أزمة الأربعين

للتنبؤ بالمستقبل
لا أحتاج للجلوس أمام عرّافة
تلمس بخفة كرتها البلورية
وبابتسامتها الواثقة
تنبش الماضى
بحثًا عن إجابات
بينما يتشكلُ الحاضر سهمًا موجهًا للمجهول
ربما يصل إلى هدفه
أو ينكسر فى الهواء
للتنبؤ بالمستقل
لا أحتاج للنظر فى المرآة
لكى أرى لمسات الزمن
التجاعيد الخفيفة حول العينين
الخطين الخفيين المتشكلين حول الفم
الأمثال الشعبية التى اعتادت أمى قولها
والتى أكررها اليوم
من دون تفكير
للتنبؤ بألوان حياتى الجديدة
أنظر لفساتينى
الأزرق هادئًا ونيليًا وسماويًا
ومثله الأخضر بزهور صغيرة بيضاء
يغزوان بقية ألوان خزانتى
ينافسان الوردىّ والأحمر والبنفسجىّ
أنا اليوم امرأة على حافة الأربعين
أشعر بقلق من لمسات الزمن
وأتساءل:
هل هذه أزمة أربعين أنثوية؟

عندما تلثم راحة يدى اليسرى
يتوقف الوقت
«كل الزمن فى يديك، حبيبتى»
تقول بثقة العشق والوله
حين نكون معًا
لا أفكر البتّة فى الزمن
مثل الماء المتدفق يكسر الحواجز والسدود
نحنُ معًا
حبنا يتشكل فى حفيف الحرير وأصوات الكائنات
حبنا يهمس بأناشيده
فى الضوء الخافت
يتشكل حبنا فى حركة الظلال المحمومة
ضد الزمن
ضد المسافات التى تفصلنا
ضد النسيان
يُعرش حبنا وينتشر
فى حياة كل واحد منا
مثل أزهار جهنمية بنفسجية.
من ديوان «قصائد بُوردو» يصدر عن دار ضمة فى الجزائر