رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدد يا سيدى زويل


تردد اسم الدكتور أحمد زويل عالم الفيزياء الشهير خلال الأيام الماضية مرتين بشكل واضح ومثير للجدل، المرة الأولى حين أعلنت جامعة النيل عن تفاصيل استقالة الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس الوزراء الأسبق ورئيس مجلس أمناء الجامعة، والتى اتهم فيها الحكومة بالانحياز الواضح لصالح مشروع «مدينة زويل العلمية» على حساب «جامعة النيل»، كما انتقد الدكتور حجازى فى استقالته إصرار الدكتور زويل على تسمية المشروع باسمه.

ثم كانت المرة الثانية التى جاء فيها اسم الدكتور بشكل أكثر إثارة فى حديث العالم الكبير الدكتور محمد النشائى بجريدة الأخبار عدد 28 أكتوبر 2013 حين قال بالحرف الواحد: إن استيلاء الدكتور زويل على جامعة النيل بهذه الأكاذيب المفتلعة شىء غريب وهى للأسف لا يملك فيها عموداً خرسانياً واحداً، وأقول له - والكلام للدكتور النشائى- إذا ما كنت تريد أن تقيم لنفسك مشروعا علميا فأقمه بمالك الخاص وفى أماكن أخرى والأرض واسعة.. وحتى إذا ما أردت أن تقيمه كذلك بأموال قطرية فلا مانع.

الدكتور النشائى المرشح لجائزة نوبل وصف كل مشاريع الدكتور زويل بالـ«صادمة» وتتسبب فى ضياع المال العام.. وفوق كل ذلك هو ظاهرة إعلامية بحتة ثم كشف فى حديثه عن مفاجأة مدوية بقوله: إن أمريكا وإسرائيل كانت تدفعان بالدكتور زويل لتولى رئاسة مصر بعد ثورة يناير.

الواضح من استقالة الدكتور حجازى ومسبباتها ما قاله الدكتور النشائى فى حق زويل أننا أمام شىء «غلط» يحدث فى مصر، ويبدو أن ثقافة جلد الذات التى نمارسها كلما نجح أحد المصريين فى الخارج والحديث المعاد والمكررعن أن هذا النابغة كان ضحية البيروقراطية والتخلف الإدارى الذى خنق إبداعه هناك فانطلق هناك، يبدو أن هذا التصور الذى له نصيب من الواقع والحقيقة قد جعلنا فى حالة رضوخ كامل لكل ما يطلب منا حتى ولو كان هذا المطلوب لا يتناسب مع أولوياتنا واحتياجاتنا، إذ إنه مع تقديرى الكامل للدكتور أحمد زويل واكتشافه المذهل عن «الفيمتو ثانية» الذى حصل به على جائزة نوبل فإننا فى حاجة إلى أشياء أولية أهم مليون مرة من هذا الوهم الذى صدره لنا زويل أو تصورناه فى عقولنا، جامعاتنا ومعاهدنا البحثية مليئة بالمئات والآلاف من الأبحاث واذهبوا إلى أكاديمية البحث العلمى وتحديدا مكتب براءات الاختراع ستجدون عشرات الأفكار التى تحل مشاكل كثيرة فى المجتمع وتبقى كلها مجرد أفكار حبيسة اللفات المكدسة فوق الأرفف.

ثم إذا كان الدكتور زويل يريد فعلا أن يخدم بلده وأنا لا أشكك فى ذلك، فلماذا لا يحذو مثل ما فعله الجراح العالمى الدكتور مجدى يعقوب الذى أقام أكبر منشأة طبية لعلاج وجراحات القلب فى أسوان دون أن يكلف الدولة مليما واحدا، ودون أن يسعى لإقامة مشروعه على أنقاض مشروع آخر قائم؟

نحن نقدر الدكتور زويل ونتمنى لمشروعه العلمى النجاح.. ولكن الدكتور زويل أيضا يجب أن يراعى ظروف بلده التى يعلمها جيدا لا أن يهدد بين الحين والآخر بأنه سيذهب إلى دول خليجية أخرى لتنفيذ مشروعه وكأنه يضغط بهذا على مكان يعرفه جيدا فى العصب الحساس للمجتمع الذى يشعر بأنه تخلف عن ركب التقدم العلمى، وأعتقد أن الدكتور زويل بكل ما حيز له من مكانة علمية وشهرة ملأت الآفاق يستطيع أن أن يوجه الدعوة لرجال الأعمال المصريين المغربين لتمويل مشروعه أو طرحه للاكتتاب العام بين المصريين، أعتقد أن الدكتور زويل لو كان قد فعل ذلك لكان هذا أفضل له ولمشروعه من أن ينظر له هكذا وكأنه من جاء ليهدم حلم إحياء فكرة الجامعة الأهلية، فى الوقت الذى لا تتوانى فيه الدولة عن مجاملته على هذا النحو الفج الذى يضرب حتى بأحكام القضاء عرض الحائط، ما هذا الذى يحدث فى مصر؟ وهل أظهر الدكتور زويل كرامات معينة تجلعنا نقول له مدد يا سيدى زويل حتى ولو دفعنا ذلك لأن ندوس فوق قرارات وأحكام القضاء؟!

■ كاتب صحفى