رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقوال من الجاهلية أو الفتنة


شاركت فى برنامج «صح النوم»، بقناة النهار مع الإعلامى اللامع محمد الغيطى مساء يوم الخميس 20/6/2013. وفى تعليق بل وشرح للدكتور صفوت حجازى عن مقولته التى انتشرت كثيراً «اللى هيرش مرسى بالميه هنرشه بالدم»، التى قالها مع الإعلامى الظريف محمود الوروارى فى قناة العربية من أسبوع تقريباً، حاول الشيخ فى التعليق، تبرير تلك المقولة وما تعنيه لغوياً، كمثل يضرب فى الفلاحين، ولايعنى الرش بالدم فعلا .

شرحت للمشاهد أن هذا الكلام يتعارض مع قوله تعالى « وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِى ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ».

والعلماء لا يستشهدون بأقوال تخالف ما عليه المرجعية الصحيحة، وهذا يجب أن يكون محور كلام العالم والداعية، لايحتمل معانى تثير الخلاف . فى ظنى وقراءاتى أجد أن هناك لمسات جاهلية فى بعض أقوال بعض الإسلاميين يمكن أن نسميها سقطات لسان، ويجب الاعتذار عنها حتى لا تخدع الآخرين، قد نتوقع هذا من بعض من لم يدرس أو يحمل المشروع الإسلامى أو يتصدى للدفاع عنه، ونعذره ونشرح له الصواب إن كنا نعرفه، ونتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحاور المشركين ويقول لعميدهم : أفرغت ياأبا الوليد ؟ ويقول القرآن على لسانه صلى الله عليه وسلم «وإنا أو اياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين»، بعيداً عن الاستعلاء وروح الجاهلية .

إن حديث بعض الإسلاميين يعكس روح الجاهلية ويضر بالمشروع الإسلامى أبلغ الضرر، من هذه الأقوال ما قاله بالنص أيضاً الشيخ صفوت حجازى من أن الدكتور مرسى جاء إلى الحكم بانتخابات حرة نزيهة ولذلك فهو يرى ضرورة إلقاء القبض على كل من ينادى بإسقاط مرسى، والتسجيل موجود ممكن الرجوع إليه، وقد نسى الدكتور صفوت أن نتائج الصندوق معها عقد اجتماعى بين الحاكم والمحكوم، لم يستطع مرسى أن يفى بشروط هذا العقد، أما إلقاء القبض على كل من ينادى بإسقاط مرسى، فهذا مخالف حتى للنظام الديمقراطى الذى دفع بمرسى إلى مقعد الرئاسة .

من أقوال الجاهلية أيضاً ما قاله المهندس عاصم عبد الماجد : أرى رءوساً قد أينعت وحان قطافها، وقوله: أرواحنا فداء الشرعية، ثم :«قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار». وهذه الأقوال تذكرنى أيضاً بما استشهد به الشيخ صفوت حجازى فى البرنامج المشار إليه سابقاً بموقعة بدر الكبرى، واختلاف رؤى الصحابة حول التعامل مع الأسرى، أيها المسلمون، أيها الإسلاميون يجب أن يكون الاستشهاد فى محله، لاعلاقة بمشهد اليوم فى مصر بغزوة بدر الكبرى، نحن فى خلاف سياسى وفق نظام ديمقراطى مستورد لا علاقة له بما يسمى الشرعية ذات العلاقة بالشريعة كما يفهم المواطن، ومن ثم فإن مفاتيح الجنة والنار ليست فى أيدى البشر حتى يحكم بأن قتلى فريق فى الجنة وقتلى فريق آخر بالنار، إلا عند القتال مع الكفار.

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار». وأوضح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكمة فى ذلك، فى أن كلاً من القاتل والمقتول كان أحرص على قتل صاحبه.

وهنا أيضا فإن الرءوس التى أينعت وحان قطافها كلام لا محل له من الإعراب وهو من الجاهلية، وهو للإرهاب الذى اعتادته للأسف الشديد بعض أصوات شاذة ومنهم من هو مريض نفسياً، ولكنهم يتصدرون المشهد للأسف الشديد، ويسكت عن هذه الأقوال بعض من نادوا بالوسطية طويلا، بل إنهم يشاركون فيها بالسكوت الذى يشوه صورة المشروع الإسلامى .

استمعت وأنا فى قناة النهار إلى تعبير عن رؤيتين من علماء ومشايخ يرون فيها أن مرسى سيستمر فى الحكم 8 سنوات لأن صاحب الرؤية رأى 8 حمامات تقف على كتف مرسى، ورؤية أخرى قال صاحبها أن رسول الله صلى الله علية وسلم قدّم مرسى للصلاة فى الرؤية. لم أجد رداً على هؤلاء الإسلاميين من أصحاب الرؤى، أبلغ مما كتبه الإمام البنا فى الاصل الثالث من أصول فهم الإسلام فى رسالة التعاليم عندما كتب يقول : «وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله فى قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه».

أعاذنا الله من الجهل والجاهلية وسوء التأويل، والإغترار بالقوة والاستهتار بالدماء وحرمتها، وضعف الإنصاف، ورفض النقد الموضوعى واعتباره هجوماً، وهذا منطق الجاهلية الذى يعبر عنه الشارع العربى تعبيراً جميلاً فيقول :

ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدرا وطينا

إذا بلغ الفطام لنا رضيع تخر له الجبابر ساجدينا

لماذا ياعاصم ترى رءوساً قد أينعت؟ ما موقفك من هذا النظام الفاشل الذى وعد فيه الرئيس فأخلف وعوده ؟ أم أنك تقول ذلك القول بالنيابة ؟ لافرق عندى بين منطق بوش ومن يتعلم من بوش المنطق نفسه ويمارسه على الوطن، الذى ينزف بسبب تلك الجاهليات فى القول . المنطق المعوج لايأتى بخير أبداً، والتشدد يحسنه حتى الجهلاء، ولكن الوسطية التى يدعو إليها الإسلام هى ما ننشده جميعاً مع احترام حقوق المواطنة.

والله الموفق