رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى الرئيس القادم: العدل أساس الملك


ختاما.. إن الجماعة التى تتهم بخيانة الوطن لا يمكن أن يثق فيها الشعب مرة أخرى سواء فى حكم البلاد أو الانتخابات البرلمانية ولا حتى المحلية.. وحتى تعود الأمور لنصابها.. وأنصح أهلنا من أنصار د. مرسى أن يرجعوا قادتهم ويحاسبوهم على هذا الجرم قبل أن يشتعل الوطن ولحظتها سيكون الأوان قد فات.

إن العين لتدمع والقلب ليدمى دماً عندما أسمع أو أشاهد أى مصرى أو مصرية قد زهقت روحه إلى بارئها بسبب ما نمر به من أحداث لا تخدم إلا أعداء الوطن.. فلو رجعنا إلى الأيام الأولى لثورة 25 يناير العظيمة لأيقنا أن هذا الشعب الكريم لا يطمح سوى فى رئيس يتقى الله فيه.. رجل يستطيع أن يؤلف بين قلوب المصريين لا أن يفرقهم ويقسمهم إلى شيع وأيديولوجيات ومذاهب واتجاهات وأهداف وانتماءات.. رجل له رؤية واضحة للمستقبل ودراية كاملة بالماضى القريب والبعيد لشعبه وأرضه.

رجل يختار حكومة وطنية من الكفاءات وليست من أهل الثقة.. نعم مصر تحتاج إلى رجل وطنى يهتم بفقيرها قبل ثريها بمريضها قبل سليمها.. مصر تحتاج لحاكم عادل لا ينام إلا بعد أن يأكل الجائع ويأمن الخائف... حاكم لا تلتف حوله الشبهات أو الاتهامات بالخيانة العظمى لبلاده.. حاكم يحرص على صياغة دستور يرضى كل فئات المجتمع وانتخابات برلمانية نزيهة حرة تحت إشراف قضائى حقيقي.. حاكم يحبه الرأى العام القائد والمثقف الواعى وكذلك المنقاد..حاكم يبعد عنه «المصلحجية» من رجال الأعمال وترزية القوانين و«الهليبة» وحملة المباخر.. حاكم يقبل أن يكون له نائب يختلف معه حينما يخطىء حفاظا على المصلحة العامة.. لا أن يكون «دلدولا».. حاكم محدود الصلاحيات وليس فرعونا يحصن قراراته وإن كانت ظالمة أو تافهة.. حاكم يقبل برضا خاطر تداول السلطة ومحاسبة نفسه.. حاكم يلتزم بمواد الدستور فيما يخص ولايته ويخضع لإدارة الشعب إذا أنكر عليه هذه الولاية.

نعم.. مصر بحاجة إلى حاكم يعرف قيمتها ويقدر ظروفها وموقعها ومطامع الغير فيها.. حاكم قوى وقت الحاجة ولين عندما تفرض عليه الظروف ذلك.. حاكم يجئ برغبة ثورية حقيقية وليس ممن يركبون الموجة.. حاكم لا يكون انتماؤه إلا للشعب فقط.. حاكم لا يفرق بين شخص وآخر بسبب الأهل أو العشيرة أو الدين أو العرق أو اللون.. حاكم مصرى حتى الجدين المائة ولا تحمل زوجته أو أولاده أى جنسية أجنبية... حاكم يعرف كل صغيرة وكبيرة عن الشأن الداخلى والخارجى للمحروسة.. حاكم يعشق العروبة ويحطم على صخرتها المشاريع الصهيونية الأمريكية يتقدمها مشروع «الشرق الأوسط الكبير» حاكم يستطيع التصدى لماما أمريكا ويقول لإدارتها «لا تتدخلوا فى شئوننا».. وللإسرائيليين «لا تعبثوا بحدودنا».

نعم مصر تحتاج لحاكم يضعها فى مصاف الدول العظمى مثلما فعل من قبل الضابط الألبانى الأصل محمد على باشا.. حاكم لا يخشى فى الحق لومة لائم.. حاكم يلتف حوله الشعب فى السراء والضراء... حاكم لديه القدرة على اتخاذ القرار فى الوقت المناسب وعلى معالجة مشاكل مصر فى أقرب وقت ممكن.. حاكم يفهم ويقدر معنى تراثنا الأثرى والعلمى والتاريخى والجغرافى والفني.. حاكم يطلق عليه الشعب لقب «الزعيم» تماماً مثلما كان حبيب الشعب جمال عبدالناصر.

نعم.. المحروسة بحاجة لزعيم بمواصفات خاصة يعيد لها هيبتها التى أضاعها النظام السابق.. زعيم لديه القدرة والكاريزما لحفظ الحقوق التاريخية لمياه النيل لمصر.. زعيم يحقق للشعب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. زعيم يعيد للمصريين أرضهم وأموالهم من اللصوص.. زعيم لديه أجندة وطموحات وأفكار لمشاريع مثل السد العالى وتأميم قناة السويس والإصلاح الزراعى ومجانية التعليم التى تركها لنا «عبدالناصر».. زعيم يعمل بحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ اللهم أحينى مسكينا.. وأمتنى مسكينا.. واحشرنى فى زمرة المساكين.

نعم.. مصر تستحق زعيماً فى لين وشدة سيدنا أبو بكر.. وعدل الفاروق عمر بن الخطاب.. وحلم عثمان بن عفان.. وحكمة وحياء على بن أبى طالب.. وزهد عمر بن عبدالعزيز ـ رضى الله عنهم أجمعين ـ والسؤال المطروح بعد هذا الوصف المبالغ فيه -ربما- لحاكم مصر القادم هو: من يا ترى يجد فى نفسه تلك الصفات ممن يطمحون للفوز بهذا المنصب؟؟ أعتقد أنه حتى هذه اللحظة لم نشاهد هذا الشخص على الساحة السياسية.. ليه؟؟ لأن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك حرص كل الحرص منذ منتصف الثمانينيات على اتباع سياسة «تجفيف المنابع» يعنى كلما وقعت عينه على شخص يجتمع على حبه أغلبية الشعب.. كان على الفور يعمل بنصيحة الحجاح بن يوسف الثقفى حينما قال «إنى أرى رءوساً قد أينعت وحان وقت قطافها».. معنى كده أن مفيش فايدة فى حاكم ينقذ مصر مما ابتليت به على يد مبارك والإخوان؟.. لا طبعا فيه أمل.. وأمل كبير جدا.

فى الوقت الراهن هناك مطلب شعبى جارف لترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع ـ والقائد الأعلى للقوات المسلحة أقول الأعلى وأعنى ما أقول - لمنصب رئاسة الجمهورية- بعد تقاعده من القوات المسلحة عام 2014.. وهنا يطرح السؤال نفسه: وهل السيسى يتمتع بكل ما ذكرناه فى هذا المقال؟ لأ طبعا.. لكنه كشف عن جوانب فى شخصيته لا يمكن إهمالها.. إيه هى؟ وطنيته الأصيلة فى الحفاظ على تراب الوطن.. استجابته لرغبة 33 مليون مصرى لعزل الرئيس محمد مرسى بعد عام من حكمه الظالم.. تصديه بكل حزم وحسم لأعداء الوطن فى الداخل والخارج.. قسمه بأن القوات المسلحة لم تخن ولم تأمر بخيانة.. ولم تغدر ولم تأمر بغدر.. ولم تقتل ولم تأمر بقتل.. كذلك تأكيده على أن «مصر أم الدينا وهتبقى قد الدنيا».. من أجل ذلك وغيره نجد الشعب قد عقد آماله على أن يتولى هذا الرجل رئاسة مصر على الأقل فى هذه الظروف العصيبة.

كلام جميل وراجل محترم يستحق كل خير.. لكن المشكلة التى ستواجه «السيسي» فى بدايات حكمه هى الرفض من أنصار د.مرسي.. وهنا يجب توضيح بعض الأمور لأهلنا سواء أكانوا من الإخوان أو من أنصارهم.. ما ردكم على اتهام الرئيس المعزول بالخيانة العظمى للبلاد؟؟.. وهل وجهت هذه التهمة لأى رئيس مصرى قبل ذلك؟؟.. طيب بلاش دي.. ما قولكم فى اتهام د. مرسى وقادة الجماعة بالتخابر ضد مصر فى قضية وادى النطرون؟.. وهل يا معشر الإخوان ترضون للعمليات الإرهابية التى تحصد حاليا أرواح الأبرياء فى سيناء وبقية المحافظات؟.. وهل يعقل أن يحرض مرشد الجماعة أنصاره على الصدام بالشعب والجيش والشرطة؟.. وما تفسيركم على استعانة التنظيم الدولى للإخوان بالأمريكان والأتراك والأوروبيين ضد مصر وشعبها؟!!

تلخيصا وسط هذا الجو المشحون بالإرهاب والكراهية والانتقام بين أبناء الشعب الواحد أسأل رجال ونساء وشباب وشابات الجماعة: هل ترضون لمصركم الحبيبة هذا الوضع المأساوي؟!.. وهل فاتكم أن الشعب الذى قام بثورة 25 يناير لعزل الرئيس الأسبق حسنى مبارك - بدونكم طبعا فى بداية الأمر-.. هو نفسه الشعب الذى احتشد لعزل د. مرسى بعد عام من حكمه الفاشل؟!.. فإذا كان الأمر على هذا النحو.. فلماذا تتركون بيوتكم وتهملون شئونكم لمناصرة قادة الباطل الذين يزرعون الفتن فى كل شبر على هذه الأرض المباركة.

■ كاتب صحفى

yahoo.com@ـ221 mabdeen