رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وبالوالدين إحسانا


ماذا يكون على قلب الأم عندما تفقد زوجها ( أبو أولادها )، وتفقد فى نفس الوقت ابنها الذى قتل أباه، زوجها الحبيب، الذى قضت معه من العمر أكثر من أربعين سنة.

قرأت خبرًا سيئًا أزعجنى أكثر من أى شىء آخر مزعج فى الحياة، يقول الخبر باختصار، إن شابًا يسمى أحمد السيد عبدالشافى الشرقاوى من المنوفية، طعن أباه حتى الموت لأنه لم يساعده فى زواجه كما ساعد أخواته الأكبر منه. أخذ الشاب سكينًا من المطبخ وطعن أباه عدة طعنات فى القلب حتى قضى عليه، كما ذكرت بعض الصحف المصرية يوم الجمعة الماضى 20/ 12/ 2013.

فى الحياة الدنيا خسر الشاب أباه، وحصد كره الأسرة له والخوف منه، ولايزال ينتظر السجن أو القصاص، وكلما سيتذكر هذا الشاب المجرم، هذه الجريمة البشعة، بعدما يفوق من تلك الصدمة الخطيرة قد يقتل نفسه، ومن قتل أباه، فلا يؤتمن على آباء الآخرين ولا أمهاتهم، ولا المجتمع.

هذا الذى قتل أباه، لم يتذكر يومًا واحدًا من تلك الأيام والليالى التى سهر أبوه فيها يرعاه وهو صغير أو وهو مريض، وكم دعا له بالشفاء وهو يبكى، وحمله إلى الأطباء والمستشفيات أملاً فى الشفاء، كان الوالد يحمل قاتله الصغير على يديه أو كتفه دون أن يشك فى قاتله لحظة واحدة.

ماذا يكون على قلب الأم عندما تفقد زوجها ( أبو أولادها )، وتفقد فى نفس الوقت ابنها الذى قتل أباه، زوجها الحبيب، الذى قضت معه من العمر أكثر من أربعين سنة.

تذكرت قصة أخرى فى قريتنا، وقعت فى الأربعينيات. حيث قتل شاب وأخته أباهما شنقًا خوفاً على الميراث لأنه تزوج غير أمهما، ثم حملاه على الرءوس ليلاً وألقيا به فى ساقية مياه مهجورة، تذكرت كيف أن القرية كلها باتت فى حزن شديد، دخل الشاب وأخته السجن (تأبيدة) يعنى 25 سنة سجن مع الأشغال الشاقة جزاء لهما على هذه القتلة البشعة. الأولاد ممن يشعرون بالنبذ أو الاضطهاد داخل الأسرة فيرتكبون هذه الجرائم البشعة، لو أنهم فهموا قول الله تعالى «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا». سورة الإسراء الآيات ( 23 – 25 ) الأسرة تعيش فى رعب بمثل هذه الجريمة، والحياة تصبح سوداء حتى فى أعين المحيطين بالأسرة والأقرباء.

صحيح قد يظلم الأب بعض أولاده، وقد يفضل بعضهم على بعض حتى فى الميراث، وهذا ظلم كبير، ومن الأولاد مَنْ يقبل راضيًا ما يفعله الوالدان وإن كان على مضض، ومنهم من يعترض على أداء الوالدين خاصة عند سوء التوزيع فى الميراث. ليتنا نتعلم من تلك الآية الكريمة فنعبد الله تعالى ونحسن إلى الوالدين خصوصًا فى الكبر. كما يشمل الأدب الربانى ألا يقول الابن أو البنت لأى من الوالدين «آوف» بل علينا أن نقول لهم قولاً كريماً، وأن ندعو الله تعالى أن يرحمهما جزاء تربيتهما أبناءهما وهم صغار. العنف أحيانًا يولد عنفًا يكون أكبر منه، والظلم قد يولد ظلمًا أكبر وأخطر منه، هل ندرك هذا الواقع المؤلم وهذا العلاج الإسلامى العظيم؟.

والله الموفق