رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بـ«اختراق عقول الإعلاميين» تركيا تصعد حروب الجيل الرابع

أردوغان
أردوغان

كشف تقرير صادر عن شبكة "نورديك" لمكافحة التطرف عن تنفيذ تركيا برنامج لاستمالة وتجنيد شباب الصحفيين في أفريقيا وربطهم فكريا وعمليا بأهداف النظام التركي وسياسات أردوغان، لافتا إلى أنه بدا واضحًا أن أدوات التدخل الخارجي لنظام أردوغان للتوغل في أفريقيا لا تقتصر فقط على أدوات التدخل العسكري والعمل الاستخباري المباشر، بل امتدت إلى الإعلام باعتباره سلاح مؤثر في حروب الجيل الرابع لتفكيك الدول من الداخل.

وأشار التقرير إلى قيام مؤسسة تتبع الحكومة التركية على مدار عام 2019 بتنظيم دورات تدريب لشباب الإعلاميين المبتدئين وللكوادر الوسطى في مؤسسات إعلامية إفريقية منتقاه كان آخرها دورة بدأت في 21 من أكتوبر الماضى وانتهت في 12 نوفمبر 2019، وذلك في إطار ما يسمى Africa Media Representatives Training Program (AFMED) أو برنامج تدريب "ممثلو الإعلام الأفريقي" الذي شمل متدربين من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وتشاد وإثيوبيا وجنوب أفريقيا وكينيا ومالي والنيجر ونيجيريا والصومال والسودان.

وكشف التقرير إسناد النظام التركي مسئولية تنفيذ هذا البرنامج إلى سفير تركيا السابق – المثير للجدل – في جمهورية تشاد أحمد كافاز، وهو الرجل المعروف بتعاطفه الشديد مع تنظيم القاعدة الإرهابي، ويتم تدريب شباب الصحفيين الأفارقة من خلال اتحاد الباحثين الأفارقة African Researchers Association (AFAM) وهي مؤسسة يدير أنشطتها السفير التركي السابق لدى تشاد أحمد كافاز الذي يتفادى عند انتقاء المتدربين أصحاب المناصب القيادية مركزًَا على شباب الإعلاميين الطموحين للمال وأصحاب القيادات الوسطى الطموحين للمال، والمساندة أيضًا وذلك في دول بعينها تستهدف تركيا تعزيز أقدامها فيها بأفريقيا.

واعتبر التقرير أن خلفية السفير التركي أحمد كافاز – الذي أسند إليه نظام أردوغان هذا الملف – تشير إلى خطورة توليه إدارة مثل تلك البرامج التدريبية المقدمة من تركيا لاستهداف شباب الاعلاميين الأفارقة، فقد عمل السفير أحمد كافاز سفيرًا لتركيا لدى تشاد في الفترة من 2013 وحتى 2015 وفي فبراير 2013 وواجه حملة انتقاد واسعة، بعد تغريدة له على "تويتر"، قال فيها إنه: "لا يمكن اعتبار القاعدة منظمة إرهابية"، كما اتهم فرنسا بالمغالاة في تصوير الإرهاب في مالي كذريعة للتدخل هناك، بل واعتبر أن كلمة "إرهاب" هي من صنع آلة الدعاية الغربية.

كما كشف التقرير عن إسهام مؤسسة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات في تركيا المعروفة اختصارا "اى اتش اتش" Foundation for Human Rights and Freedoms and Humanitarian Relief (IHH) بدور مهم في عملية انتقاء، وترشيح المتدربين الأفارقة من شباب الإعلاميين للحضور إلى تركيا.

تجدر الاشارة إلى أن هناك إدانات موثقة قد صدرت بحق مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية من مجموعة العمل الدولية لسوريا في مجلس الأمن الدولي يثبت تورطها في أعمال تهريب أسلحة وعتاد ومواد إغاثة للعناصر المسلحة المتشددة والتكفيرية في سوريا، وكذلك لبعض الفصائل الإرهابية في ليبيا تحت غطاء العمل الإغاثي والإنساني.

ويعد حسين اوروك نائب رئيس وكالة الإغاثة الإنسانية التركية "اى اتش اتش" المحاضر الرئيسي للمتدربين الأفارقة في هذا البرنامج ممثلا لمؤسسته، وهو الرجل المعروف عنه تشدده وتعاطفه مع الحركات الجهادية المتأسلمة التي من بينها حركة "جيش بناجسمورو الإسلامية المسلحة"، والذي يعد الجناح المسلح لجبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين Moro Islamic Liberation Front MILF، كما بينت تقارير الاستخبارات الأوروبية ضلوع الرجل في تهريب أسلحة وذخائر إلى العناصر الإرهابية التي تتبع القاعدة في سوريا وليبيا، تحت غطاء أنشطة الإغاثة الإنسانية التركية.

ومن بين الداعمين لبرنامج تدريب شباب الإعلاميين الأفارقة في تركيا يظهر اسم ما يعرف بمركز التنسيق والتدريب الأفريقي التركي African Coordination and Training Center (AKEM) التابع لمنظمة "دينيز فينزبري شاريتي" التركية الخيرية Deniz Feneri charity وثيقة الصلة بمؤسسة الرئاسة التركية كذارع للتواصل مع أتراك الشتات وتجمعاتهم حول العالم وتعبئتهم كطابور خامس لخدمة الاستخبارات التركية حول العالم ورصد وملاحقة المعارضين الأتراك في الخارج لسياسات أردوغان.

وتأسست منظمة "دينيز فينزبري شاريتي" في سبتمبر من عام 2008، وفي العام الماضي أدانت محكمة ألمانية ثلاثة من عناصرها بتهمة اختلاس 18.6 مليون يورو من أموال التبرعات الخيرية المحصلة من ألمانيا وتحويلها إلى جهات تمويل غير معلومة، وتنفيذ أنشطة مشبوهة على الأراضي الألمانية للتجسس على المعارضين الأتراك المقيمين هناك كواجهة عمل للاستخبارات التركية، وتمويل أنشطتها الخارجية تحت غطاء جمع التبرعات من أثرياء أوروبا الضعفاء والمنكوبين فى العالم الإسلامي.

وكان ذلك يتم بدعم من حملات إعلانية مكثفة تتم إذاعتها عبر القناة التليفزيونية التركية السابعة التى تمتلكها عائلة "البيرق" التي تعد أكبر العائلات التركية الداعمة لحزب العدالة والتنمية التركي وذات الصلة الوثيقة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أن بيرات البيرق زوج ابنته هوسليل تلك العائلة.

ورصدت جهات التحقيق الألمانية التي حظرت نشاط تلك المنظمة المشبوهة على أراضيها 200 واقعة جمع أموال عبر عناصر تلك المنظمة التركية خلال الفترة من مطلع عام 2002 وحتى أبريل 2007 تحصلت فيها على 41 مليون يورو.

وتلعب وكالة "الأناضول" التركية للأنباء التي تديرها الحكومة التركية دورا مهما في تفعيل برامج التواصل مع شباب الإعلاميين في إفريقيا واستمالتهم إلى أنقرة، وتجنيدهم للعمل لحساب تركيا في بلدانهم بعد عودتهم "مغسولي العقول" في اسطنبول، حيث يتم تدريبهم في استديوهات هيئة الإذاعة والتلفزة العامة التركية "TRT"، ومؤسسة "معارف" التركية للتدريب والثقافة Maarif Foundation، وعلى مدار دورات التدريب التي تستغرق 3 أسابيع لكل دورة بإجمالي 200 متدربًا في الدورة الواحدة، يتم تلقين المتدربين أهداف السياسة الخارجية التركية وأوجه "دبلوماسية العمل الإنساني للأتراك" وموضوعات متعددة في التناول الإعلامي لقضايا السياسة والاقتصاد.

كما لم يغب عن مصممي برنامج التدريب تعليم المتدربين الأفارقة مسائل متعلقة "بجمع المعلومات" و"استمالة المصادر"، و"الحملات الإلكترونية"، وتوظيف وسائل التواصل الإعلامي والتصوير وجميعها كما يقول التقرير مهارات لا غنى عنها للقائمين على تنفيذ حروب "الجيل الرابع "، كما لم يغب عن وضع برامج تدريب تركيا لشباب الإعلاميين الأفارقة إعمال عقولهم بشيء من الترفيه والسياحة وجوانب الاستمالة الحسية الأخرى.