رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزارة التموين.. واقتباس الأفكار


المستهلك حر فى اختيار الفرن الأفضل الذى يشترى منه ولتتنافس الأفران فى إنتاج الأفضل أو بتوصيل الخبز إلى المنازل جذبا للمستهلك ولتعود أيام فيلم «بائعة الخبز» للظهور ويعود زمن استرضاء المستهلك وليتوقف تهريب أجولة الدقيق إلى السوق السوداء.

عملت لنحو العام كمستشار لوزير تموين أسبق ومازلت فخورا بهذه الفترة وما أضفته للوزارة ولهيئة السلع التموينية من دراسات وأفكار أبهرت الوزير ومساعديه وقتها، حتى إن أحدهم قال عن إحدى هذه الدراسات بأنها «لا يمكن أن تصدر عن رجل له أقل من ثلاثة أشهر فقط فى الوزارة».

هذه الدراسات يتوارثها الوزراء ومساعدوهم على مدار السنوات التسع الماضية ومنها دراسة عن تحويل الموانى المصرية لتكون بورصة ومركزا لتوزيع القمح والحبوب فى القارة الأفريقية والدول العربية بما نمتلكه من ستة موانئ لا تتواجد فى أكبر دول العالم وما يمكن أن نقيمه بها من صوامع للغلال. وثانيها تتعلق بتطوير إنتاج رغيف الخبز وإنتاجه على مدار الساعة وليس لفترات محددة من اليوم لا تعطى جدوى اقتصادية للمخابز وتمثل طاقات مهدرة لقدرات الأفران مع السماح لهذه المخابز بإنتاج الرغيف الحر فى الفترات المسائية وبأسعار تقلل من جشع منتجى رغيف الرصيف وغيرهم.

الدراسة الثالثة متعلقة بخلق تنافس شريف بين مخابز الرغيف البلدى لضمان إنتاج رغيف بلدى آدمى تبيعه المخابز للدولة بسعر متفق عليه وهو ما تم تحديده منذ عدة أشهر بنحو 34 قرشاً وتبيعه للمواطن المستحق للدعم بالكوبون أو الكارت الذكى بسعره العادى بخمسة قروش، على ألا يتم ربط المستهلك بفرن معين وأن يطرح الدقيق فى جميع المستودعات بالسعر الحر سواء من الوزارة أو من القطاع الخاص وبالتالى يحصل كل مخبز على ما يكفيه من دقيق من المكان الذى يرتضيه وبالنوعية التى تجعله ينتج رغيفا فاخرا يجذب المستهلك فيبيع على مدار اليوم ويحصل على أكبر قدر من الكوبونات من المستهلكين وبالتالى فإن المخبز الذى ينتج رغيفا سيئا لن يجد من يشتريه منه، لأن الإنتاج مفتوح والمنافسة مع الآخرين قوية والمستهلك حر فى اختيار الفرن الأفضل الذى يشترى منه ولتتنافس الأفران فى إنتاج الأفضل أو بتوصيل الخبز إلى المنازل جذبا للمستهلك ولتعود أيام فيلم «بائعة الخبز» للظهور ويعود زمن استرضاء المستهلك وليتوقف تهريب أجولة الدقيق إلى السوق السوداء.

هذا الأمر نشرته على صورة مقالات فى عدد من الصحف الكبرى لأجد وكيل وزارة التموين فى إحدى المحافظات يعرضه فى التليفزيون المصرى على أنه من ابتكاره رغم أنه مثبت بالصحف وبالتاريخ والإبداع لا يكون حقيقيا إلا بتوافر العلم. تكرر الأمر مرة أخرى فى هذا المكان من صحيفة «الدستور» عندما انتقدت علميا تصرفات وزير التموين الإخوانى باستبدال زيت الصويا الغنى فى البروتين بزيت عباد الشمس «شبه المائى» وتقليل حصة المواطن لأجد الوزير الحالى يكرره ويردده بالحرف الواحد ولا بأس فى ذلك، فالرجل صديق قديم ويتابع كل ما أنشره ويحتفظ به وكثيرا ما هاتفنى ليبدى إعجابه بالمحتوى العلمى لهذه المقالات.

لكن ما حدث مؤخرا من وزير التموين يستحق العجب تماما، فقد أجريت حوارا على صفحة كاملة مع الزميل صلاح عامر هنا فى جريدة «الدستور» انتقدت فيه التسعيرة الجبرية والإسترشادية التى لا يقرها القانون ولا يعترف بها، ولا تقر قوانين التجارة العالمية التدخل الحكومى فى الأسواق بالتسعير الجبرى ولكنها تقبله بالدخول كمنافس قوى مع التجار وهو ما يتوافر فى هيئة السلع التموينية التى يمكنها أن تستورد كميات كبيرة من زيوت الطعام والفول والعدس والزبدة البقرى وذرة الأعلاف والسكر بسبب الانخفاض العالمى الكبير فى أسعارها حاليا على أن تقوم بطرحها فى مجمعاتها التعاونية وعددها 1200 مجمع منتشرة فى جميع المحافظات ومعها نحو 24 ألف تعاونية أخرى.

بل ويمكن تسويقها أيضا فى محلات الهايبر والسوبر ماركت فى جميع المحافظات. المدهش أن تتم سرقة هذه الأفكار جميعها من السيد وزير التموين الحالى فى مذكرة رفعها إلى رئيس الوزراء ووزير المالية ليشير فيها إلى أن وزارة التموين ولأول مرة فى تاريخها تأخذ بالنهج العلمى وأن مستشاريها العلميين قرروا ضبطا لأسواق السلع الغذائية فى مصر أن تقوم هيئة السلع التموينية بإستيراد الفول والعدس وزيت الطعام والزبدة البقرى والأعلاف وتوفرها فى جميع منافذ الدولة لخفض الأسعار ونيل رضاء الشعب، ويرجو الوزير مساندته فى اتباع هذا النهج العلمى الذى هو من كد عقله وفكر رجاله فى الوزارة لضبط التجارة الداخلية.. والله عيب يا صديقى وزير التموين وأنا أعلم أنكم تتابعون كل ما أكتب وتأخذون به وهو ما أرحب به، لكن من العيب أن تأخذ أفكارنا ودراساتنا لتنسبها لأنفسكم بما يمثل إعتداء صارخا على الملكية الفكرية، لأن الحوار منشور فى «الدستور» وصحيفة كبرى أخرى موثقا ومعتمدا وسابقا لتاريخ مذكرتكم لرئيس الوزراء.

■ كلية الزراعة ــ جامعة القاهرة