التدخل الأمريكى ولا يزال الصراع مستمراً.

رأينا ذلك الصراع فى سوريا ولا يزال مستمراً حتى خسرت سوريا أسلحتها الكيماوية، وهى خسارة للوطن وللدولة وليس فقط لحزب أو طرف من الأطراف.

رأينا الصراع فى العراق فى وجود صدام حسين ثم بعد صدام حسين حتى اليوم، وحتى بين الشركاء الذين رافقوا و وافقوا على بريمر والأمريكان لتحريرهم من ظلم صدام حسين أو لاحتلال العراق ولو لفترة ما.

رأينا ذلك الصراع فى الصومال بين المعارضة ومعها الحركة الإسلامية وبين الحكومات منذ سياد برى وبعده، حتى زاد الصراع بين شقى الحركة الإسلامية بعد أن تولت الحكم ولا يزال الصراع قائماً.

رأينا ذلك الصراع قائماً فى ليبيا حتى بعد القذافى وفى اليمن حتى بعد رحيل على عبد الله صالح. ونرى الصراع قائماً فى مصر بعد ثورتين عظيمتين فى عامين ونصف. ومن أسباب الصراع فى مصر أن بعضهم يرى أن ثورة 30 يونيو لم تكن ثورة، ولكنها كانت انقلاباً، وكان من الممكن أن يظل التنافس السلمى على السلطة، مع اختلاف القراءة والرؤية والتحليل، لو أن ثقافة الديمقراطية سادت المجتمع فعلاً.

رأيت بياناً فى جريدة الشعب الجديدة على الإنترنت، يحذر من ثورة جياع، جاء فى آخره: إن ما تقوم به السلطة إنما هو كراهية للجماعة ورغبة من تلك السلطة فى سحب شعبية الجماعة من الشارع لضرب المشروع الإسلامى كافة وان ذلك يتضح من خلال الدستور الجديد الذى استبعد مواد الهوية الإسلامية والأخلاق ومحاربة الفساد.

قد يكون ذلك صحيحاً وفق نسخة الدستور المزور الذى تم توزيعه فى مصر من قبل نشر الدستور الصحيح وطباعته، وهذا أمر مخل بالشرف مهما كان مصدره. ويسرنى أن أبين هنا أن، فضلاً عن أن الديباجة وهى جزء أساسى من نسيج الدستور، توضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن المرجع فى تفسير مبادئ الشريعة هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا فى ذلك الشأن. والمادة ( 10 ) من الدستور تنص على «أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها وإستقرارها وترسيخ قيمها».

والمادة الـ «218» تنص على «أن تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك».

فكيف يتسنى لأحد أو لهيئة أو لجماعة أو لحزب، أن يزعم أن الدستور الجديد قد استبعد مواد الهوية الإسلامية والأخلاق ومحاربة الفساد؟ من يزعم أنه يحمل المشروع الإسلامى يجب أن يكون عادلاً ومنصفاً حتى مع من يكره.. والله الموفق