رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزراء التموين.. وتأديب تجار الأرز


الوزير الناجح هو الذى يستوعب التجار المصريين ويشعرهم بوطنيتهم ولا يخوّنهم ولا يتسبب فى ارتفاع الأسعار بسياسات خاطئة ولا بخروج الأموال المصرية إلى تجار أجانب بدلا من أهل وطنه

يعلم الجميع بأن وزير التموين الحالى تولى منصبه بتزكية مباشرة من الدكتور جودة عبد الخالق -وزير التموين الأسبق- والذى تولى الوزارة لسنة واحدة فقط فأصبح مرجعا لتعيين وزيرين للتموين وهما أبوزيد محمد أبو زيد الذى لم يوفق فى إدارته للوزارة ثم الحالى اللواء أبو شادى وهى المرة الأولى التى يتولى فيها ضابط شرطة وزارة للتموين فى ظل الخلط بين مباحث التموين ووزارة التموين ومهام متابعة البورصات العالمية للحبوب والغذاء وأسواق التجزئة والفقر والجوع وحسابات الدعم.عمل وزير التموين الحالى كمستشار للدكتور جودة عبد الخالق جعله يتأثر بطريقته فى إدارة الوزارة والتى كان أخطرها بل وأكثرها خطأ هو محاولته تأديب تجار الأرز فى مصر، الأمر الذى يدفع المواطن المصرى ثمنه اليوم، حيث تسبب فى ارتفاع سعر كيلو جرام الأرز الدرجة الأولى بنسبة كسر 3% من ثلاثة جنيهات من عامين إلى سبعة جنيهات حاليا وهذا الملف ينبغى فتحه ومحاسبة المتسببين فيه. الحكاية من بدايتها أن وزارة التموين أجرت مناقصة محلية منذ عامين لتوريد الأرز التموينى لهيئة السلع التموينية من فئة الدرجة الثالثة بنسبة كسر 12% والذى تصرفه الوزارة للمستفيدين ببطاقات التموين بسعر جنيه ونصف الجنيه للكيلوجرام. تقدم التجار للمناقصة وقتها بسعر أقل قليلا من جنيهين ونصف للكيلوجرام فرفضت الوزارة تسلمه لأنها تسلمه على البطاقات التموينية بسعر جنيه ونصف الجنيه وتريد أن تتسلمه أيضا من التجار بنفس السعر وكأنه غير مدعم!. حاول الوزير جودة عبد الخالق تأديب تجار الأرز فأمر باستيراد أرز قصير الحبة من الفلبين والهند فتعاقدت الوزارة فعلا على نحو 750 ألف طن. وصل الأرز إلى الموانى المصرية بنسبة كسر وصلت فى أغلبه إلى أكثر من 72% ورائحة كمكماه غير خافية وبدلا من أن ترفضه الوزارة قامت تسلمه فعلا وتعبئته وتوزيعه على البطاقات التموينية وكانت فضيحة مدوية، حيث رفض جميع المستفيدين تسلمه إلا أن الأمر بقى فقط فى الجهات الرقابية حتى الآن. الغريب فى الأمر أن ما رفض وزير التموين تسلمه من التجار المصريين بأقل من جنيهين ونصف الجنيه للكيلوجرام فإن الوزارة دفعت فى الأرز الهندى والفلبينى ما يقرب من ستة جنيهات شملت سعره فى بلده ثم تكاليف النقل البحرى من الهند والفلبين حتى الموانئ المصرية ثم تكاليف تفريغه فى الموانئ ثم تكاليف النقل البرى الداخلى من الموانئ المصرية إلى المحافظات المصرية السبع والعشرين ثم تكاليف التعبئة والوزن ونسبة شركة الجملة التى تقوم بتوزيعه وبالتالى تحملت الخزانة العامة للدولة ثلاثة أضعاف السعر الذى رفضه الوزير من أجل تأديب التجار المصريين بالإضافة إلى خروج مبالغ مالية ثمنا لهذه الصفقة من فلك الاقتصاد المصرى ودخلوها فى فلك الاقتصادين الهندى والفلبينى، بينما ما يتقاضاه التجار المصريون يظل داخل البلاد ويدور فى فلك اقتصادنا ويقويه. الأمر الأخطر بخلاف ما هو موجود فعلا فى الجهات السيادية من السابق هو التسبب فى رفع أسعار الأرز فى الأسواق المصرية إلى ضعف أسعاره من عامين، حيث كان سعر الأرز للدرجة الأولى لا يتجاوز الجنيهات الثلاثة وأدى رفض حاملى البطاقات التموينية تسلم الأرز الهندى والفلبينى إلى ضغطهم على المتاح من الأرز المصرى فى الأسواق المحلية بما أدى إلى زيادة تدريجية فى أسعاره أوصلته اليوم إلى سبعة جنيهات مصرية للكيلوجرام من أرز الدرجة الأولى بنسبة كسر 3% بسبب العناد والحسابات الخاطئة لوزير التموين.

هذا الأمر يكرره الآن وبنجاح وزير التموين الحالى، حيث استقبل السفير الهندى بالقاهرة ليعلن بعدها فى رسالة غير موفقة وموجهة فقط للتجار المصريين بأن الهند عرضت إمداد الوزارة بأرز البطاقات التموينية وكأننا لم نستوعب ولم نتعلم من درس الأرز الفاسد السابق أو كأن الهند أو الفلبين سوف تورد لمصر الأرز بسعر يقل عن 280 قرشا للكيلوجرام وهو السعر الذى عرضه التجار المصريون فى المناقصة الأخيرة لوزارة التموين ونحن نؤكد استحالة وصولها إلى المستهلك المصرى بأقل من ستة جنيهات، بالإضافة إلى تسببه فى المزيد من ارتفاع أسعار الأرز المحلى وعناد أكبر من التجار مع وزير التموين، وخروج مصر من الأسواق العالمية وتحولها من دولة مصدرة للأرز قصير الحبة إلى دولة مستوردة له. الوزير الناجح هو الذى يستوعب التجار المصريين ويشعرهم بوطنيتهم ولا يخوّنهم ولا يتسبب فى ارتفاع الأسعار بسياسات خاطئة ولا بخروج الأموال المصرية إلى تجار أجانب بدلا من أهل وطنه، ويسمح بحصص تصديرية مناسبة خاصة فى أول مواسم الحصاد ليستفيد الفلاح من ارتفاع الأسعار ولنحافظ على مكانتنا فى الأسواق العالمية.

■ كلية الزراعة - جامعة القاهرة