رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحبيب الجفرى يكتب: صوم رمضان بين أهل العلم ومحرفى العبارات الفقهية

الحبيب الجفرى
الحبيب الجفرى

منذ اجتياح هذا الوباء البلاد، واقتضاء الحيطة الطبية ضرورة تعطيل عدد من الشعائر الدينية الشريفة، تطرف الناس فى التفاعل معها إلى طرفين:
الطرفٌ الأول قابلها بالرفض، واعتبر الإجراءات من المِساس بدين الله والتفريط فى شعائره، غير مبالين بحفظ النفس وحق الحياة وهو من مقاصد الشريعة الخمسة الأصلية التى نص عليها الفقهاء، بل أجمعوا على وجوب حفظها وهى: «الدين والنفس والعرض والعقل والمال»، وأغفلوا أن الله تعالى إنما شرع لنا الرُخَص والأعذار لمثل هذه الظروف.
الطرف الآخَر سارع إلى الترك بخفّة نفس وسرور خاطر، دون حزن ولا اشتياق إلى الطاعات المعطلة، بل وانساق خلف نفسه الأمّارة بالسوء مستشرفًا المزيد من الترخّص فى ترك الطاعات والعياذ بالله تعالى.
وبين هذين التطرّفين يكون قلب المؤمن الذى يمتثل لمُقتضى الحيطة الطبية الوقائية التى أمر بها ولى الأمر بعد مشاورة أهل الاختصاصَين الشرعى والطبى، وهو مع هذا الامتثال مُهتاج القلب متشوّق الروح إلى عودة الشعائر المعطلة، مشفقٌ من أن يكون فى تعطيلها تأديب ربانى وتنبيه قدسى.
ومن خلال ذلك نفهم الجَلَبَة المُثارة حول فريضة الصوم فى شهر رمضان المعظم، حيث استخفَّت الموجة بعض المنتسبين إلى دائرة العلوم الشرعية، فضربوا بما تعلموه عرض الحائط، وقاموا بتحريف معانى العبارات الفقهية عن معناها، مشجعين الناس على جرأة الإفطار من غير عذر صحيح، واتّسق معهم فى ذلك بعض حاطبى ليل الكُتب المُتّشحين برداء الثقافة من خلال بعض وسائل الإعلام غير المسئولة، مع تجاهلٍ تامٍ لفتوى دور الإفتاء المعتمدة بوجوب الصيام وحُرمة الإفطار لمجرد هاجس الوباء، «ما لم يكن المُفطِرُ مريضًا أمَرَه طبيبٌ مؤتمَنٌ بالإفطار»، وهى فتوى معتمدة رصينة صدرت بعد مشاورة الأطباء المتخصصين الذين أجابوا بأن الصوم لا يُضعف المناعة من الوباء بل يقوّيها.
ولكل مُؤمنٍ حَريص على دينه يُقال:
استفت قلبك تجده مُنوّرًا بنور الحقيقة الواضحة، ولا تلتفت إلى هوى النفس تُضِلّك عن سواء السبيل، فهناك فرق بين الاضطرار إلى ترك الصلاة فى المسجد مع إقامتها فى المنزل، وتعجيل الزكاة مع صرفها لمستحقيها، وتأخير الحج والعمرة بسبب جائحة الوباء مع تأثر القلب وتعلقه وإشفاقه، وأمر آخر وهو المسارعة إلى هدم أركان الدين بعدم المبالاة بالصلاة والزكاة والصيام وحج البيت الحرام، والتشوّف إلى المعاذير وفوضى الطرح الإعلامى.
قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا».
اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكّها أنت خيرُ من زكّاها أنت وليّها ومولاها.