رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفراء السلام.. الإعلاميون الأفارقة: «أم الدنيا» لم تنسانا

الإعلاميون الأفارقة
الإعلاميون الأفارقة

"أم الدنيا" هو اللقب الذي طالما لازم مصر في كل دول العالم، فهي حاضنة للجميع ولم تبخل باحتواء أي جنسية حول العالم، حيث يقابلهم أهلها بصفات تملؤها "الجدعنة" و"الشهامة" دون إغلاق أبوابها في وجه من يطرق بابها، وحتى بعد وصول "كورونا" إلى أسوارها وتفشيه بين مواطنيها، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تكون مثالًا للكرم لمن علق بها عقب قرارات إغلاق المطارات وتعطيل الطيران في جميع أنحاء العالم تقريبًا، بل أكرمت الجميع لحين وصول طائرات الدول التي تُجلي رعاياها وتعيدهم إلى أرض الوطن.

ولأن مصر جزء لا يتجزأ من القارة السمراء، فضاعفت كرمها واستقبالها لأهلهم، من خلال حمايتهم حتى يعودوا سالمين إلى أراضيهم، وحتى الموجودين فيها منذ سنوات لم تنساهم فكانت لهم بعض الامتيازات في ظل ما تمر به البلاد من ظروف استثنائية يئن لها الجميع، دون وجود أي إشارات زمنية لفترة انتهاء هذه الأزمة.

في السطور التالية كانت لنا حوارات مع إعلاميين وصحفيين من الأفارقة الذين عاشوا في "أم الدنيا" أو علقوا بها، يكشفون لنا من خلالها تجربتهم في مصر، وكيف كانت خير حصين لهم، وفي المقابل أصبحوا هم سفراء السلام بين مصر وبلادهم لتظل العلاقات الطيبة قائمة بين البلاد.

الرفاعي: نحن سفراء سلام من مصر إلى إفريقيا
ناصر الرفاعي، في الأصل من محافظة "سوكتو" بدولة نيجيريا، يعمل مذيعًا في راديو الإذاعات الموجهة، وهي محطات تبث للخارج بلغات إفريقية مختلفة أكثرها لغة الهوسا، وهي أكثر اللغات الإفريقية انتشارًا بين دولها، خاصة دول غرب إفريقيا مثل نيجيريا وغانا والنيجر.

الإعلامي في أي مكان يجب أن يكون سفير سلام مع العالم، فهو يعتبر رسالة تنويرية للجمهور الذي يحتاج إلى التوعية، وينشر المحبة بين الشعوب التي يتوجه إليها، ونحاول أن تكون رسالتنا إلى دولنا شفافة فيما يتعلق بالشأن المصري، فنحن دائمًا واجهة مصر في افريقيا، التي لا يعرف شعبنا عنها إلا من خلالنا، لذا نحرص أن تكون معلوماتنا دقيقة كي لا يتم استقائها من القنوات المغرضة التي تعرض معلومات وأخبار مغلوطة عن مصر.

هذه المصداقية والشفافية تجعلنا دائمًا الوجهة الأولى التي يلجأ إليها زملائنا للتأكد من الحقائق عن مصر، فأنا أعمل في ماسبيرو منذ سنوات فلم أتجه وزملائي إلا لعرض الحقيقة فقط، فمثلًا وقت ثورة 25 يناير انتتشرت صورًا مغلوطة عن اندلاع مظاهرات واشتعال أحد المباني بالقرب من ماسبيرو، وحين تواصل معنا أحد الزملاء في افريقيا نقلت له الصورة الحقيقية وهي عدم وجود أيًا مما يتم عرضه، وأنها فقط رسائل مغرضة يتم بثها.

في أوقات الحظر الحالي، أصبح لنا ميزة وهي العمل النهاري فقط وذلك منذ بداية أزمة كورونا، وذلك بدلًا من العمل على فترتين، مؤكدًا أن مصر تبذل قصارى جهدها في الحفاظ على مواطنيها وحتى العالقين بها، فهي تأخذ الإجراءات الوقائية على محمل الجد وتحاول قدر الإمكان توفير سبل الوقاية للجميع، فقد تنبهت لأزمة "كورونا" مبكرًا وقامت بالعديد من الإجراءات تمكنت من خلالها التعامل مع الأزمة، في ظل العدد الكبير لسكانها، فكلما زاد التعداد السكاني كلما كان التعامل أصعب من جهة الحكومة معهم.

سيف: ننقل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها مصر لحمايتنا
سيف الدين سليمان، صحافي سوداني ورئيس تحرير شبكة سودازول، أن الإعلام يلعب دورًا مهمًا في رتق النسيج بين الشعوب، سواء كانت الرسالة الإعلامية مقرؤة أو مسموعة أو مرئية، ولكي يتحقق ذلك لا بد أن يتصف الإعلامي بالمعايير الأساسية للإعلام وأن يكون إيجابيًا، فعليه أن يكون سفيرًا للسلام بين مختلف الشعوب الأخرى وأن ينقل الحدث بشفافية دون أن يتأثر بانتمائاته.

وانتقل "سليمان" في حديثه إلى مقابلة عدد من الإعلاميين والصحفيين العالقين بمصر لوزير الإعلام، الذي أكد بدوره دعمه في جميع السبل وبالأخص في مجالات التدريب والتأهيل وتوسيع رقعة الشراكة الاستراتيجية بين الإعلام المصري والسوداني من أجل رسالة إعلامية تخدم الشعوب؛ أما فيما يتعلق بالامتيازات التي تمنحها مصر للإعلاميين الأفارقة فمصر لديها السبق في تأسيس أول إعلام موجه لإفريقيا وهو إذاعات ماسبيرو، الذي يقدم المادة الإعلامية بأكثر من لغة بما فيها اللغة السواحلية والأمهرية والهوسا وغيرها من اللغات، وذلك لربط أفريقيا بإعلام موحد، ومن الامتيازات التي تخدمه هو التدريب المجاني لجميع الإعلاميين المبعوثين من خلال وزارة الإعلام بالتعاون مع وزارات الإعلام بمصر أو من خلال سفارات الدول الأفريقية بمصر.

وتحدث بعدها عن دوره كإعلامي فيما يتعلق بأزمة كورونا أثناء تواجده في مصر؛ مؤكدًا أنهم لم يتوقفوا عن أداء مهامنهم بل تغيرت الرسالة الإعلامية وأخذت طابع توعوي بشكل كبير، وذلك من خلال نشر موضوعات توعوية وعمل تقارير مفصلة عن مرض كورونا ورفع الوعي بشتى الطرق وبالاخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد على فعالية الإجراءات الاحترازية التي تتخذها مصر، فقال: "خلال وجودنا هنا بمصر نقوم بنقل الإجراءت الاحترازية التي قامت بها الدولة المصرية لوقف انتشار مرض الكورونا برغم من أن العديد من المجتمع السوداني لم يصدقوا حتى هذه اللحظة حقيقة هذا الفيروس معتبرين أنها أكذوبة القرن، وهذا من لأن الأمر مستعصي على الدولة أن تبذل مجهود من أجل وقف انتشار الفيروس".

ومن الأفارقة المتواجدين بين النسيج الإعلامي المصري منذ سنوات إلى إعلاميين قادتهم الظروف ليكونوا ضمن العالقين في مصر، بعد أزمة وقف الطيران التي تزامنت مع موعد عودتهم إلى بلادهم، هم لم يأتوا إليها إلا لنهل العلم منها والتدرب على أداء رسالتهم الإعلامين بناء على دراسة وتأهيل جيد، فقاد القدر 3 إعلاميين أفارقة ليكونوا ضمن هؤلاء العالقين، وذلك أثناء تلقيهم دورة تدريبية في مركز التدريب والدراسات الإعلامية التابع لوزارة الإعلام، والتي من المفترض استمرارها في الفترة من 7 مارس الماضي وحتى 26 من الشهر نفسه.

وترحيبًا بوجودهم، التقى أسامة هيكل، وزير الإعلام، بهم مؤكدًا توفير كافة الاحتياجات التي يطلبها الدارسين، وذلك على نفقة الوزارة لحين حصولهم على إذن العودة إلى بلادهم، مشيرًا إلى استمرار عقد تلك الدورات بمحتوى أكثر تطورًا، يواكب سوق العمل الإعلامي، لتعم فائدة أكبر على الدارسين، وهنا التقينا بعدد منهم.

نازك: وجدنا الاهتمام والرعاية من الحكومة المصرية نشعر أننا في بلدنا
نازك محمد يوسف، معدة برامج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوداني، تروي لـ"الدستور": مصر أم الدنيا، ومن هذا المنطلق تم التعامل معنا وشعرنا بأننا أهل، شعرنا بطيبة المصريين والعفوية منذ إغلاق المطار، وتحملت الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الإعلام نفقات الإقامة، ووجدنا كل الرعاية والاهتمام لدرجة تشعرنا بالخجل فالكل تعامل معنا على أننا إخوة.

وتحدثت عن أن المتطلبات التي وعدتهم بها الوزراة في تنفيذها تمت على أكمل وجه، فإلى جانب الدراسة كان من المفترض قيامهم بعدد من الزيارات داخل مصر لولا هذا الوباء الفتاك، لكن بعد أن تُزاح هذه الغُمة ستعاود الدورة في مجال الإعلام مع مصر الشقيقة، مؤكدة على رقي التعامل معهم من جانب المجموعة القائمة على الدورة التدريبية، متمنية مزيد من التعامل والتعاون.

وتحدثت معنا عن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها معهم الجانب المصري حفاظًا عليهم من "كرورونا"، والتي كانت عبارة عن الإقامة في مكان جيد والاطمئنان على صحتهم بصفة دورية من جانب القائمين على الدورة بشكل يومي، موجهة الشكر للجانب المصري لاحتواء السودانين العالقين بسبب أزمة "كورونا"، مؤكدة على أن هذا الود في التعامل يعزز كونهم سفراء سلام بين مصر وافريقيا، حيث إقامتهم عكست الاحترام والتقدير لهم بكل الوسائل، معلقة: "من سمع ليس كمن رأى ونخن العالقون في مصر ما وجدناه في مصر لم يوجد في جهات أخرى، مصر كانت قادرة على إدارة الأزمة بنجاح".

الطيب: مصر الدولة الشقيقة فعلًا وليس قولًا
والتقط منها أطراف الحديث، عبد العظيم الطيب المخرج بالإذاعة القومية السودانية، متحدثًا عن شعوره بالأولفة منذ وصوله إلى مصر، وهي زيارته الأولى لها، كما شعر بكرم ضيافة أهلها، والذي بدأ منذ استقبالهم في مطار القاهرة من قبل فريق العلاقات العامة بمركز التدريب وحتى إيصالهم إلى إحدى فنادق القوات المسلحة للإقامة فيها طوال فترة دورتهم التدريبية، مشيرًا إلى أن الدارسين كانوا من بلدان إفريقية مختلفة؛ من نيجيريا والنيجر وجزر القمر وسيراليون وغينيا كوناكري ومالي وتشاد وموريتانيا والجزائر.

ولفت إلى أنه بعد حدوث أزمة "كورونا"، سارع المشرفين لإعادتهم كل منهم إلى بلده سالمًا، ورغم نجاحهم في ذلك إلا أن الذي استطاع السفر لبلده إما تم احتجازه بالحجر الصحي بعد وصوله لدولته مباشرة كإجراء احترازي، ومنهم من ظل عالقًا في مطارات دول أخرى حتى استطاع الوصول إلى دولته سالمًا في نهاية المطاف، وفقط ظل هو اثنين آخرين من زملائه من دولة السودان عالقين في مصر بسبب إغلاق مطارات بلدهم، لتطول مدة بقائهم في مصر التي احتوتهم في ظل أزمة "كورونا" فعاملتهم كأحد أبنائها، واصفًا مصر بـ"الدولة الشقيقة فعلًا وليس قولًا"، مؤكدًا أنهم لم يشعروا للحظة أنهم عالقين، شاكرًا مجهودات المصريين على الترحيب بهم واستضافتهم.

عبد الوهاب: اللهم احفظ الشعب المصري الودود
أما الإعلامي بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون بالنيجر محمد عبد الوهاب، أكد على كلمات زملائه من حيث مدى الاهتمام والعناية بهم أثناء وجودهم في بلدهم الثاني مصر، حيث في البداية عانوا من التخبط في التفكير بسبب كونهم عالقين بعيدًا عن أهلهم دون وجود ملامح أكيدة لانتهاء أزمة "كورونا" ليتمكنوا من العودة إلى السودان، إلا أنهم لم يجدوا سوا الدعم المادي والمعنوي من أشقائهم في مصر، واصفًا ذلك بـ: " لولا حظر التجول لكانوا معنا كل يوم"