رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فؤاد يكتب: الأحوال الشخصیة.. تاریخ الصراع

جريدة الدستور

أخذوا البیت، أخذوا الغیط، ولم یتبق سوى الأولاد سیأخذونهم، هل هذا كلام؟!، ماذا تبقى للرجل فى مصر؟.. أن أظل محرومًا من ابنى أو أظل أراه فى قسم البولیس أو فى مقر الحزب الوطنى أو فى نادٍ حتى سن الرشد هذا لا یرضى الله، لا یرضى الله.. «طلعت السادات ٢٠٠٥».
هذا المشروع بقانون سبق أن اُقترح بمجلس الشورى عام ١٩٩٨ واُتفق بعد مناقشات على أن یقتصر التعدیل على الناحیة الإجرائیة فقط وأرسل إلى مجلس الشعب ثم اختفى المشروع لمدة عام وأكثر لم یظهر إلى الوجود إلا فى دیسمبر سنة ١٩٩٩ بعد أن امتدت إلیه ید المنظمات النسائیة وأضافت إلیه ١٨ مادة موضوعیة.. «یاسین سراج الدین ٢٠٠٠».
تلك الكلمات من واقع مضابط تعدیلات ومناقشات قوانین الأحوال الشخصیة التى تعرضت لعدة تعدیلات وأضیفت إلیها تشریعات جدیدة، فالأحوال الشخصیة ینظمها فى مصر قانون ٢٥ لسنة ١٩٢٠ وقانون ٢٥ لسنة ١٩٢٩، وتعرضت تلك القوانین لتطورات تشریعیة على مدار المائة عام الماضیة وصلت إلى ٦ تعدیلات أبرزها موضوعات: الخلع- نفقة المتعة- قواعد تقدیر نفقة الزوجة- رفع سن الحضانة- الرؤیة- الحق فى المسكن.
وباسترجاع المضابط وجدنا أن الخلاف الحالى على البنود الخلافیة وهى «الرؤیة وموضوعات الحضانة كالسن والترتیب»، هو خلاف أزلى، بینما لم یحدث ذلك الخلاف فى النفقات، وأقر الجمیع بضرورة ضبطها، والآن أیضًا یُقر الجمیع بضرورة محاولة ضبطها بشكل أفضل، وبینما حسمت الخلافات أثناء المناقشات فى وضع قواعد لكن فى النتیجة النهائیة لم تُحسم بشكل مناسب بتطبیق تلك القواعد التى وضعت، فقد أقر الدكتور فتحى سرور، رئیس المجلس فى حینه أن المجلس حریص كل الحرص على الالتزام بالدستور فى المادة الثانیة، حیث احترام مبادئ الشریعة الإسلامیة، مؤكدًا أن هناك خلافًا أثیر حول آراء الفقهاء ولكن التزم المجلس بما قررته المحكمة الدستوریة العلیا حول المقصود بمبادئ الشریعة الإسلامیة، وهو ما ورد بالقرآن والسنة من مسائل یقینیة قطعیة، وأن الاجتهاد مقصور على الأحكام الظنیة، ولهذا فإن المجلس التزم بما ورد فى القرآن والسنة فى شأن الأحكام القطعیة، ولكن هذا ما لم یحدث عملیًا ویتجلى ذلك فى أن القوانین سالفة الذكر كان الرأى الأساسى فیها هو الأزهر، بینما كان الأولى هو دخول الطب النفسى والاجتماعى فى الرأى، لأنها من الأمور الخلافیة ومن الأمور غیر قطعیة الثبوت بالقرآن والسنة، وبالتالى كان الاجتهاد مطلوبًا فیها وفقًا لرؤى المجتمع والخبراء، ووفقًا لما أقره المشرع ومجمع البحوث الإسلامیة فى عدة مواضع ومنها الحضانة أنها أمور ذات اختصاص تشریعى واجتماعى، ولكن ما أُخذ به هو الاجتهاد الدینى ولیس المجتمعى، فتلاحظ إغفال مشاركة الأطباء المتخصصین فى مثل تلك التعدیلات القائمة على «مصلحة الطفل والأسرة» كالطب النفسى والاجتماعى. وتلاحظ غیاب واضح للدراسات المقارنة فى قوانین البلدان الأخرى فى شأن الأحوال الشخصیة.
لذلك من الواجب علینا أن نعید النظر وأن نتلافى أخطاء الماضى وننظر لقوانین الأحوال الشخصیة بنظرة مختلفة، فنحن نجد أنفسنا حتى یومنا هذا یتعامل البعض منا مع الأمر وكأننا ما زلنا نبحث عن رأى الشرع!، فنجد أنفسنا ننتظر رأى الأزهر وكأننا بصدد تناول أمور لم نقتلها بحثًا ولم نفصل فیها من قبل عدة مرات، واستدللنا بما لا یدعو للشك أنها أمور ظنیة بحتة تنظمها أفرع أخرى من علوم الحیاة، فعلینا ألا نكتفى فقط بنظرة دینیة منفردة ولا نظرة حقوقیة لطرف واحد، فالأحوال الشخصیة تمس الأسرة بكاملها، والطفل هو العنصر الرئیسى فیها، فكیف لنا أن نمر مرور الكرام على مقولة الدكتور فتحى سرور، رئیس مجلس الشعب آنذاك، أثناء إقرار تعدیل سن الحضانة فى ٢٠٠٥ التى تؤكد النظر إلى قانون الأحوال الشخصیة فى السابق، وكأنه مكتسب لطرف معین حینما قال «أُعلن موافقة المجلس نهائیًا على الاقتراح بمشروع القانون وتهنئة المرأة باكتساب حق جدید».
یا سادة الأحوال الشخصیة لیست مكتسبًا أو مغنمًا، یا سادة إنها قضیة وطن. وللحدیث بقیة.