رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حُلم التتريك الأردوغانى الضائع


ضاع حُلم التتريك الأردوغانى، بعد أن ثار الشعب المصرى على الإخوان يوم 30 يونيو، لم يكن رجب طيب أردوغان يعلم أن حلمه العثمانى يتبدد من بين يديه سريعا، وهو الذى حلم بمنصب الخلافة، بعد أن يعتلى الإخوان عروش الدول العربية المؤثرة،

وعلى رأسها الدولة المصرية بميراثها التاريخى والثقافى، فأراد أردوغان أن يبدأ من حيث انتهى خلفاء بنى عثمان، حركة تتريك واسعة، بإعلام مقصود منه أن تدخل الدول العربية بيت الخلافة العثمانى الجديد، ولكن ثورة المصريين بالملايين الثلاثين أذهبت رشده، فتخلى عن كل أدب أو أصول أو أخلاق، فراح يهذى يسب ويلعن كل المصريين، العوام والأزهر والجيش والشرطة، فى سابقة لم تحدث بين أى أعداء، وهو كما قال مستشار رئيس مصر الإعلامى أحمد المسلمانى: إن أردوغان ضحل الثقافة، ولو لم يكن ضحل الثقافة ما قال ما قاله.

هو يخشى على نفسه وحزبه وأهله وعشيرته، فراح يعدل فى دستور بلاده ليحد من نفوذ العسكريين الأتراك، حتى لا يظهر عبدالفتاح السيسى فى تركيا، ولأنه فقير الثقافة، لم يقرأ تاريخ الدولة العثمانية التى استبدت باسم الدين، وفرغت الدول العربية من كل شىء، فكان الاحتلال العثمانى أسوأ أنواع الاحتلال، لقد قال السلطان سليمان القانونى «إن أرض مصر ملكى وأهلها مزارعون عندى»، فمنع تملك المصريين أرضهم، ولم يتملكوها إلا فى عصر محمد على، فحق للمصريين أن يهتفوا من أعماق قلوبهم «يا رب يا متجلى أهلك العثماللى».

وعندما صارت تركيا تعيش داخل حدودها، لم يحدث احتكاكات معها، ولكنها اليوم تريد التدخل باسم الدين من أجل دنيا الأمريكان والصهاينة، تريد إفقار الشعوب العربية كما فعل أسلافه، فى محاولة لتتريك الثقافة العربية والمصرية، ولكنه فشل وضاع حلمه، وصارت تركيا أقرب للتمصير من تتريك مصر.

لقد عرفت الدول العربية والإسلامية الخلافة التى يرأسها خليفة عربى، وبالتحديد قرشى، فكانت الدولة الأموية فالعباسية فالفاطمية، وعندما سقطت الدولة العباسية التى كان المماليك يحكمون باسمها، وتنازل آخر خلفاء العباسيين المتوكل على الله لأول خلفاء العثمانيين سليم الأول عام 1516 بعد هزيمة قنصوة الغورى فى معركة مرج دابق، حتى بدأت الخلافة العثمانية تتريك الولايات العربية بدلاً من تعريب الخلفاء الأتراك.

وصار الجنس التركى مميزاً ومتفوقاً على العرب، وصارت كلمات أفندم وعفارم وخرسيس أدب سيس وفلاح خسيس من المفردات التى دخلت اللغة العربية غازية مثل أصحابها، ولم لا؟، وسليم الأول عندما رحل عن مصر سرق معه كل شىء، يروى ابن إياس فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور» أنه لدى خروج سليم الأول من مصر أخذ معه كميات كبيرة من الكنوز والأموال، كما يُروى أنه لدى احتلاله للقاهرة نقل أمهر فنانيها وحرفييها إلى الأستانة، فأفقر مصر، فى سابقة يندى لها الإسلام والمسلمون، واليوم انهار أردوغان وراح يعوى، ولكن عواءه يروح أدراج الرياح، ونعتقد أن الحكومة المصرية الوطنية لن تسكت على تطاوله بعد اليوم، ونحن ننتظر.

■ كاتب