رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضاء حوائج الناس .. أولى من حج النافلة


لا شك أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة التى لا يكتمل إسلام المرء إلا بأدائه، يقول عز وجل: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا) .. ولقد أخبر النبى أن فريضة الحج واجبة في العمر مرة واحدة، فمن زاد على ذلك فهو تطوع، قال النبي- صل الله عليه وسلم:
(أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله، فسكت حتي قالها ثلاثاً، فقال النبي: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم) وذلك تيسيرًا من النبي على الناس، ورفعاً للمشقة والعنت عنهم، قال تعالي:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وينبغي على المستطيع أن يعجل بحج الفريضة، عملاً بقول النبى- صل الله عليه وسلم: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة وتعرض الحاجة).

وسبحان من جعل القلوب تشتاق وتهفو إلى زيارة بيت الله الحرام حجًا أو عمرةً، مصداقًا لقول عز وجل على لسان إبراهيم عليه وسلم: (فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم)، وقد يسعي كثير من الناس بتكرار الحج أو العمرة رغبة منهم في تحصيل الأجر والثواب مرددين قول النبي- صل الله عليه وسلم :
(تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة).

ولم يفقهوا أن قول النبي- صلى الله عليه وسلم مرتبط برعاية مقتضي حال الأمة والمجتمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فإذا كان المجتمع في سعة من العيش وكان اقتصاد الوطن قوياً ليس في حاجة إلي من يدعمه، وليس بين أبناء الوطن جائع ولا عار لا يجد ما يستر عورته، أو مريض لا يجد ما يتداوى به، فليحج وقتها كيفما شاء، أما إذا كانت الأمة في وضع اقتصادي يقتضي التعاون والتكاتف، كإطعام الجائع، وكسوة العاري، ومداواة المرضي، وسد ديون الغارمين والغارمات، فإن ثواب ذلك يكون أكبر ثوابًا وأعظم أجراً من حج النافلة وتكرار العمرة .

وقد ثبت عن النبي- أن حج مرة واحدة، وهى حجة الإسلام أو حجة الوداع.
يقول النبي : (ليس منا من بات شبعان وجاره جائع).

وانطلاقًا من هذا الفهم المقاصدى لأوامر الدين الحنيف، وترتيبًا لفقه الأولويات، لا بد أن ندرك أن تقديم قضاء حوائج الناس والمجتمع أولى من تكرار الحج والعمرة، لأن قضاء حوائج الناس رغب الإسلام فيه، قال النبي- صلى الله عليه وسلم :
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) .
وعن أبي هريرة- رضى الله عنه قال : سُئل النبي أى الأعمال أفضل؟ قال: أن تدخل علي أخيك المسلم سرورًا، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزًا) .
(وعن عبد الله بن عمر أن رجلاً جاء إلى النبى فقال : يا رسول الله؟ أى الناس أحب إلي الله؟ وأي الأعمال أحب إلي الله ؟:
فقال النبي: أحب الناس إلي الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله علي مسلم، أو تكشف عنه كربه، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشى مع أخ لى فى حاجة أحب إلى من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه : ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشي مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام) .
وقد قال الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز: الأفواه الجائعة أولى بالصدقات من بيت الله الحرام ..
ولله در القائل :
لقمة فى بطن جائع، خير من بناء ألف جامع..