رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سقف الأجور


أصدرت الحكومة الببلاوية قراراً بتحديد مبلغ 42 ألف جنيه كأعلى راتب شهرى شامل للعاملين فى الدولة، وقيل إن هذا القرار سوف يتم تنفيذه فى الشهر الأول من العام المقبل، ورغم ترحيب الناس بهذه الخطوة فإن هناك تساؤلات كثيرة ينبغى على الحكومة الإجابة عليها بوضوح كامل.

لو بدأنا بمجلس الوزراء فإن السؤال الذى يطرح نفسه بشدة يدور حول إمكانية تطبيق الحد الأقصى للدخل الشهرى على كل السادة الوزراء دون أى استثناءات، هل يكتفى وزير البترول - مثلا- بهذا الحد الأقصى، بينما بعض السادة السعاة فى وزارته يحصلون على دخل يفوق سقف دخله الوزارى؟ وهل يرضى وزير الداخلية بالدخل الشهرى الجديد، فى حين يحصل السادة مديرو الأمن فى بعض المحافظات على نسب معينة من المخالفات وغيرها تقفز بدخولهم الشهرية إلى أضعاف الحد الأقصى المقرر حديثا؟ وهل يتقاضى وزير الاتصالات أربعين ألف جنيه شهريا، بينما يصل الدخل الشهرى لرئيس إحدى شركات الوزارة إلى مليونين من الجنيهات أو أكثر؟ وهل يستمر وزير المالية فى منصبه بهذا الراتب الجديد، فى حين يحصل مرءوسوه مديرو البنوك على دخول شهرية يتخطى بعضها المليون جنيه بكثير؟ وهل تستطيع الحكومة منع الشركات والإدارات والهيئات التابعة للوزارات المختلفة من تخصيص مبالغ ضخمة للسادة الوزراء فوق رواتب الحد الأقصى المفترض التزام كل منهم بها؟

وإن كانت الحكومة سوف تفشل فى المساواة بين وزرائها أنفسهم فى الخضوع الفعلى - وليس الصورى الورقى - للدخل الشهرى الجديد، فهل سيكون بوسعها التصدى لفئات أخرى «على رأسها ريشة» تتقاضى أجوراً لا سقف لها ولا منطق بعيدا عن رقابة القوانين المصرية المطاطة الخائبة؟

هل يمكن منع رؤساء تحرير الصحف القومية من الحصول على نسب ضخمة من عائد الإعلانات؟ هل يمكن منع رؤساء الجامعات من الحصول على مئات الآلاف من عائد التعليم المفتوح وسائر الأنشطة الاستثمارية الأخرى فى جامعاتهم؟ هل يتنازل رئيس هيئة السكة الحديد أو رئيس شركة مترو الأنفاق عن مئات الآلاف من الجنيهات التى تضاف للراتب الشهرى الرسمى لكل منهما تحت أسماء وبنود ما أنزل الله بها من سلطان؟ هل تستطيع الحكومة منع كبار القضاة والمستشارين من تقاضى أضعاف دخولهم الأصلية من خلال ندبهم فى هيئات ووزارات لا علاقة لها بوظائفهم الأصلية؟ بل وهل تستطيع حكومة الببلاوى إحصاء عشرات أو مئات الآلاف من البشر الذين تم تعيينهم فى البنوك والبترول والخارجية وكل المواقع المتميزة ماليا فى البلاد بالواسطة والمحسوبية والرشاوى ويتقاضى كل منهم أجراً شهريا يفوق الراتب الرسمى لرئيس الجمهورية؟ هل بوسع الحكومة القضاء على كل هذه الأوضاع المزرية قبل الشروع فى تطبيق الحد الأقصى للأجور؟ أم أن القصة كلها مجرد إجراءات ورقية عقيمة لوضع بعض المساحيق على وجه النظام الإدارى المصرى القبيح؟!

■ كاتب